responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 350

تعارض الشّهرة بين القدماء و الشّهرة بين المتأخرين في المسائل الفقهية النظرية المبنية على فهم مداليل الكتاب و السّنة الالتزاميّة و لأجل ذلك يمكن منع حصول العلم هنا باتفاق العلماء لأنّ مستند حكمهم بوجوب المقدّمة لو كان هو الوجدان فكيف يحصل العلم باتفاقهم لمن راجع إلى نفسه حال إرادته لشي‌ء و لم يجده مريدا لما يتوقف عليه ذلك الشّي‌ء و كذا لو كان المستند هي الأدلّة و البراهين الفاسدة الّتي اعتمد عليها أفاضل العقلاء فمع ما ستعرف إن شاء اللّه من الأجوبة حلا و نقضا لا تفيد لك علما و لا ظنّا بل و لا وهما

[الدليل الثالث من أدلة القائلين بالوجوب‌]

(الثّالث) ما حكي عن أبي الحسن البصري و فخر الرّازي و استدل به العلاّمة (قدّس سرّه) في التهذيب و محكي النهاية و قرّره في المعالم بقوله احتجّوا بأنّه لو لم يقتضي الوجوب في غير السّبب أيضا للزم إمّا تكليف ما لا يطاق أو خروج الواجب عن كونه واجبا و التالي بقسميه باطل بيان الملازمة أنّه مع انتفاء الوجوب كما هو المفروض يجوز تركه و حينئذ أي و حين إذ تركها فإن بقي ذلك واجبا لزم تكليف ما لا يطاق إذ حصوله حال عدم ما يتوقف عليه ممتنع و إن لم يبق واجبا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا و بيان بطلان كلّ من قسمي اللاّزم ظاهر و أجاب عنه بقوله بعد القطع ببقاء الوجوب أنّ المقدّمة كيف يكون ممتنعا و البحث إنّما هو في المقدور و تأثير الإيجاب في القدرة غير معقول انتهى كلامه رفع مقامه (أقول) قوله (قدّس سرّه) بعد القطع ببقاء الوجوب الظّاهر أنّ مراده من بقاء الوجوب هو بقاء أثر الوجوب يعني استحقاق العقاب على تركه لوضوح أن بقاء نفس الوجوب حينئذ يستلزم التكليف بما لا يطاق لأنّه ممتنع بعد ترك مقدّمة و مجرّد إمكانه الذّاتي لا يكون مصحّحا للتكليف به بعد عروض الامتناع سواء كان السّبب هو المكلّف أو غيره إذ الغرض من التكليف هو بعث المكلّف إلى إيجاد المكلّف به و في حال كونه ممتنعا و لا يترتب عليه هذا الغرض فكيف يصحّ صدوره من الفاسق العاقل فضلا عن الحكيم العادل نعم قد يصحّ التكليف مع عدم علم الآمر بعدم حصول المأمور به لغيره من التسجيل و الامتحان كما في تكليف الكفّار و العصاة و هذا أيضا غير متصور في المقام إذ التسجيل و الامتحان فما حصلا بالتكليف حال القدرة إذ يشترط في صحّة التكليف تحقق القدرة على الفعل المأمور به في جزء من أجزاء زمان ما بعد التكليف و لا شكّ أنّ القدرة بالفعل حاصلة قبل ترك المقدّمة إذ يصدق على المكلّف حينئذ أنّه يمكن صدور الفعل عنه و أنّه إذا شاء فعله و سقوطها بعد باختياره غير ضائر و لولاه لم يحصل بالتكليف حال العجز أيضا و هو واضح فبقاء التكليف بمعنى بقاء الخطاب بعد صيرورة الفعل ممتنعا واضح البطلان لا يحوم حوله عاقل و قد اعترف بأن الخطاب إذا لم يكن له فائدة لا يصدر من الشّارع لكونه عبثا فكيف يعول ببقاء الخطاب بعد عروض الامتناع إذ لا فرق بين الابتداء و الاستدامة فتعيّن أن يكون مراده ببقاء التكليف بقاءه عقابا أي استحقاق المؤاخذة و الذم لا بقاءه خطابا فما ذكره المدقق الشيرواني من تجويز التكليف بعد الامتناع أيضا لغرض الابتلاء بمعنى إظهار ما لم يكن ظاهرا على العقول القاصرة و الأحلام السخيفة كتكليف الكفّار و العصاة فهو من العجائب و لعلّه أراد به التّنبيه على ما ذكرنا ليصحّ التكليف بعد الامتناع و إن كان بعيدا عن سياق كلامه و ممّا ذكرنا ظهر أيضا أن ما ذكره سلطان العلماء (قدّس سرّه) و من وافقه من الأفاضل الأعلام في توجيه بقاء التكليف بما هو المعروف من أنّ الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار ليس على ما ينبغي إن أرادوا به استمرار الخطاب و التكليف لأنّ هذه القضيّة نظير قولهم الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار إنّما قال بها من قال في ردّ الأشاعرة الجبريّة القائلين بأنّ العبد مجبور في أفعاله حيث إنّهم استدلوا على جواز التكليف بالممتنع بأن كلاّ من طرفي الممكن لا يتحقق ما لم يصل إلى حدّ الوجوب لأنّ كلّ ممكن محتاج إلى مؤثر عند تحقّقه يجب وجوده و عند عدمه يمتنع وجوده فلا يصدر عن العبد فعل إلا بعد وجوبه في حقه بوجود علّته التّامة و لا ترك إلا بعد امتناع الفعل في حقه بسبب عدم العلّة فالتكاليف الشرعية كلّها تكليف بالممتنع لأن متعلّقها إمّا أفعال أو تروك و هما خارجان عن مقدرة الإنسان فأجاب عنهم العدلية بأن الإيجاب و الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار فإن كلاّ من طرفي الممكن و إن كان خارجا عن الاختيار بعد الإيجاب و الامتناع إلاّ أن كلاّ من الإيجاب و الامتناع لما كان باختيار العبد و مشيّته بحيث لو شاء إيجاب شي‌ء أوجد علّة وجوده و لو شاء امتناعه لم يوجدها كان كلّ من طرفي الممكن اختياريّا له بهذه الملاحظة و لذلك يجوز تعلّق التكليف به لأنّه حين تعلّق التكليف قادر على اختيار كل من الإيجاب و الامتناع و أين هذا من الامتناع الحاصل من علّة سابقة على زمان التكليف فهو خارج عن اختياره حال التكليف و إن نشأ من اختياره السّابق لأنّ الاختيار المقصود من كلامهم هذا هو الاختيار الحاصل في زمن التكليف فإن‌

له حينئذ اختيار الإيجاب و هو إيجاد علّة الوجود أو اختيار الامتناع و هو عدم إيجاد علّة الوجود و لا كذا إذا كان الاختيار المذكور سابقا على زمن التّكليف فليس له حينئذ اختيار إيجابه أو امتناعه فيكون كالممتنع الذاتي و يأتي فيه ما ذكر في قبح التكليف به من السّفه العقلي و انتقاض غرض‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 350
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست