responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 347

فهو فاسد و لو لم نقل بوجوب المقدّمة لأن لابدّيتها العقلية مانعة عن تعلّق الأمر بتركها ففعل الضّد لما كان تركه ممّا لا بدّ منه في تحصيل الواجب فلا يصلح أن يكون مرخصا فيه فضلا عن أن يكون مأمورا به فيفسد من جهة عدم الأمر أيضا و لو لم يكن حراما (فإن قلت) الأمر المتعلّق بكلّي الضد كالصّلاة يكفي في صحّته و لا تحتاج الصّحة إلى الأمر بخصوص الفرد الّذي تركه مقدّمة للواجب (قلت) إن كان ذلك الأمر المتعلّق بالطّبيعة كافيا في صحة الفرد الّذي لا يصلح موردا للأمر لزم الحكم بالصّحة على فرض حرمة ذلك الفرد و إلا فعدم الأمر أيضا كاف في فساده و سيأتي مزيد تحقيق لهذا الكلام فإنّه صدرت من بعض الأعلام في إبطال الضدّ و لو لم نقل بأن الأمر بالشي‌ء يقتضي النّهي عن ضدّه و إن كان من المعاملات فهو صحيح على القولين لأنّ النّهي فيها لا يقتضي الفساد مطلقا و لو كان نفسيّا كما سنبين القول فيه في محلّه إن شاء اللّه تعالى‌

و منها ما ذكره بعض في السّفر الموجب لتفويت الواجب‌

من أنّه على القول بوجوب المقدّمة يكون السّفر محرما لأن ترك السّفر مقدّمة للواجب فيكون فعله حراما فيترتب عليه أحكام سفر المعصية من لزوم الإتمام في الصّلاة و عدم سقوط الصوم و لا كذا على القول بعدم وجوبها و فيه أن سفر الحرام الّذي تتم فيه الصّلاة هو ما كان لأجل غاية محرمة كالسّفر للسّرقة و نهب الأموال و نحوه من ذلك تشييع الجائر فإنّ هذا هو القدر المسلم من سفر الحرام و أمّا السّفر الّذي كان نفسه حراما بالذات كالسّفر في ملك المغصوب و سفر المريض المضرّ بحاله و السّفر المنهي عنه لإطاعة الوالدين أو الوفاء بالنذر أو نحو ذلك من المحرّمات النفسيّة أو كان حراما بالغرض كالسّفر المفوت للواجب ففيه خلاف و على القول بالتمام فيه لا يفرق فيه أيضا بين القول بالوجوب و القول بالعدم بل كون السّفر سببا للحرام يكفي في التمام و لو لم يكن بنفسه محرما لأن غايته و هو ترك الواجب محرم فيندرج في القسم الأوّل و هو ما كان غايته محرمة و لو لم يكن نفس السّفر محرما و الحاصل أن الحكم بالتمام في السّفر المفوت للواجب غير مبني على القول بوجوب المقدمة بل القائل به يقول به و لو لم يقل بالوجوب نظرا إلى حرمة ما يترتب عليه من الحرام‌

الأمر السّادس في تأسيس الأصل في المقام‌

فنقول أمّا أصالة البراءة فلا مسرح لها هنا لأنّ الأصل المذكور سواء كان مدركه العقل أو الشّرع إنّما يتمسّك به في رفع المؤاخذة و العقاب و بعد ما عرفت من اتفاق العلماء بل العقلاء على عدم ترتب العقاب في ترك المقدّمة زائدا على العقاب الثابت في ترك ذيها فلا وجه لجريانه هنا و إجرائه عند الشك في الأجزاء و الشرائط مع كونها مقدّمة لا ينافي ذلك لأن الشك في المسألتين شكّ في كون الشي‌ء مقدّمة شرطية أو في كونه جزء للمأمور به لا في وجوبهما بعد إحراز الشرطية و الجزئية و أمّا أصل العدم فإن كان اعتباره من باب الاستصحاب بأن يكون مدركه أخبار لا تنقض فهو ممّا لا ينهض حجة في نفي الوجوب مطلقا و لو كان نفسيّا لما تقرر في محلّه و ليس هنا محلّ ذكره و إن كان اعتباره من باب الظن فهو أمارة ظنية معتبرة لو ترتب عليها بعض الفوائد كما قيل أو يقال بترجيح أحد المتعارضين به إلا أن هذه الفائدة مفقودة أيضا في الوجوب المقدّمي لأن أصالة عدم وجوب المقدّمة لا يجري مع أصالة عدم وجوب ذي المقدّمة لما تقرر في محلّه من أن الشكّ في اللاّزم مسبّب عن الشكّ في الملزوم و لا مجرى للأصل في المسبّب مع جريانه في السّبب موافقا كان معه أو مخالفا فلا يتصوّر فائدة هنا حتّى يتصور كون هذا الأصل أي أصالة عدم وجوبها حجة إذ كلّما لا يفيد علما و لا عملا لا معنى لكونه حجة كما لا يخفى عند المتدرّب و قد يورد عليه بأن أصل العدم لا بدّ فيه من تعيين سابق حتى يحكم ببقاء حكمه عند الشكّ و المقدّمة بعنوان كونها مقدمة الواجب ليست مسبوقة بعدم الوجوب حتى يستصحب المتيقن حال الشكّ في وجوبه إذ من حين الأمر بذي المقدّمة كان وجوبها مشكوكا و أمّا عدم وجوبها قبل الأمر بذيها فغير نافع لتغير الموضوع و فيه أن حدوث الحوادث و تغير الأكوان و الأحوال لا يوجب تغيرا في موضوع الاستصحاب العدمي لأنّ المستصحب هناك العدم الأزلي قبل تكون الكائنات و هو لم يكن قائما بموضوع حتى يتغير أو يتبدّل بالحوادث و لذا لم يناقش أحد في اعتبار أصالة العدم أو استصحاب العدم بهذه المناقشة و إن منعه من منعه بسبب آخر مذكور في بابه هذا كلّه إذا لاحظنا الأصل في ثبوت اللاّزم أي وجوب المقدّمة و إن لاحظناه في الملازمة العقلية بينه و بين وجوب ذي المقدمة فلا أصل في البين كما هو واضح و إن لاحظناه في الدلالة اللّفظية فإن أريد بها الالتزام العقلي فكذلك لا أصل هنا و إن أريد بها الالتزام اللّغوي أو العرفي بأن يكون البحث في أن ألفاظ الوجوب هل اعتبر الواضع فيها التقييد بوجوب المقدّمة بمعنى أنّه حين وضع افعل مثلا للوجوب قيده بوجوب مقدّمات ذلك الفعل فالتقييد داخل و القيد و هو وجوب المقدّمة خارج أو لا فقد يقال إن قضية الأصل عدم الاعتبار كما عن القوانين و الفصول في نظائر المسألة حيث يتمسّكون بالأصل في نفي اعتبار الخصوصية مطلقا إذا دار الأمر بين كون الموضوع له مطلقا أو مقيّدا إلا أنّ التحقيق عندنا التفصيل في المقامات بين ما علم ملاحظة القدر المشترك تفصيلا و شكّ في ملاحظة الخصوصية و التقييد بها مضافا إلى ملاحظة القدر المشترك و بين غيره ممّا يشكّ في كون الموضوع‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 347
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست