responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 417

لم يكن ذلك خاليا عن مخالفة الظّاهر لكن محلّ الخلاف ليس هو مطلق التعادل كما هو ظاهر الأكثر بل هو خصوص تعادل دليل الإباحة و الحظر (و توضيحه) ما في المنية و التهذيب من أنّ التعارض إن كان في متعلّق الحكم كما في الاختلاف في القبلة و منه الاختلاف في وجوب الظّهر و الجمعة فهذا ممّا لا ينبغي الإشكال في إمكانه عقلا و شرعا و لا في وقوعه و إن كان في نفس الحكم ففي إمكانه عقلا و شرعا خلاف و لا فرق في ذلك بين تعارضهما في الإباحة و الحظر أو في الوجوب و الحرمة أو في الوجوب و الاستحباب أو في الإباحة و الوجوب إلى آخر الأحكام الخمسة و إن اقتصر بعض على خصوص الإباحة و الحظر إلاّ أنّ المناط في دليل المنع و الجواز واحد فإن جاز جاز مطلقا و إلاّ فلا كذلك و استدلّ المانع كأحمد بن حنبل و الكرخي و غيرهما ممّن وافقهما أو توقف في المسألة بأن جعل المتعادلين في الحكم الشرعي عبثا لا يصدر من الحكيم لأنّ العمل بهما معا غير مقدور و تركهما معا غير جائز أيضا و اختيار أحدهما معيّنا ترجيح بلا مرجح و غير معيّن أي التخيير يرجع إلى الترجيح الباطل لأنّه في حكم الأخذ بأمارة الإباحة و أجيب عنه بأنّ التخيير لا يرجع إلى الترجيح أي الأخذ بأمارة الإباحة لأن مفادها إباحة مطلقة و مفاد التخيير إباحة معلّقة على الأخذ بأمارتها و أورد عليه العلاّمة (قدّس سرّه) في النهاية بما حاصله أنّه لا تعليق في مفاد أمارة الإباحة و إلاّ لخرجا عن التعارض إذ لا تعارض بين الحظر على تقدير و بين الإباحة على تقدير هذا ملخّص ما عن النّهاية نقلناه مهذّبا و التحقيق في المقام أنّ التخيير المبحوث عنه إن كان هو التخيير الاستمراري اتجه مقالة المانع و إن كان هو البدوي اتّجه مقالة المجوّز أمّا الأوّل فلأنّ التخيير الاستمراري بين الحكمين المتضادين و البناء على عدم حجيتهما رأسا شي‌ء واحد و مآل كلّ واحد منهما إلى الآخر لأنّه إذا كنا مخيّرين في الأخذ بأمارة الإباحة أو أمارة الحظر في كلّ آن كنا مرخصين في فعله و تركه في جميع الآنات و لا معنى لسقوطهما و عدم حجيتهما رأسا إلاّ ذلك فتجويز تعادل الأمارتين الشرعيتين عقلا تجويز للعبث في حكم الشارع فإنّه إذا قال إنّي جعلت هاتين الأمارتين حجتين و أنتم مخيّرين في الأخذ بهما فهو بمنزلة ما إذا قال إنّهما غير أمارتين حينئذ و إنّهما ليستا بحجّتين و تعادلهما ممتنع عقلا لأنّ أقلّ ما يتعقل من إمكان تعادلهما في الحكم الشرعي إرجاعه إلى التخيير فإذا كان حكمه بالتخيير كحكمه بالتّساقط في اللّب و المعنى كان صدور هذا الفعل منه غير جائز شرعا و عقلا إذ لا يتصور في هذا الجعل فائدة عملية و قد حقق في غير موضع أن جعل الشي‌ء حجّة لا معنى له و لا يعقل إلاّ مع الفائدة العملية و مثل التعارض في الإباحة و الحظر ما إذا دار الأمر بين المحظورين و ما قد يتوهّم من ترتّب بعض الثمرات على الجعل كقصد القربة أو قصد الوجه أو ثبوت الفسق على فرض اختيار أمارة الحظر و المخالفة ففيه أنّ هذه الثمرات لو تمّت مع فساد بعضها كالأوّل لكفاية عنوان الاحتياط في العبادة بل في الوجه أيضا و لا يحتاج إلى ثبوت المحتمل بالدّليل الشرعي أنّها ثمرات للجعل لا للمجعول و هو كونه طريقا إلى الواقع فإنّ ثمرة الطّريق إحراز الواقع عملا و أمّا ما عداه فهو فوائد مترتبة على فعله فلو ترتب على كونه طريقا حينئذ عمل بحمل لا يترتب على تقدير عدم كونه طريقا صحّ جعله طريقا و يخرج به فعل جعل الشارع عن العبث و اللّغوية و أمّا لو لم يترتب ذلك فإن كان في مقام إحراز الواقع عملا فعله و عدمه على حدّ سواء كان جعله عبثا و إلاّ يترتب عليه بعد الجعل بعض الفوائد الّتي هو موضوع له لا طريق إليه (و الحاصل) أنّه لا بدّ في جعل الشي‌ء طريقا ترتب بعض آثار الواقع لا بعض آثار الطريق فتدبّر و افهم كلّ ذلك على تقدير التخيير الاستمراري فإنّ الّذي يصير به جعل التخيير في الإباحة و الحظر طريقا عبثا و أمّا على تقدير البدوي فليس كذلك لأنّ فائدة جعل الإباحة و الحظر طريقا و لو تخييرا بترتب أحكام المحظور الّذي هو طريق إليه و من هنا ظهر أنّ بناء الأصحاب في تعارض الخبرين على الاستمراري دون البدوي فإن الدّليل المذكور لا يتم إلاّ على هذا التقدير كما ظهر أيضا أن الحق في المسألة التفصيل بين أمارتي الحظر و الإباحة و

نحوه و بين تعارضهما في تعيين المكلّف به مثل القصر و الإتمام فلا يجوز تعادلهما في الأول و يجوز في الثاني وفاقا للعلاّمة (قدّس سرّه) بقي شي‌ء و هو أنّ الدّليل الّذي ذكره القوم لعدم الجواز من كون التخيير ترجيحا لأمارة الإباحة بظاهره غير مستقيم و لذا استدلّ عليه في التمهيد و غيره بلزوم العبث لا بأنّ التخيير ترجيح لأمارة الإباحة و يمكن إرجاع الأول إلى الثاني بملاحظة ما قرّرنا في توضيحه و إن لم يخل عن تكلّف هذا هو الكلام في موضوع المتعادلين و ما يتعلّق به‌

[الكلام في حكم المتعادلين بحسب مقتضى الأصل‌]

و أما حكمهما ففيه أقوال منشؤها اختلاف الأخبار فالتكلّم أولا فيما هو مقتضى الأصل حتى إذا لم يقم دليل على خلافه رجعنا إليه (فنقول) مستعينا باللّه أن حجّية الأخبار إما أن يكون من باب الطريقية المحضة أو يكون من باب السببيّة و الموضوعيّة أو يكون مرددا بينهما لإجمال دليل حجيّتهما من هذه الجهة فإن قلنا بالأوّل كان مقتضى الأصل التوقف و الرجوع إلى أصل الموافق دون التساقط رأسا أعني الرّجوع إلى الأصل مطلقا وافق أحدهما أو لم يوافق دون التخيير فهنا مقامان أحدهما إثبات التوقف في مقابل التخيير و الثّاني إثبات عدم التساقط بحيث يرجع إلى الأصل المخالف لهما أيضا كما في تعيين المكلّف به أمّا الأوّل فلأنّ دليل‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 417
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست