responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 431

الراجح لما علم من إجماع الصّحابة و السّلف في الوقائع المختلفة على وجوب تقديم الراجح من الظّنين و عنه أيضا في موضع آخر من تفتش عن أحوالهم و نظر في وقائع اجتهاداتهم علم علما لا يشوبه ريب أنّهم كانوا يوجبون العمل بالراجح من الظنّين دون أضعفهما و عن المختصر ما يقرب من ذلك و يمكن استفادة عدم الخلاف من المعالم و أمثاله حيث قال إنّ التعادل يحصل من اليأس عن الترجيح بكلّ وجه لوجوب المصير إليه أولا عند التعارض و عدم إمكان الجمع و أرسله إرسال المسلمات و لم ينقل فيه خلافا و ظاهره كما ترى اتفاق العلماء على ذلك خصوصا بعد تعرضه لخلاف بعض أهل الخلاف في التخيير مع التعادل و عدم تعرفه هنا (و الحاصل) أنّ الوقوف في إثبات الإجماع محققا و منقولا قولا و فعلا مبالغة في إيضاح الواضحات خصوصا العملي منه نعم ليس في هذه الإجماعات ما يحكي عن فتوى الصّحابة و العلماء كلّها حاكية عن علمهم و هو يكفي في المقام و ليس دون الإجماع المنقول الاصطلاحي في الاستدلال هنا لأن المسألة و إن كانت أصولية إلاّ أنّها من المسائل الشرعيّة العملية دون العقلية أو اللّغويّة و الإجماع في المسائل العملية مطلقا نافع بل كلّ دليل معتبر ينفع في أمثال المقام كما هو محقّق في محلّه ثم إنّ معاقدها يعمّ جميع الأدلّة الظنّية إلاّ الأوّل المحكى عن المبادي فإنّه مختصّ بالأخبار و لا يبعد دعوى الإجماع على عدم الفصل بين الأدلّة المعتبرة الشرعيّة و ما في المعالم من انحصار وجوه التراجيح في الأخبار لانحصار الأدلّة الظنية فيها عندنا منظور فيه لأنّه إن قال بحجيّة الأخبار لدليل الانسداد كما بني عليه في المعالم فلا وجه لانحصار الأدلّة الظنية فيها كما لا يخفى و إن قال بها لقيام الدليل على حجيتها بالخصوص ففي الانحصار أيضا نظر لأن ظواهر الألفاظ أيضا من الظنون الخاصّة إلاّ أن يمنع ذلك كما يقتضيه بعض تحقيقاته في حجّية الكتاب نعم ما عدا الأخبار و ظواهر الألفاظ ليس عندنا من الأدلّة فلا يأتي فيها مسائل الترجيح كما لا يأتي فيها حكم التخيير مع التساوي‌

الثّالث أنّ العدول من الرّاجح إلى المرجوح قبيح عقلا

بل ممتنع قطعا فيجب العمل بالراجح لئلا يلزم ترجيح المرجوح على الراجح استدلّ به جماعة من الأعلام من الخاصّة و العامة كما عن النهاية و التهذيب و المبادي و المنية و غاية المبادي و غيرهم بل في الرّسالة أيضا الاستدلال به في ضمن كلام له فيما يأتي (أقول) بداهة العقل قاضية بأنّ السّالك إذا كان له طريقان إلى مقصده و كان أحدهما أرجح من الآخر من حيث الإيصال إلى المقصد اختار الرّاجح و لم يعدل عنه إلى المرجوح إلاّ لداع آخر خارجة عن المقصد و لو فعل لذمه العقلاء و قبحوه و مع انضمام الدّواعي الخارجة يخرج المرجوح عن كونه مرجوحا و هذه القاعدة ممّا استدلّوا بها في كثير من المسائل الشرعيّة فقد استدلّ بها أهل التحسين و التقبيح في علم الكلام لإثبات إمامة الأفضل و في حال انسداد باب العلم لإثبات حجّية الظنّ لما في تركه من العمل بالموهوم المرجوح و كثيرا ما يستدلون بها في بعض مسائل الفقه و التحقيق أنّ هذه القاعدة إمّا أن تلاحظ في فعل المكلّف أو تلاحظ في فعل المكلّف أعني الشارع فإن أرادوا إجراءها في فعل المكلّف بأن يقال إنّه لو لم يعمل بالظّن و هو في مقام الامتثال بل عمل بالموهوم لزم ترجيح المرجوح على الراجح ففيه أن الكلام في جوازه شرعا بعد فرض إمكان وقوعه لمرجحات خارجية نفسانية و حينئذ يخرج المرجوح عن كونه مرجوحا فيحتاج المنع إلى دليل آخر غير هذه القاعدة و لو فرض الكلام فيما لم يكن هناك مرجح خارجي امتنع صدوره و لا يحكم بجوازه و لا بامتناعه شرعا إذ الأحكام الشرعية لا تتعلق بالممتنعات نعم على فرض المحال يحكم بقبحه عقلا لكن القبح العقلي في مسألة العمل بالظّن لا يستتبع حكما شرعيّا بالملازمة لأنّ العمل به مع الانسداد قسم من أقسام الإطاعة و مخالفته داخل في المعصية و قبح المعصية كحسن الإطاعة لا يستلزمان حكما شرعيّا بل حكما إرشاديا لما تحقق في محلّه من أنّ قاعدة التطابق أي الملازمة بين الحكم العقلي و الشرعي تابعة للموارد فقد يثبت بها الحكم الإرشادي و قد يثبت بها الحكم الشرعي فلا بدّ من قابلية المحلّ لعروض الحكم الشرعي و تفصيله موكول إلى محلّه نعم لو فرض هذا المحال في التخيير الواقعي الشرعي أو العقلي بأن كان أحد فردي الواجب المخير أرجح في نظره من الآخر لرجحان شرعي أو عرفي و لم يعارضه غرض نفساني في الفرد الآخر أمكن إثبات الحرمة من هذه القاعدة لكن محالية الفرض تخرجه عن مقاصد الأصول و إن أرادوا إجراءها في فعل المكلّف أي الشارع كما في باب الإمامة فإحراز صغرى هذه القاعدة أعني مرجوحية أحد الفردين عنده يحتاج إلى الدليل فإن كان عليها دليل أغنى ذلك الدليل عن هذه القاعدة و إلا فالصّغرى ممنوعة ففي التخيير الظاهري كمسألة حجّية الظّن و مسائل التجري في مقدّمات العبادات إن قام الدليل على كون أمر الشارع بالعمل بالمرجوح قبيحا عنده أغنانا عن هذه القاعدة و إلاّ فصغراها غير محرزة فكيف يستدلّ بها على حجيّة الظن توضيحه أن المستدلّ بها يقول إن العمل بالظن أرجح و العمل بالوهم الموهوم مرجوح فترخيص الشارع في العمل به قبيح لكونه ترجيحا للمرجوح على الراجح و نحن نقول إن أردت العمل بالموهوم مرجوح عند المكلف فالصغرى و الكبرى كلتاهما مسلّمتان لكنّهما غير منتجتين للمقصود و هو حرمة العمل بالموهوم لأنّه لا يختار الموهوم إلاّ لمرجح خارجي عنده فيخرج به الموارد عن مجرى القاعدة و إن أردت أنّ العمل به مرجوح عند الشّارع فلا يرخّص فيه فالصّغرى ممنوعة إذ يجوز أن يكون العمل به راجحا عنده لسبب لا نعلمه فيحتاج إثبات كونه مرجوحا عنده إلى دليل من عقل أو نقل و معه‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 431
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست