responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 404

أنّ البناء على ما ذكر يمنع استناد ترك الواجب في الأزمنة المتأخرة إلى فعل الضدّ الرافع أيضا لاستناده أيضا إلى الصّارف الباعث على ارتكاب الرافع و دعوى الترتيب بينهما بأن يقال إنّ الصّارف صار سببا لارتكاب الضدّ الرافع و هو صار سببا لزوال القدرة على الواجب فيما بعد فصار ترك الضدّ مقدّمة للمقدّمة مدفوعة بأنّ الترتيب هنا ترتيب زماني لا مرتبي و المدار في كون شي‌ء مقدّمة لشي‌ء هو الترتب المرتبي فتأمل فإن المقام يحتاج إلى مزيد إمعان في النظر و قد يقال إنّ المرتب على غير الرّافع معصية واحدة و هو فوت الفوريّة و أمّا الرافع فيترتب عليه المعصيتان فوت الفورية و فوت أصل الواجب و فيه أنّ المترتب على الرافع أيضا معصية واحدة و هو ترك الواجب الفوري لوضوح أن تاركه في الآن الأوّل بارتكاب الفعل الرافع لم يخالف أمرين بل أمرا واحدا فكيف يترتب عليه معصيتان مع أنّه غير مجد لأنّ العصيان الواحد يكفي في التحريم و هو موجود أيضا في غير الرافع من حيث فوات الفوريّة و من هنا يندفع بالعلّة المنشأ لتوهم التفصيل المذكور و هو مقايسة المقام بالواجب الموسّع الغير الفوري إذ لا خفاء في عدم حرمة ضدّه في حال السّعة و لو قلنا بأن ترك الضدّ مقدّمة ما لم يترتب عليه فوت أصل الواجب فكما لا يحرم غير الرافع هناك فكذلك لا يحرم هنا وجه الاندفاع ما عرفت من الفرق بين الموسّع و المضيق فإن تأخير المضيق الفوري حرام بخلاف الموسّع فارتكاب الضدّ حرام مطلقا و إن كان ارتكاب الرافع أشدّ إثما و أكثر معصية

بقي أمور ينبغي التنبيه عليها

الأوّل‌

أنّ بعض المحققين بعد أن اختار صحّة الواجب الموسّع في وقت الواجب المضيّق و جوّز الأمر به معلّقا على ترك المضيق على التفصيل الّذي سبق قال إنّ ذلك إنّما يتم إذا كان الصّارف عن الواجب أمرا خارجا عن الضدّ أمّا إذا كان الصّارف هو فعل الضدّ فيشكل للزوم اجتماع الأمر و النّهي في إرادة الضدّ فإنّها محرمة من جهة كونها سببا لترك الواجب و واجبة من جهة كونها مقدمة لفعل الضدّ الواجب فيلزم اجتماع الوجوب و التّحريم في الإرادة و قد سبق أنّ شارح الوافية السّيّد الصّدر أورد بذلك على ماتنها فإنّ هذا أحد المحاذير العقلية التي تلزم على القول بالصّحة لكن القائلين بها تفصّوا عنه بتأسيس قاعدة الترتب بين الأمرين المتناقضين أو بين الأمرين المتضادّين كالإزالة و الصّلاة و هذه القاعدة بزعمهم لا تجري في خصوص هذه الصّورة إذ المفروض منها أنّ الداعي إلى ترك المضيق ليس إلا فعل الموسّع بحيث لو لا إرادته لأتي بالمضيق فيكون إرادة الموسّع هو السّبب في ترك المضيق فيكون حراما فلو كان الأمر بالموسّع معلّقا على تلك الإرادة المحرمة و مشروط بها لزوم إيجاب الشي‌ء على تقدير وجوبه و هو محال و لذا قال السّيد إنّ الواجبات بالقياس إلى أسبابها لا يجوز أن تكون مشروطة كما تقدم في مقدّمة الواجب و قد يقرر الإشكال كما في الفصول بوجه آخر أسدّ و أخصر و هو أنّ إرادة الضدّ في الفرض المذكور محرمة لحرمة أحد معلوليها و هو ترك الواجب فيمتنع أن يكون معلولها الآخر واجبا لأن إيجاب الشي‌ء حال تحريم علّته محال قال و لا يمكن الاعتذار عنه بما ذكرنا من ترتب أمر الضدّ على ترك الواجب لأنه من قبيل تطبيق الإيجاب على الوجوب و هو ممتنع ثم أخذ في دفع الإشكال و أتى بما لا جدوى في نقله سوى الملال إلى أن ينتهي إلى أن قال إنّ وجوب الضدّ لا يتوقف على الصارف عن الأهم حتى يلزم المحذور المذكور بل على نفس ترك الأهم لأنّه المنافي ثمّ استشعر سؤالا و هو أنّ التعليق على المسبّب تعليق على السّبب فيكون موقوفا على الصّارف فيعود المحذور المذكور و أجاب عنه بأنّ الموقوف عليه هو ترك الواجب سواء أراد الضدّ أم لا و هذا ليس تعليقا على السّبب ثم ذكر بعض الأشباه و النظائر في زعمه و أنت خبير بأنه نفخة بلا ضرام إذ يكفي في التعليق على المسبّب الّذي يستحيل بعض أفراد المعلّق عليه راجعا إلى إيجاب الشي‌ء بعد وجوبه و حصول سبب وجوده فالمحذور بحاله و أمّا بعض المحققين فأجاب عنه بأنّ ترك الواجب مسبّب عن الشوق و الميل إلى ضدّه لا عن إرادته و هما شرطان للإرادة المذكورة لا سبب لها ثم أمر بالتأمّل و وجهه واضح لأنّ الميل و الشوق هما السّبب للإرادة فالميل إليه فكيف لا يكون سببا بل شرطا و الحاصل أنّ اجتماع الوجوب و التّحريم في ترك الواجب فضلا عن إرادة الضدّ ممّا لا مناص عليه مطلقا سواء فيه الفرض المذكور و غيره حسبما برهن عليه مفصّلا في محلّه و إن كان هو في ذلك أوضح و أجلى‌

الثّاني‌

صرّح الفاضل التوني (قدّس سرّه) في الوافية بصحّة نافلة الظّهر وقت الكسوف و لو فات بها صلاته بناء منه على إمكان الأمر بضدّين على وجه الترتيب و التعليق على المعصية حسبما عرفت مفصّلا و هو خطأ بل لو قلنا بقاعدة الترتّب لم تجد أيضا في صحة النافلة لامتناع اجتماع الأمر بضدّين إذا كان الاجتماع آمريّا و لو على وجه الترتب إذا كان مضيقين أو كان أحدهما مضيقا واجبين كانا أو مستحبّين أو مختلفين لأنّه إذا كان أحدهما مضيّقا معينا لا بدل له كان صدور الأمر بضدّه من الآمر نقضا للغرض و سفها بل تكليف بما لا يطاق في بعض صور الترتب و لا يجدي في رفع هذه المحاذير المترتبة على الأمر بضدّين ضرورة أنّ الأمر بالأهم لا يسقط بمجرّد إرادة تركه و فعل غير الأهم و لا بالاشتغال به بل هو باق في كلّ‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 404
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست