responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 428

الوجوب مقابل التخييري من إطلاق الأمر و الطلب لا من حاق مدلوله فاللاّزم هو الجمع بينهما بالتخيير الواقعي لكن هذا في غير الواجبات لا يتأتى بل لا بدّ فيه من التعارض و لكن ليس ببالي ما حكموا فيه بالتخيير الظاهري لتعارض الأخبار

المقصد الثالث في الترجيح‌

[الكلام في تعريف الترجيح‌]

و هو لغة كما عن العضدي جعل الشي‌ء راجحا و اصطلاحا اقتران أحد المتعارضين بما يقوى به على صاحبه هذا هو المشهور بينهم على اختلاف عباراتهم في تعريفه و عرّفه في الرّسالة وفاقا للزبدة بتقديم أمارة على أخرى في العمل بمؤدّاها و إنّما لم يوصف الأخرى بالمعارض اعتمادا على دلالة التقديم عليه و أورد عليه المحقق القمّي (قدّس سرّه) بعدم مساسه بالمعنى الاصطلاحي و إن كان هو أنسب بما يقتضيه باب التفعيل و مبنى ما ذكره ما عن العضدي حيث قال ما حاصله إن الترجيح لا يكون إلاّ بسبب و إلاّ كان تحكّما و ذلك السّبب يسمّى بالترجيح في مصطلحهم قال و لذا عرّفه الماتن بأنه اقتران أمارة بما يوجب تقديمها على معارضها (قلت) و هذا نظير تفسير القياس بمساواة الفرع و الأصل مع أنّ معناه المصطلح غيره و مع ذلك فتعريفه باقتران الأمارة كما فعله الماتن و الشارح و الآمدي و غيرهم من الأصوليين غير ملائم لما قال لأنّ سبب الاقتران غير الاقتران و علاقة السّببية إنّما هي بين التقديم و سببه لا بينه و بين الاقتران الفاقد لتلك العلاقة (و الحاصل) أن معناه المصدري ما عن الزّبدة فإن ثبت النقل هنا اصطلاحا إلى سببه كما في القياس كان اللاّزم تعريفه بما يوجب تقديم إحدى الأمارتين على الأخرى لا تعريفه باقتران الأمارة بما يوجب التقديم و إلاّ فاللاّزم تعريفه بما في الزبدة حسبما يقتضيه مصدر التفعيل و إن كان قد يورد عليه أيضا بأن معناه المصدري ما فسّره العضدي أي جعل الشي‌ء راجحا لا تقديم أحد في الأمارتين على الأخرى فالأصحّ على تقدير ثبوت الاصطلاح تفسيره بسبب الترجيح أي ما يكون سببا لتقديم إحدى الأمارتين و على تقدير عدمه تفسيره بجعل الشّي‌ء راجحا ففي كلّ من تعريف الأكثر و الزبدة دغدغة و حزازة

و في هذا المقصد مقامات لا بدّ من الخوض فيها

[الكلام في تأسيس الأصل في العمل المرجح‌]

و قبله لا بدّ من تأسيس الأصل أوّلا في العمل بالمرجّح (فنقول) الكلام فيه يقع تارة في مقابل التوقف و أخرى في مقابل التخيير و لا شك أن قضية الأصل عدم العمل بالمرجّح على الأوّل إذ المفروض كون حكم الدّليلين التساقط و عدم حجّيتهما إمّا مطلقا و هو المسمّى بالتساقط الكلّي أو في خصوص محلّ التعارض بعد حجّيتهما في نفي الثالث و مجرّد مزيّة أحدهما على الآخر و كونه أقرب منه إلى الواقع لا يصلح دليلا على الخروج عن مقتضى أصالة عدم الحجّية فلا بدّ بناء على التوقف و التساقط من إقامة الدّليل على حجية ذي المزيّة من الأمارتين إذ لا فرق بين المقام و بين الشك في حجّية أصل الأمارة بل هو هو بعينه و أمّا على الثاني ففيه تفصيل على حسب أقسام التخيير فإنّه إمّا عقلي أو شرعي و على التقديرين إمّا ظاهري أو واقعيّ فهو على أربعة أقسام التخيير العقلي الواقعي و العقلي الظاهري و الشرعي الواقعيّ و الشرعي الظاهري‌

و الأوّل [التخيير العقلي الواقعي‌]

هو باب تزاحم الواجبات أو المستحبّات أو المحرمات أو المكروهات و الأصل فيه عدم الترجيح أيضا إلاّ إذا كان أحد المتزاحمين أهمّ من الآخر أي يكون المطلوبيّة فيه آكد و أشدّ و هو يحتاج إلى الدّليل و لا يكفي الظنّ فضلا عن الاحتمال إذ المفروض وجود المقتضي للامتثال في كلّ منهما و إلاّ لم يكونا من المتزاحمين بل من المتعارضين و احتمال كون أحدهما أهمّ بمعنى وجوب تقديمه مدفوع بالأصل (فإن قلت) العقل لا يحكم بالتخيير إلاّ بعد إحراز التساوي و الشك في الأهميّة شكّ في التساوي فكيف يحكم بالتخيير بينهما (قلت) حكم العقل بالتخيير يتولّد من إحراز مقتضى الوجود في كلّ منهما و لا يتوقف على إحراز التساوي لأنّ احتمال عدم التساوي احتمال للمانع عن وجوب أحدهما و أصالة البراءة و أصالة عدم المانع ناهضان بإثبات وجوب غير محتمل الأهميّة و لا يتوقف وجوبه على إحراز تساويه مع الآخر بل متى لم يثبت الترجيح للآخر عليه كان وجوب الامتثال ثابتا له كثبوته للآخر المحتمل الأهميّة و لازم وجوب كلّ منهما في حدّ ذاته استقلال العقل بالتخيير بينهما (فإن قلت) على احتمال أهميّة أحدهما يكون وجوب الآخر مشكوكا و إلاّ لم تكن الأهميّة محتملة فيؤول الأمر إلى القطع بوجوب أحدهما المعيّن و الشك في وجوب الآخر فيدفع بالأصل (قلت) احتمال أهميّة أحدهما لا يجعل وجوب الآخر في نفسه مشكوكا إذ المفروض إحراز مقتضى الوجوب في كلّ منهما على سبيل القطع و اليقين و إلاّ خرج المقام عن باب التزاحم بل يرجع إلى الشكّ في وجوب ترجيح الآخر عليه و إن شئت قلت إنّ الشكّ في الترجيح هنا شكّ في التكليف لا شكّ في المكلّف به حتى يراعى فيه الاحتياط حتى لو قلنا في دوران الأمر بين التخيير و التعيين بالاحتياط لم نقل به هنا لكونه من الشكّ في التكليف فلو وقع المزاحمة بين إنقاذ غريقين لم يجز ترجيح أحدهما باحتمال الأهميّة لعلم أو شرف أو صلاح لأن وجوب إنقاذ أصل الغريق الصّادق عليهما معلوم و مقتضاه وجوب إنقاذ كلّ منهما تخييرا بحكم العقل و لا ينصرف عنه إلاّ بعد ثبوت وجوب إنقاذ أحدهما عينا حتى يكون وجوبه العيني الثابت بالدليل مانعا عن إنقاذ الآخر و لما لم يثبت كان‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 428
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست