responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 405

حال حتّى في أثناء الاشتغال و مع بقاء الأمر به كيف يجوز الأمر بضدّه تخييرا أو ندبا كما أوضحناه في مختار شيخنا البهائي (قدّس سرّه) (و الحاصل) أنّ قاعدة الترتب لا ينفع في الاجتماع الآمري و نعني به صدور الأمر منه بخصوص كلّ من الضدّين من حيث العنوان الخاصّ و من هنا يظهر أنّ مسألة الجهر و الإخفات في حقّ الجاهل المقصّر لا يصحّ بتلك القاعدة و إن صرّح به كاشف الغطاء و إنّما تنفع في مزاحمة الموسّع للمضيّق أو غير الأهمّ للأهمّ بناء على كون متعلّق الأمر في الموسّع هو الطّبيعة دون الأفراد و عدد الأزمنة القابلة على وجه التخيير الشرعي الآمري و ما عدا ذلك لا مجرى فيها للقاعدة المذكورة و إنّما ساعدناهم فيما سبق في معقول لها حيث قلنا في الموسّع بأنّ الأمر متعلّق بالطّبيعة دون الأفراد و المدار في جريان قاعدة التّرتب على الاجتماع المأموري و هو أن يكون في امتثال أحد الضدّين مندوحة و ذلك يتوقف على كون متعلّق الأمر الموسّع هو الطّبيعة فإنّ باب الامتثال لهذا الأمر واسع بخلاف ما لو جعلنا مصب الأمر و متعلّقه خصوص الأفراد زمنا فإن امتثال أمر كلّ آن منحصر في ذلك الآن فإذا أمر الآمر بالإزالة مثلا فورا ففي أوّل أزمنة الإمكان لا يجوز له الأمر أو الرّخصة في ضدّه بأن يقول أنت مرخص في ذلك الآن في الصّلاة لو عصيت الأمر بالإزالة فإنّه بمنزلة أن لا تصلّ و إن عصيتني فصلّ و هو من البداهة بمكان يستحيي من إطالة الكلام فيه و مرّ شرذمة من تحقيقه في كلام شيخنا البهائي فافهم فإنّه منظر وجيه لا يرى فيه قيما و لا شيئا إلاّ الأرمد الأحول و نافلة الظّهر في وقت الكسوف بل مطلق النافلة بناء على عموم استحبابها للآفات على نحو الاستغراق من هذا القبيل ثم لا يذهب عليك ما سبق مرارا من أن تلك القاعدة لا تجدي في صحة الموسّع أيضا إلا بملاحظة تعدّد الجهة و تجوز اجتماع الأمر و النّهي بتلك الملاحظة سواء قلنا بأنّ ترك الضدّ مقدّمة للآخر و هو الموسّع أو نفينا المقدّمية كما مر مفصّلا

الثّالث‌

قال كاشف الغطاء (قدّس سرّه) بعد القول بانتفاء الأمر بالشي‌ء النّهي عن أضداده الخاصّة على وجه الاستلزام اللّفظي و الحكم بصحة العبادي لإمكان الأمر به على وجه الترتب حسبما سمعت منه ما لفظه فالقول بالاقتضاء و عدم الفساد أقرب إلى الصّواب و السّداد و من تتبع الآثار و أمعن النظر في السّيرة المستمرّة من زمن النبي المختار و الأئمة الأطهار بل من زمن آدم إلى هذه الأيام علم أنّ القول بالفساد ظاهر الفساد كيف لا و لو بني على ذلك لفسدت عبادات أكثر العبّاد لعدم خلوّهم من حق غريم مطالب من نفقة أو دين أو حق جناية أو عبادة تحمل أو واجبة لبعض الأسباب الأخر إلى غير ذلك و لزم الإتمام على أكثر المسافرين لعدم خلوّهم عن بعض ما تقدّم و وجوب التعلّم أو نحو ذلك مع الخلوّ من التعرّض لمثل ذلك في الكتاب و كلام النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) و الأئمة (عليهم السلام) و أكثر الأصحاب مع أنّه ممّا تتوفّر الدّواعي على نقله فيلزم حصول التواتر في مثله و خلو المواعظ و الخطب أبين شاهد على ثبوت هذا المطلب انتهى و فيه مضافا إلى المناقشة العامة لجميع السّر من حيث كونها ناشئة من عدم المبالاة ما مرّ بالدّين (أوّلا) أنّ العلم بأن ذمّة أغلب النّاس مشغولة بحقّ واجب فوريّ لا يقتضي منع من يصلّي في أول الوقت مثلا مع احتمال عدم توجّه التكليف إليه فعلا لفقدان شرط أو وجود مانع و لو بزعمه إذ المتتبّع هنا هي أصالة الصّحة في أفعال الناس دون الحمل على وجه الفساد المستدعي للرّدع و إن هو كأصالة الطّهارة مع العلم بأنّ أغلب الناس إلاّ ما شذّ و ندر لا يتحفظون عن ملاقاة النجاسة (و ثانيا) فإن حجيّة السيرة إنّما هي من باب التقرير و رضا المعصوم المستكشف من عدم ردعه إياهم و هو موقوف على أمور لا يمكن إثباتها في المقام أحدها علمه به بالأسباب الظّاهرية الّتي هي مناط تبليغ الأحكام لا يعلم الإمامة الّذي من صفات الإمام (عليه السلام) ثانيها ارتداع المسلمين بردعه ثالثها تمكنه من الرّدع بحيث لا يخاف على نفسه و أهله و شيعته رابعها عدم مزاحمته لمصلحة أخرى أقوى و إحراز بعضها فضلا عن كلّها دونه خرط القتاد (و ثالثا) أنّ وجوب الردع على الإمام (عليه السلام) إمّا من باب النهي عن المنكر أو من باب تبليغ الأحكام و شي‌ء منهما لا يأتي في المقام (أمّا الأوّل) فلأن الأوامر و النواهي العامة المتعلّقة بالإطاعة و المعصية كافية في الرّدع لو ارتدعوا إذ الفرض تقصيرهم في أداء الحق الواجب و اشتغالهم بالصّلاة و هو كاف في وجوب الرّدع سواء قلنا بصحّتها أو بفسادها و الوجه المسوّغ لعدم الردع عن التقصير في الأداء ينهض وجها لعدم الرّدع عنها لأنّ فسادها إنّما نشأ عن ذلك التقصير في الرّدع لازم سواء كانت صحيحة أو فاسدة (فإن قلت) أوامر الإطاعة كافية في الرّدع عن التقصير (قلنا) فكذلك بالقياس إلى ما يلزمه لأنّ الردع عن الملزوم ردع عن اللاّزم و إن منعت الملازمة العقلية بين حرمة التقصير و فساد الصّلاة فقد خرجت عمّا هو مفروض المستدل من التسليم و بذلك يظهر الجواب عن الردع من باب تبليغ الأحكام لأنّ التبليغ العقلي كاف في إتمام الحجة و لا يلزم معه التبليغ السّمعي فلو قيل إنّ معنى قولهم إنّ الخطابات الشرعيّة ألطاف في الواجبات العقلية قلنا إنّ هذه مقالة من قال بالتحسين و التقبيح العقليين و أنكر الملازمة بين حكم العقل و حكم الشّرع بحسبان أنّ الوجوب و الحرمة الشرعيّين إنّما يترتبان على خطاب الشّرع دون العقل و على فرض تسليمه فموردها المستقلات العقلية خاصّة دون الاستلزامات العقليّة لأنّ ما أدركه العقل من خطاب الشّرع حكم شرعيّ مستفاد من خطاب الشّرع فلا حاجة إلى خطاب آخر ثمّ إنّ التمسّك بالإجماع و السّيرة في المسائل العقلية كما ترى و قد اعتذر عنه بعض بأنّ هذا من باب الشبهة في مقابل البداهة فلا يلتفت إليها و فيه أنّ هذا إنّما هو في حقّ غير صاحب الشبهة و أمّا في حقّه فهو كلام يضحك منه الثّكلى لأنّ المستدل بالسّيرة إنّما اعترف اقتضاء الأمر بالشي‌ء النّهي عن الضدّ عقلا و اعترف أيضا بأنّ مقتضى هذا النّهي الفساد فكيف يقول ثانيا إنّه شبهة في مقابل البديهة فلا يسعه إلاّ الأخذ بحكم العقل و الخدشة فيما يرى من الإجماع و السّيرة على خلافه و إن لم يعترف بهما أو بأحدهما فلا حاجة له إليهما و منه يظهر فساد الاعتذار عن التمسّك بهما من باب تأييد القاعدة بعد البناء على فساد المقدّمة الأخيرة من اقتضاء النّهي الفساد بقاعدة الترتب المصرّح بها في‌

كلامه لأنّ دليل الصّحّة بناء عليه هو إطلاق الأمر بالصّلاة مع عدم دليل التقييد يكون في غير وقت الإزالة على التفصيل الّذي سبق و لا مناسبة بين الإجماع و السّيرة و بين الدّليل المذكور حتّى يحصل التّأييد أو الاعتضاد كما هو ظاهر اللّبيب المتدرّب‌

خاتمة مشتملة على أمرين‌

أحدهما أنّ الأمر النّدبي هل يقتضي النّهي عن ضدّه تنزيها أم لا

فيه خلاف و المشهور هو الاقتضاء لاتحاد طريق المسألتين و اشتراكهما في الأدلّة ردّا و قبولا و التحقيق أنّه إن أريد بالنّهي التنزيهي الكراهة المصطلحة الّتي هي أحد الأحكام الخمسة فهو ممنوع إذ الكراهة عبارة عن منقصة ذاتية في الفعل و من المعلوم أنّ ترك المندوب ليس كذلك ففعل ضدّه الخاص بطريق أولى و إن أريد منه مجرّد المرجوحيّة فبالقياس إلى الضدّ العام واضح و حكم الضدّ الخاصّ مبني على الخلاف و قد يجعل هذا من باب ترك الأولى فيكون قسما سادسا من الأحكام كما نقل عن الشهيد في التمهيد حيث عدّه من الأحكام و جعلها سدسه‌

و ثانيهما أنّ النّهي عن الشي‌ء هل يقتضي وجوب ضده العام أو الخاص‌

ظاهر ما يتراءى من بعض العبائر مقايسة على الأمر و فيه نظر إذ لا يتأتى هنا شي‌ء من الأدلّة و الأقوال المذكورة هناك لا في الضدّ العامّ و لا في الضدّ الخاصّ أمّا الضدّ العامّ فلأنّ النّهي طلب ترك الشي‌ء و ضدّه العام هو ترك الترك و طلب ترك الترك عين الأمر بالفعل المنهيّ عنه فكيف يكون النّهي عن الشي‌ء أمرا بضدّه العام و لعلّه لذا فسّر المحقق القمّي (قدّس سرّه) الضدّ العام هنا بأحد الأضداد هذا إذا لاحظنا متعلّق المطلوب بالنّهي و هو الترك و لو لاحظنا متعلّق نفس النهي و هو الفعل فضدّه العام هو الترك و الأمر به عين النهي عن الفعل مفهوما لا مصداقا و القول بالعينية هناك راجع إلى الاتحاد في المصداق دون المفهوم فالمقامان متعاكسان و أمّا الضدّ الخاص فلأنّ مبنى الاقتضاء هناك إمّا المقدّميّة أو التّلازم و الأوّل ممنوع هنا لما عرفت هناك من عدم كون فعل الضدّ مقدّمة لترك ضده عندهم خلافا للكعبي و أمّا الثّاني فقصوى ما يقتضيه هو وجوب أحد الأضداد كما ذكره المحقّق القمّي (قدّس سرّه) و قد عرفت سابقا أنّ وجوب الطّبيعة لا يقتضي وجوب الأفراد بخلاف العكس لأنّ عموم النّهي استغراقي ثابت في كلّ فرد فرد من الأفراد و عموم الأمر بدليّ لا يقتضي وجوب كلّ فرد عينا و الوجوب التخييري العقلي الثّابت للأفراد لا يثبت به الوجوب الشرعي المتنازع فيه و تمام الكلام يحتاج إلى المراجعة و التأمّل التام فيما حققناه سابقا و الحمد للّه أوّلا و آخرا و ظاهرا و باطنا

(قد) تم كتابة هذا الكتاب المسمّى ببدائع الأفكار بعون اللّه الملك الغفّار بيد الحقير الفقير (أبو القاسم) بن المرحوم المغفور الآخوند الملاّ رضا الكمرئي النوري غفر اللّه له و لوالديه في يوم الإثنين أحد عشر جمادى الثّاني من شهور سنة 1312 اثنتي عشرة و ثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبويّة على هاجرها ألف ألف سلام و تحيّة و ألتمس من قارئه أن لا ينسى كاتبه و بانيه من دعاء الخير و السّلام و الإتمام‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست