responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 377

في العلّتين إلى الترتب الطبعي بين المعلولين و إلاّ لزم تخلّف المعلول عن العلّة كما يظهر بالتأمّل (رابعها) أن مرجع الجواب عن الدور بهذا الوجه إلى الدليل الوجداني الّذي أقيم على عدم كون ترك الضدّ مقدّمة لفعل ضدّ حيث إن القائل بكون الترك و الفعل متقارنان متساويان في الرتبة و ليس لأحدهما تقدم على الآخر حتى يكون مقدّمة له يقول إن ترك الضدّ و فعل الضدّ يتبعان من شي‌ء واحد و هي إرادة الضدّ مثلا و أن كلامهما يستند إليها و لا مدعى له سواء فقد تضمّن الجواب المذكور على دعواه و جرى الحق بلسان المجيب من حيث لا يشعر و الحاصل أن ضرورة الوجدان قاضية بأنّ السّبب الداعي إلى أحد الضدّين صارف عن الآخر أو مقارن له فيكون وجود الضدّ و عدم الآخر إمّا مسبّبين من سبب واحد أو من سببين متساويين في الرتبة فيكونان في مرتبة واحدة من غير ترتب أحدهما على الآخر

الرّابع‌

من الأدلّة أن ترك الضدّ لو كان مقدّمة لفعل ضدّ لكان فعل الضدّ أيضا مقدّمة للترك بل هو أولى بالإذعان حسبما فصل في الدليل السّابق و حينئذ يلزم قول الكعبي بانتفاء المباح رأسا و انحصار الأحكام بالواجب و الحرام و هو باطل شرعا كما أنّ الدّور محال عقلا و إليه ينظر كلام سلطان العلماء (قدّس سرّه) في حاشية العضدي كما نقلنا سابقا و هذا الدليل و الدليل السّابق كلاهما متفرعان على بطلان التالي و هو كون الفعل أيضا مقدّمة للترك لكن السّابق يكفي فيه إثبات الملازمة بين الشرط و الجزاء في تلك القضية الشرطية و هذا الدّليل يتوقف مضافا إلى إثباتها على مقدّمتين أخريين إحداهما وجوب ترك الحرام و الأخرى وجوب مقدّمة الواجب و لأجل ذلك أجيب عنه بوجوه أخر مضافا إلى الوجه الّذي أجيب به عن الأوّل فإنّه الوجه المشترك بين الدّليلين و سائر الأجوبة مختصّة بهذا الدليل و لا مساس لها بالدليل السّابق و يأتي الكلام عن قريب إن شاء الله في بيانها و بيان ما فيها صحّة و سقما

بقي الكلام في التفصيل بين الرفع و الدّفع‌

الّذي نقلناه عن المحقق الخوانساري بعد أن أورد كلام السبزواري (رحمه الله) و أورد عليه بما لا يهمنا ذكره ما لفظه و هاهنا كلام آخر و هو أنه يجوز أن يقال إن المانع إذا كان موجودا فعدمه ممّا يتوقف عليه وجود الشي‌ء و أمّا إذا كان معدوما فلا نظير ما قال المحقق الدّواني إن عند إمكان اتصاف شي‌ء بالمانعية فلا يكون حينئذ عدم المانع موقوفا عليه و على هذا لا يلزم على المجيب دوران حمل كلامه على ظاهره أيضا و بالجملة الحكم بتمانع الأضداد ممّا لا مجال لإنكاره و في كلام الشيخ الرئيس أيضا التصريح بتمانعها كيف و أيّ شي‌ء أولى بالمانعية من الضدّ فلا وجه للإيراد على المجيب بأنّه جعل الضدّ مانعا نعم لو قيل إن عدم المانع مطلقا ليس موقوفا عليه بل هو من مقارنات العلّة التامة كما ذهب إليه بعض لم يكن بعيدا لكن هذا بحث لا اختصاص له بالمجيب و بمقامنا هذا و لا يخفى أنّه على هذا الجواب عن الشبهة في غاية الظهور انتهى (قلت) و هذا التفصيل خير الأقوال الّتي عثرتها في مقدمة ترك الضدّ متى ركن إليه شيخنا العلاّمة (قدّس سرّه) و الدّليل على الجزء الثبوتي منه و هو كون رفع الضدّ الموجود موقوفا عليه لوجود الضدّ المعدوم هو دليل المشهور من كون الضدّ مانعا و عدم المانع مقدّمة فيأتي فيه ما عرفت في ذلك ردّا و قبولا و نزيد هنا (فنقول) إنّ مجرد الضدية لا يقتضي بالتمانع كيف و قد نرى بالوجدان بل نشاهد بالعيان أن بعض الأضداد ليس مؤثرا و علّة لفناء الآخر حتى يكون مانعا عنه و ذلك مثل السّواد و البياض فإنّهما ضدّان بالضرورة مع أن أحدهما ليس مانعا عن الآخر إذا كان موجودا قبله بل متى وجد المقتضي للسّواد أثر أثره حال اشتغال المحلّ بالبياض كحال فراغه عنه و كذا الحال لسائر الأضداد القارة فإنّ وجود شي‌ء منهما لا يمنع عن تأثير مقتضى الآخر بل يرتفع بمجرّد مقتضيه فيكون ارتفاعه و وجود ضدّه مستندين إلى نفس المقتضى و هذا يدلّ على أن صرف التضاد لا يوجب التمانع إذ المانع من شأنه منع تأثير المقتضى و مع عدم المنع كيف يكون مانعا و أيضا يجوز أن يكون عدم أحد الضدّين و الضدّ الآخر معلولي علّة واحدة كالحرارة و البرودة و الموت و الحياة و النور و الظّلمة و الحركة و السّكون فإنّ علّة وجود الحرارة مثلا هو علّة عدم البرودة و هكذا فالضدّية شي‌ء و المانعية شي‌ء آخر لا ملازمة بينهما فالحكم بالمانعية بمجرّد الضدّية لا سبيل إليه و لا دليل عليه سوى أنّهما لا يجتمعان و قد سبق غير مرّة أن عدم الاجتماع أعمّ من التمانع و أمّا الجزء السّلبي و هو منع مقدّمية العدم المقارن الّذي عبّرنا عنه بالدّفع فليس دليله مذكورا في كلامه و لا في كلام غيره بل هو من متفرداته الّتي لم نجده لغيره سابقا و لا لاحقا و يمكن أن يكون مستنده أمرين (أحدهما) أن مقدّمة الشي‌ء ما كان مقدّما عليه زمانا كما يشعر به عنوان المقدّمية فما كان مقارنا مع الشي‌ء فليس هو مقدّمة له و إن كان مفتقرا إليه بالذات و لذا لا يعدون الجزء من المقدّمات مع أنّ الافتقار إليه أشدّ و آكد (و ثانيهما) أنّ عدم الضدّ صار مقدّمة للآخر من حيث كون عدم المانع مقدّمة و غير الموجود ليس بمانع فلا يكون عدمه مقدّمة للضدّ الآخر و ضعف الوجهين مما لا يخفى (أمّا الأوّل) فلأنّ المقدّمة عندهم منقسمة إلى شرط و سبب و فسّروا الشرط بما يلزم من عدمه العدم و هذا كما يصدق على عدم المانع الموجود كذلك يصدق على عدم المانع المعدوم و لذا أطلقوا مقدّمية عدم المانع و لم يفصّل هذا التفصيل أحد و الحاصل أنّ مناط المقدّمية هو التقدم الطبعي‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست