responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 425

من وجهين حاكيا و محكيا و اعلم أنّ هذا مماشاة منّا مع الباحثين في حكم تعارض اللّغويين و إلاّ فمقتضى القاعدة فيها بعد فتح باب الاشتراك في اللّغة هو الجمع و الالتزام بالاشتراك لأنّه لا تعارض بين الإثباتين و هو واضح و لا بين النفي و الإثبات إذ لا حكم في الشهادة في مقابل الإثبات فمقتضى القاعدة إذا قال أحدهم إنّ معنى اللّفظ كذا ليس إلاّ و قال الآخر ليس كذلك تصديق كلّ منهما في الإثبات دون النفي المعارض بإثبات الآخر و بذلك يثبت الاشتراك فإجراء حكم التعارض على اختلاف أقوال أهل اللّغة مبني على العلم الإجمالي من الخارج لا من النفي و الإثبات بكون اللّفظ متحد المعنى و إلاّ فلا تعارض و أنّى للمستدل إثبات ذلك مع وقوع الاشتراك كثيرا و إن كان غيره أغلب فإن الغلبة لا تفيد سوى الظّن الغير المغني عن الحقّ شيئا

الثاني [الكلام في أن المفتي يختار أحد الخبرين في عمل نفسه و كذا القاضي‌]

قال في التّهذيب و غيره إنّ المفتي يختار أحد الخبرين في عمل نفسه و كذا القاضي فالتخيير حكم له في المقامين فلا إشكال فيه خصوصا في الثاني إذ القاضي لو قال للمتخاصمين أنتما مخيران في ذلك بقيت الخصومة بحالها و في هذا سدّ لباب القضاء في الشبهات الحكمية مع قيام الإجماع ظاهرا على شرعيّة القضاء فيها و إن كان ميزانه هو نفس الفتوى على خلاف ميزانه في الشّبهات الموضوعية كالبينة و اليمين و أمّا أنّه يفتي للمقلّد بالتخيير ففيه الإشكال لأنّ الأمر بالتخيير كالأمر بالعمل بخبر الواحد أو العمل بأقوى الدّليلين المختصّ بالمجتهد لأنّه المستنبط للأحكام و لا معنى لثبوت ما يتعلّق بالاستنباط من الأحكام الشرعيّة للعامي الغير القادر على الاستنباط و لذا لو خالف اجتهاد المقلّد اجتهاد المجتهد في بعض ما يتوقف عليه الاستنباط كبعض الموضوعات المستنبطة أو مرجّح أحد الخبرين سندا أو شهرة أو نحوهما ممّا يستوي في معرفة المجتهد و المقلّد فزعم أنّ معنى لفظ الغناء مثلا غير الّذي أفتى به المفتي أو أن راوي الخبر الآخر أعدل من الّذي اختاره المفتي و زعم أنّ رواته أعدل و نحو ذلك ممّا يتساوى فيه المجتهد و المقلّد من الموضوعات اللّغوية أو الصّرفة الّتي لها دخل في استنباط الحكم الشرعي لم يعبأ باجتهاده بل المعتبر اجتهاد المجتهد و إن كان هو و المقلّد في معرفة ذلك الموضوع سواء و ليس هذا إلاّ لاختصاص الأحكام المتعلّقة بالطّرق المجعولة لاستنباط الأحكام بالمجتهد سواء كان الحكم تخييرا بين الخبرين أو ترجيحا لأحدهما أو تشريعا و جعلا لأصل الحجيّة فإنهما جميعا على نسق واحد أحكام مختصّة بطائفة خاصّة من المكلّفين و هم الناظرون في أدلّة الأحكام القادرون عليه القائمون مقام الإمام (عليه السلام) في تبليغ الأحكام كاختصاص أحكام المسافر بالمسافر و أحكام الحاضر بالحاضر و حينئذ يختار المجتهد أحد الخبرين و يفتي حكم المسألة عليه ثم يشاركه المقلّد في ذلك الحكم و إلاّ فقبل الاختيار لم يتشخص بعد حكم الواقعة المتعارضة فيها الخبران حتّى يفتي به و يندفع بأنّ الأحكام المقررة لاستنباط الأحكام الواقعية الأوّلية أيضا أحكام اللّه يتساوى فيه الحاضر و الباد و عباد اللّه في كلّ واحد ناد و لا اختصاص لها بطائفة دون طائفة كأحكام المسافر و الحاضر فمن عرفها و قدر عليها وجب العمل بها و من عجز عن معرفتها وجب عليه الرجوع إلى من عللها و حينئذ فلا وجه لاختصاص الخطابات المتعلّقة بالطّرق ببعض دون بعض و إلاّ فيتطرق البحث إلى الأحكام الواقعية الأوّلية أيضا فإنّها أيضا لا يتعلّق بالجاهل القاصر عن معرفتها فكما أن العامي مكلّف بالصّلاة كالمجتهد فكذا هو مكلّف بالعمل بالخبر الواحد السّليم عن المعارض أو بأحد الخبرين المتعارضين أو بأقواهما أو غير ذلك من سائر الأحكام الظاهرية المجعولة للشاك و الجاهل بالأحكام أصلا كان أو طريقا فإنّها كالأحكام الواقعية متعلّقة بالجميع لكنها لا تتنجز إلاّ بعد إمكان العلم أو إمكان الرّجوع إلى العالم ففي أصل تعلّق الأحكام لا تفاوت بين الناس و كذا لا تفاوت بينهم في عدم تنجّزها مع العجز عن الوصول إليها و كذا في تخييرها مع إمكان العلم بلا واسطة كالمجتهد أو مع الواسطة كالمقلّد فاللاّزم حينئذ على المجتهد بيان حكم الواقعة للمقلّد و من الواضح أن حكمها هو التخيير فكيف يفتي بالمعيّن الّذي ليس هو حكم اللّه لا في حقه و لا في حقّ مقلّده فبحمد اللّه اتضح الحال و اندفع الإشكال و لم يبق للقائل فيه مجال كما اتضح أيضا وجه عدم العبرة باجتهاد المقلّد حيث يخالف اجتهاد المجتهد في معرفة الموضوعات الّتي هم فيها سواء لأنّ الجاهل حيث كان مأمورا في معرفة الأحكام بالرجوع إلى العالم كان نظره في معنى لفظ الغناء أو في عدالة أعدلية زيد الراوي ساقطا عن الاعتبار فعليه التقليد في حكم المسألة ساعد نظره نظر مفتيه في بعض المقدّمات أم لا نعم لو حصل له العلم بخطإ المفتي في بعض المقدّمات أشكل الرّجوع إليه في تلك المسألة بل عليه تقليد غيره لأنّ القاطع لا يجوز له أن يتعبّد بخلاف قطعه و فيه أنّ التعبّد بخلاف المقطوع به و إن كان محالا إلاّ أنّ ذلك إنّما هو عند القطع بأصل الحكم و أمّا مع الشك فيه فلا مانع من تعبّده به و لو مع القطع بفساد بعض مقدّماته (و الحاصل) أنّه فرق بين القطع بفساد الحكم و بين القطع بفساد بعض المقدّمات فإنّ الأوّل هو الّذي لا يعقل له التعبّد به و أمّا الثاني فلا مانع منه عقلا لو ساعد عليه الدليل فالأولى أن يستدلّ على عدم جواز تقليده حينئذ بعدم مساعدة الدّليل عليه فإنّ الفتوى ليست بأقوى نفوذا و قولا من القضاء و قد

تقرر في محلّه أنّ مع القطع بفساد مستنده يجوز نقضه و لو لم يقطع بفساد أصله فالتحقيق أنّ مخالفة نظر المقلّد و المجتهد في الفتوى إن كانت على وجه الظن فظنّه ليس بشي‌ء بل عليه اتباع نظر المجتهد و إن كانت على وجه القطع كان عليه تقليد

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 425
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست