responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 363

الأمر الفوري و لا في المضيق المصطلح فلا وجه لتخصيص محلّ الكلام هنا في الأمر المضيق هذا و لكن الّذي يقتضيه التحقيق و يساعده النظر الدقيق أن ما ذهب إليه الجماعة هو الحق الحقيق بل و هو الظّاهر من عنوان المسألة لأن الضدّ على ما عرفوه هو المنافى و المعاند و هو ممّا لا يتصوّر في الواجب الموسّع إذ المأمور به في الواجب الموسّع كصلاة الظّهر مثلا هو مسمّى الصّلاة في المدّة المضروبة و هو حاصل بإتيان الطبيعة في جزء من أجزاء تلك المدّة و الاشتغال بالأكل و الشرب و النوم و غيرها من الأضداد في جزء من أجزاء الزمان المضروب لا ينافي للطبيعة المأمور بها لإمكان الإتيان بها في جزء آخر من أجزاء تلك المدّة و هكذا إلى أن يتضيّق الوقت بحيث لا يبقى منه إلاّ مقدار أداء الفريضة فينافيه حينئذ فعل المنافي لأنّ الاشتغال به في ذلك الوقت يمنع عن حصول مسمّى الفريضة و يفوته فيجب تركه من باب المقدّمة و بعبارة أخرى أنّ المأمور به في الواجب الموسّع إنما هي الطبيعة المطلقة و هو مسمّى الصّلاة مثلا في المدّة المضروبة و لا يضاده شي‌ء ما لم يتضيق لأن التضاد و التنافي إنما يثبتان في الأشياء باعتبار تواردها على محلّ واحد فهي من صفات الموجودات الخارجية دون الطّبائع الكلّية الغير الملحوظ فيها خصوصيّة الأفراد و الموارد و أمّا أفرادها الخارجية الواقعة في أجزاء ذلك الزمان فهي و إن كانت لها امتداد في الخارج إلاّ أنّها ليست بمأمور بها قطعا و الحاصل أن الأمر بالصّلاة من الظهر إلى المغرب مثلا متعلّق بالطّبيعة و هو مسمّى الصّلاة و الأكل و الشرب مثلا لا ينافيانه ما لم يتضيق فكيف يحرمان قيل ذلك من جهة المقدمية أو من جهة التعبّد أو من جهة الاستلزام أو غير ذلك ممّا هو نظر القائل بالاقتضاء نعم لو قلنا في الواجب الموسّع بالتخيير الشرعي في أجزاء الزمان أمكن الالتزام بذلك لأن الأمر حينئذ ينحل إلى أوامر عديدة بعدد أجزاء الزمان فيكون الفعل في كلّ جزء من أجزاء الزمان مأمورا به بأمر خاص على وجه التخيير و الاشتغال بفعل آخر ينافي امتثال ذلك الأمر و يعانده فيقتضي الأمر في كلّ زمان النهي التخييري عن ضدّه في ذلك الزمان إلا أنّه خلاف التحقيق بل المأمور به في الواجب الموسّع هي الطبيعة دون الأفراد على وجه التخيير فإن التخيير في أجزاء الزمان عقلي لا شرعي بأن ينحل الأمر به بملاحظة أوسعية الوقت إلى أوامر عديدة بعدد أجزاء الزمان شرعا و لذلك قال جماعة و لعلّه الأكثر بوجوب تأخير التيمّم على ذوي الأعذار إلى أن يتضيق الوقت فإن مبناه على ما ذكرنا من عدم الانحلال إذ بعد ما كان المأمور به هي الطبيعة لم يتحقق العدد في أول وقت مثلا بالنّسبة إلى ما هو المأمور به و هو المسمّى كما أن مبنى جواز التعجيل و عدم وجوب التأخير هو دعوى الانحلال إلى أوامر متعدّدة شرعا لأن المكلّف في كلّ جزء يلاحظ حاله في ذلك الجزء من حيث دخوله في ذوي الأعذار و عدمه فإذا كان في أول الوقت فاقدا للماء أو متضرّرا باستعماله فهو بالقياس إلى الأمر الّذي تعلّق به في ذلك الزمان على وجه التخيير يدخل في ذوي الأعذار فيباح له التيمم أو الجبيرة و لو كان واجبا لزوال العذر في آخر الوقت بل و لو كان قاطعا و هذا من شواهد فساد هذا المذهب إذ الظّاهر أنّه لا يقول به أحد مع القطع و الحاصل أنّ المكلّف لو كان مأمورا بالطّهور و الصّلاة في كلّ جزء من أجزاء الزمان شرعا و لو تخييرا فمع عذره عن استعمال الماء في زمان يباح له التيمّم أو الجبيرة فإذا تيمّم و صلّى صحّت صلاته و أجزأ و إن ارتفع عنه العذر بعد ذلك لأنّه في ذلك الحين كان مأمورا بالصّلاة مع الطهارة أو بدلها و الأمر الشرعي يقتضي الإجزاء بخلاف ما لو قلنا بأن المأمور به هو المسمّى في المدّة المضروبة فلا أمر بالطّهور و الصّلاة إلاّ في مجموع الوقت فيلاحظ العذر بالقياس إليه هذا مع أن القول بالتخيير في الموسّع مختصّ بالواجبات الموقتة أمّا غير الموقتة منه كصلاة الزلزلة فلا وجه لدعوى الانحلال فيه بل الظاهر أنّه لم يقل فيها أحد بالتخيير الشرعي ثم لو سلّمنا و أغمضنا عن ذلك كلّه (فنقول) إن عنوان البحث بحسب القواعد اللفظية يقتضي الاختصاص بالأمر المضيق لا بظهور الأمر فيه كما قيل بل لأنّ لفظ النهي المشتمل عليه العنوان ظاهر في التعييني و لا يستقيم ذلك مع إطلاق الأمر لأنّ الأمر التخييري لا يعقل أن يكون مقتضيا للنهي التعييني فبعد مراعاة ظهور لفظ النهي‌

الموجود في العنوان في التعييني لا بدّ إمّا من رفع اليد عن ظهوره أو من تخصيص الأمر بالمضيق و الثاني أولى و أهون بمقتضى القواعد اللّفظية فيما لو تعارضا الظاهران في كلام واحد إمّا لأنّ الثاني قرينة صارفة عن ظهور الأول كما في أسد يرمي على أحد الوجهين أو لأنّ ظهور النهي في التعييني أقوى من إطلاق لفظ الأمر الأعمّ من المضيق و الموسّع إذ الظهور في التعييني قيل إنّه مستند إلى الانصراف الناشئ من الكمال و قال ثالث إنّه مستند إلى الإطلاق كما هو الحق حسبما بيناه في الأبحاث الماضية فعلى الأولين لا إشكال في كونه أقوى من إطلاق الأمر لأنّ ظهور الوضعي أو الانصرافي مقدّم على الظّهور الإطلاقي و على الأخير ندعي أنّ الإطلاق القاضي بالتعيين أقوى من الإطلاق القاضي بالتوسعة فتأمل (و الحاصل) أن العنوان بحسب القواعد اللّفظية يقتضي اختصاص النزاع بما إذا كان الواجب ممّا لا يجوز تركه و لا تأخيره لأنّ ما يجوز تأخيره يستحيل أن يكون مقتضيا للنّهي التعييني المستلزم للفور و الدوام‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست