responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 39

يظهر في ذلك المعنى المجازي و فيه أنّ ذلك القرب إنما هو لأجل ظنّ نصب القرينة إلحاقا للشي‌ء بالأعمّ الأغلب فلو فرض علم السّامع بعدم نصب القرينة كما هو المفروض في المقام فيمنع القرب ثمّ الظّهور الناشئ من الاستعمالات المجرّدة على أنحاء منها ما هو بدوي زائل بمجرّد الالتفات إلى وضعه الأصلي و كون ذلك الظّاهر معنى مجازيّا و منها ما يبلغ إلى حدّ يقف الذّهن معه بين الحكم بإرادته و إرادة المعنى الأصلي الحقيقي توقفا غير زائل بعد التّأمّل و منها ما يزول بعد الالتفات إلى شهرة استعمالاته في المعنى المجازي و يترجح عنده ذلك و منها ما يتبادر منه إلى الذّهن ذلك المعنى المجازي من دون توسيط ملاحظة الشّهرة و لو تقديرا و الّذي يساعده النّظر في كلمات القوم انحصار الوضع في الأخير و خالف فيه أيضا ذلك المحقّق المزبور حيث لم يعتبر في المنقول هجر الحقيقة الأولية و اعترض بذلك على من حمل الغلبة في عبارة المعالم على هجر الحقيقة الأولية فالمنقول عنده قسمان أحدهما ما كان المعنى الحقيقي الأوّلي فيه مهجورا محتاجا في تفهيمه إلى القرينة كسائر المجازات و الثاني ما كان باقيا على حقيقته مع صيرورة اللّفظ حقيقة في المعنى المجازي أيضا بسبب غلبة الاستعمال و حاصله أن يكون مشتركا بينهما و قد عرفت فساد هذا الكلام في البديعة السّابقة و نزيد في البيان أنه إن أراد وجود القسم الأخير بين المنقولات أو قول العلماء به فهو قرينة بيّنة لأنا لم نجد من المنقولات ما كان مشتركا بين الأولي و الثانوي و لم نجد أحدا أيضا أدرجه في أقسام الوضع لأنّه ليس من المرتجل إذ المفروض هنا كون الوضع حاصلا من الاستعمال المجازي المعتبر فيه ملاحظة المناسبة المعنى الحقيقي و ليس من المشترك أيضا لأنّ الاشتراك إنّما يحصل من وضع الواضع دفعة أو في أوقات متقاربة و أمّا ما يحصل من الوضع و من الاستعمال المجازي فليس داخل تحت الاشتراك المعروف فمن زعم أن المنقول قسم من أقسام المشترك كما نسب إلى الأكثر فهو مبني على إرادة معنى آخر من المشترك لأن الاستعمال المجازي ربما يصير سببا لكون اللّفظ حقيقة في المعنى المجازي مع بقاء الحقيقة الأوّلية بحالها فيكون مشتركا بينهما و إطلاق المشترك على المنقول كما يظهر من عبارة التفتازاني في شرح الشّرح ليس مستلزما لقوله بحصول الاشتراك من النّقل بل تعميم الاصطلاح في المشترك بحيث يتناول ما كان أحد معنييه مهجورا نعم يظهر من عبارة السّلطان تجويز الأكثر ما منعناه و لعلّهم أرادوا مجرّد الإمكان العقلي و إن لم يساعدها مجاري العادة و موارد الاستعمالات و ليس من النّقل المعروف أيضا لأنّ مفهوم النّقل آب عن بقاء الحقيقة الأوّلية فإن قلت بلوغ الاستعمال إلى درجة النقل لا بد مسبوق ببلوغه إلى درجة التوقف أعني مقام الاشتراك لبطلان الطّفرة و من ثم أثبتوا المجاز المشهور في قبال من أنكره قلت اللاّبدية ممنوعة و بطلان الطّفرة لا مساس له بالمقام لإمكان بقاء اللّفظ على ظهوره في المعنى الحقيقي مع هذه الاستعمالات إلى أن تبلغ درجة النقل من دون سبق درجة المجاز المشهور و الاشتراك و من ثم أنكره جماعة كما سيأتي إن شاء الله و إن أراد إمكان ذلك فيمكن منعه أيضا لأنّ الوضع عبارة عن العلقة الحاصلة بين اللّفظ و المعنى على وجه يوجب كونه علاقة له و العلقة و إن كانت جعليّة حاصلة من الواضع المطاع فيمكن ثبوتها بين اللّفظ و المعنيين أو أزيد و أمّا إذا لم تكن جعليّة فلا يحصل من الاستعمال المجازي ما لم يغلب على العلاقة الوضعيّة و يهجرها و ممّا يؤيّد ما قلنا أنّا لم نجد لفظا يكون مشتركا بسبب الاستعمالات المجازية بين المعنيين على أن يكون المنقول منه واحدا و المنقول إليه متعدّدا و هذا يدل على أن العلقة الغير الجعليّة متى لم تبلغ درجة توجب اختصاص اللّفظ بالمعنى لم يكف في صيرورة المعنى حقيقيّا و اختصاص اللّفظ بمعنى ينافي اختصاصه بآخر مع أنّ هذا القسم هو بعينه مراد القوم من المجاز المشهور الّذي اختلفوا فيه على أقوال ثلاثة و لعلّ زعم كما يصرح به بعض كلماته أن المجاز المشهور ما كان اللّفظ فيه ظاهرا في المعنى الحقيقي مع قطع النّظر عن الشّهرة و في المعنى المجازي مع ملاحظتها بحيث يكون ملاحظة الشهرة لها مدخلية في تصادم الظهورين فما يتساوى فيه الظّهوران من دون ملاحظة الشهرة فهو قسم من المنقول و قد عرفت الإشكال في إمكانه ثم في وقوعه (فالتحقيق) اعتبار هجر الحقيقة الأولية في الوضع التعيّني كما هو ظاهر الكلّ أو الجلّ و الله الهادي هذا كلّه في النقل المرجوح و أما الرّاجح فالظّاهر عدم اعتبار

سبق الاستعمالات المجازية فيه فيجوز أن يتعيّن المطلق للأفراد الشائعة أو لخصوص بعض الأفراد من غير سبق استعماله في خصوص ذلك الفرد حتّى يكون مجازا كما يتضح ذلك في باب المطلق و المقيد فانتظر

أمّا القسمة الثانية [تقسيم الوضع الخاص و العام و موضوع له كذلك‌]

فمحصّل الكلام فيه أن المعنى الملحوظ حين الوضع إمّا أن يكون جزئيا حقيقيا ممتنع الصدق على كثيرين أو كليّا قابلا للصدق عليها و على الأول فإمّا أن يضع اللّفظ بإزاء ذلك المعنى الجزئي من جهة خصوصيّة أو من جهة كونه مرآة لملاحظة عنوان كلّي و على الثّاني فإمّا أن يضع اللّفظ بإزاء ذلك المعنى الكلّي و يجعله مرآة لملاحظة أفراده المندرجة تحته و يضع اللّفظ بإزائها و الوضع في الأول خاصّ من حيث نفسه و من حيث الموضوع له أيضا و مثاله المعروف وضع الأعلام الشخصيّة لأنّها موضوعة لما يمتنع صدقه على متعدّد إذ المراد بالتعدّد هو التعدّد الفردي دون التعدّد الأحوالي فزيد مثلا موضوع لمعنى لا يقبل التعدّد الفردي و هي الذّات المتشخّصة الخارجية و إن كان قابلا للتعدّد من حيث الأحوال مثل الصّحة و المرض و نحوهما من الأحوالات المتخالفة و من هنا ظهر فساد ما توهّم من كون وضع الأعلام أيضا عامّا كوضع الكليات نظرا إلى كون الموضوع له فيها أمرا عامّا جامعا لتلك الأحوالات وجه الفساد أن المراد بالعموم و الخصوص في المقام ليس ما يعمّ العموم‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست