responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 369

الأمر بالشّي‌ء و النهي عن تركه مفهومان متغايران و المستفاد من الأمر المحبوبيّة و من النهي المبغوضيّة فكيف يكون أحدهما عين الآخر و مرجع العينية إلى ثبوت الملازمة بينهما في الخارج و قول بعض بأن المراد بالعينية هي المطابقة واضح الفساد لأنّها عبارة عن دلالة اللّفظ على الموضوع له و الأمر بالشي‌ء ليس معناه الموضوع له هو المنع من الترك بداهة ثمّ إنّ صاحب المعالم (قدّس سرّه) جعل الاقتضاء المتنازع فيه أعمّ من الاقتضاء اللّفظي و المعنوي و تبعه غير واحد ممّن تأخر عنه و قال في شرحه غير واحد من الشراح منهم سلطان العلماء و المدقق الشيرواني (قدّس سرّهما) أنّ مراده من الدلالة اللّفظية هنا هو أن يكون النّهي معقولا من مدلول الأمر و لازما له باللّزوم البين بالمعنى الأخصّ سواء كان اللّزوم عقليا أو عرفيا و من المعنوية أن يكون إدراك اللزوم بين المعنيين موقوفا على تصوّر الطرفين بمجرد تصوّرهما أو بالدليل و فيه أن الفرق بين الدلالتين بجعل الأول لفظيا و الثاني معنويا ممّا لا وجه له ضرورة مساواة المداليل الالتزاميّة بأقسامها في مدخلية الوضع و اللّفظ و العقل فلا وجه لجعل بعضها لفظيّا و بعضها عقليّا أو معنويا و مجرّد وضوح الملازمة في بعض دون الآخر مع حجيتها معا على حدّ سواء بلا خلاف و لا إشكال لا يجدي في الفرق نعم قد يطلق على الالتزامات الدلالة العقلية أيضا نظرا إلى مدخلية العقل فيها كما يطلق عليها الدلالة الوضعية و اللفظية بملاحظة مدخلية كلّ منهما فإن شئت سمّيت كلّها عقلية أو وضعيّة أو لفظية و أمّا تسمية بعضها لفظية و الأخر عقليّة فلم يظهر له وجه اللّهمّ إلا أن يكون مجرد اصطلاح في المقام و هو في عرضة المنع فما في المعالم و كتب سائر الأصوليين من الفرق في التّسمية لا يخلو عن شائبة إضلال الطّلاب المشتغلين‌

الجزء الرّابع من العنوان المبحوث عنه هو النهي‌

و لا إشكال في أنّ النهي المتنازع فيه أعمّ من النفسي و الغيري و الأصلي و التبعي لأنّ النهي المتعلّق بالضدّ العام نفسي بل أصلي أيضا على بعض الوجوه المتقدمة في وجوب المقدّمة و ليس غيريا بل حاله من هذه الجهة حال الأمر بالشي‌ء لأنّ مطلوبية الفعل و مبغوضية الترك من سنخ واحد فكما أنّ الأوّل نفسيّ فكذلك الثاني إلا أن يكون أصل الأمر أيضا غيريا كالأمر بالوضوء فيكون النهي عن تركه أيضا كذلك و هو واضح و أمّا أنّه أصلي فمبني على كون الغيرة في الأصلي باستقلال أحد الأمرين من الاستفادة أو المستفادة فالنهي عن الترك لكونه مستقلاّ نفسيّا يندرج تحت الأصلي و إن كانت الاستفادة تبعيّة كما مر في مقدّمة الواجب و أمّا أنّه يعمّ الغيري و التبعي فلأنّ عمدة النزاع هنا في الضدّ الخاص و النهي المتعلّق به نهي مقدمي و هو غيري تبعي فالنهي المتنازع أعمّ من الأصلي و التبعي لينطبق على أقسام المسألة و أقوالها خلافا للمحقق القمّي (قدّس سرّه) حيث جعل النزاع في النهي الأصلي نظرا إلى الثمرة المعروفة و هو فساد الضدّ فزعم أنّها لا تترتب إلاّ على النهي الأصلي و هو غريب فإنّ الفساد الّذي يقتضيه النهي ليس هو من آثار لفظ النهي بل لمنافاة المعنى و هو التحريم للصحة فأيّ فرق بين استفادته من اللّفظ بالأصالة أو بالتبع و لذلك لا خلاف بين الأصحاب في أنّ النهي التبعي النفسي يقتضي الفساد مطلقا نعم الخلاف واقع بينهم في اقتضاء النهي الغيري للفساد فالمشهور أنّه يقتضي الفساد في العبادات دون المعاملات و ذهب جماعة منهم بعض المحققين إلى عدم اقتضائه للفساد في العبادات أيضا يأتي التعرض له في ثمرة المسألة إن شاء الله و الحاصل أن ما ذكره المحقق القمّي (رحمه الله) من اختصاص محلّ النزاع بالنهي الأصلي ضعيف كضعف تخصيص محلّ النزاع في وجوب المقدّمة بذلك و كلّما تأمّلت و تأمل غيري ما ظهر لنا لذلك وجه يمكن الركون إليه و العجب أنّه استدلّ في مقدمة الواجب على كون المتنازع فيه هو الوجوب الأصلي بمقالتهم في هذه المسألة حيث زعموا فساد الضدّ على اقتضاء الأمر بالشي‌ء النهي عن الضدّ بناء منهم على كون ترك الضدّ المقدّمة لفعل الضدّ الآخر فيكون النهي المتولّد من الأمر نهيا غيريا أصليّا لأنّ التبعي لا يقتضي الفساد فلا بدّ أن يكون الوجوب المتنازع فيه في مقدّمة الواجب هو الوجوب الأصلي و استدلّ في هذه المسألة على كون محلّ النزاع هو النّهي الأصلي بأنّه نهي مقدّمي و قد تقدم في مقدّمة الواجب أن وجوب المقدمة المتنازع فيه هو الوجوب الأصلي و أنت خبير بما في الاستدلالين من الدّور كما يظهر وجهه بأدنى تأمّل‌

الجزء الخامس [الكلام في معنى الضد المبحوث عنه‌]

من العنوان المبحوث عنه الضدّ و هو في اللّغة المنافي و المعاند و يطلق على مثل الشي‌ء كما في محكي المصباح و النهاية و المجمع و لذا جعله بعض أهل اللّغة من لغات الأضداد و لكنّه خطأ فإنّ إطلاقه على مثل الشي‌ء ليس للمماثلة بل للمعاندة و المنافاة أيضا فإن السّواد كما لا يجتمع مع البياض في محلّ واحد كذلك البياضان لا يجتمعان فإطلاق الضدّين على المثلين مأخوذ ممّا يطلق به على المتنافيين و في اصطلاح أهل المعقول الضدّان أمران وجوديّان لا يجتمعان ذكره في محكي المصباح و المجمع و زاد بعضهم في محلّ واحد و آخر ذاتا لئلاّ يرد النقض بلوازم الضدّ لو لوحظت مع الضد الآخر و الكل كما ترى غير سليم عن إخلال العكس أو الطرد (أمّا الأوّل) فلأنّ مقتضاه اختصاص نسبة التضاد بمثل الدنيا و الآخرة و اللّيل و النهار و نحوهما ممّا لا يجتمعان في أصل الوجود فخرج نحو السّواد و البياض و نحوهما ممّا يجتمعان و جودا في محلّين (و أمّا الثّاني) فلانتقاضه بلوازم الضدّ لأنّها لا تجتمع مع الضدّ

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 369
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست