responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 322

دون اللّفظ و ما يجري مجراه من الكواشف عمّا في ضميره و لبّ الطّلب و معناه حسبما عرفت سابقا ليس قابلا للاشتراط و التعليق بل مرجع الإطلاق و الاشتراط هي المصلحة الباعثة عليه فيكون الوجوب المطلق ما كانت المصلحة الداعية إليه مطلقة يعني موجودة غير موقوفة على أمر غير حاصل و المشروط ما كان المصلحة الداعية إليه موقوفة على أمر غير حاصل و حينئذ لا يكاد يعقل الواسطة بين المطلق و المشروط فإنّ حال الفعل لا يخلو عن أحد الأمرين فإمّا أن يكون ذا مصلحة فعلية فالطّلب المتعلّق به حينئذ منجز غير متوقف على شي‌ء و إمّا أن يكون ذا مصلحة معلّقة على حصول أمر غير حاصل فالطّلب المتعلّق به حينئذ مشروط فلا واسطة بين الأمرين و بعبارة أخرى أنّ الطلب حسبما حققنا سابقا و هو مختار هذا الفاضل ليس إلاّ الإرادة و هي كيفية نفسانية غير قابلة للاشتراط و التّعليل و لذلك التجأنا إلى إرجاع قيود الطّلب إلى المصلحة الباعثة عليه و قلنا إنّ المصلحة إن كانت موجودة حال الخطاب غير موقوفة على أمر غير حاصل فالطّلب المنبعث منها مطلق و إن كانت موقوفة على أمر غير حاصل غير موجودة حال الخطاب فالطّلب المنبعث منها مشروط فكيف يتعقل هنا فرض آخر ليكون قسما ثالثا يسمّى بالمعلّق هذا باعتبار اللّبّ و أمّا ظاهر الخطاب و اللّفظ الكاشف عنه فلا عبرة باختلافه بمقتضى القواعد العربية فما يفرق بين المشروط و المعلّق نظرا إلى أنّ القيد في الأوّل قيد للطلب و في الثاني قيد للمطلوب فإن قال الآمر افعل كذا في وقت كذا فهو معلّق و إن قال إن دخل وقت كذا افعل كذا فهو مشروط فممّا لا يجدي شيئا إذ لا فرق بينهما إلا بحسب العبادة و هو ممّا لا اعتبار به في الأحكام العقلية فلا وجه لاختلافهما في اقتضاء وجوب المقدّمة و عدمه و كذا في سائر الأحكام العقلية بعد عدم تعقل الفرق بينهما في الطّلب المستكشف منهما حسبما عرفت و لعمري إنّ إكثار الكلام و غاية النقض و الإبرام في هذا المقام لا يرتفع به غواشي الظّلام عن وجه المرام إذا لم يساعدنا في هذا الملك العلاّم (و أمّا ثانيا) فلأن الاكتفاء بالتقدير في ثبوت الحكم الشرعي في التأثير لو صحّ إنّما يصحّ عند الذهن السّليم المنصف لو كان للوجود الفعلي مدخلية و تأثير في الحكم الواقعي كما هو كذلك في الشروط المتأخرة الواردة في الشّرع حسبما مرّت الإشارة إليها لأنّ رضاء المالك مثلا له مدخلية في سببية البيع للنقل فلا غرو في الاكتفاء بوجوده التقديري أمّا لو كان أصل وجودها لا مدخلية له في الحكم الشرعي واقعا كما هو مبنى هذا الأصل فكيف يكون تقدير وجودها و الاعتبار المنتزع منها دخيلا و شرطا فإذا لم يكن وجود الزّمان شرطا فكيف يكون تقدير وجوده شرطا مع كون التقدير غير منفكّ عن وجوده (فإن قلت) هذا استبعاد محض و دين اللّه لا يصاب بالعقول و لا يوهنه الاستبعادات و لا يثبته الاستحسانات فلم لا يجوز أن يكون وجود الشي‌ء غير مؤثر شرعا في الحكم و يكون تقديره مؤثرا (قلت) نعم إلا أن لكلّ صواب نورا و كلّ حق حقيقة و الذّهن السّليم و القسطاس المستقيم لا يتحمل هذه الأثقال الوهمية الباطلة كما لا يخفى على كلّ ذي قوة عاقلة و بالجملة لا سبيل إلى نفي الاشتراط مع توقف الفعل إلى أمر غير مقدور و لا يعقل ثبوت الوجوب قبل وجوده الفعلي لأنّ وجوده التقديري لا يجعل الفعل المتوقف عليه مقدورا حتى يكون قابلا للتكليف المنوط بالحسن و القبح العقليين نعم يجوز أن يكون في غير المقدور و بعض المصالح و الخواص الذاتية المترتب عليه من دون تكليف إلا أن مناط التكليف و مداره على شي‌ء آخر لا يوجد في غير المقدور اتفاقا (فإن قلت) فكيف الحال في الشّروط المتأخّرة المشار إليها و الوقوع أخصّ من الإمكان و لا مصحّح له عند العقل سوى ما ذكره من شرطية التقدير و الاعتبار المنتزع من وجوداتها المتأخّرة (قلت أوّلا) عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود و لعلّ الشرط الواقعي عند الشّارع أمر مغاير للمشروط يكشف عنه وجوداتها المتأخرة و توضيحه أنّه إذا ورد في الشرع ما يتراءى كونه شرطا متأخرا نظرنا إلى دليل الاشتراط فإن كان للتصرّف في الشّرط أو المشروط أو فيهما مسرح و مجال ارتكبناه وجب المسير إليه بقرينة العقل القاضي باستحالة تأخر الشّرط عن المشروط و إن لم يكن مسرح للتصرف في شي‌ء منهما كشف علم من ذلك علما قطعيّا ذلك كشفا قطعيّا بأنّ الّذي سمّاه جعله الشّارع شرطا ليس بشرط بل الشرط أمر سابق مقارن للحكم الشرعي مكشوف‌

بوجود ما جعله شرطا متأخّرا في الأدلّة و لا يصار إلى ما ذكره من إرجاع الشرط إلى الاعتبار الّذي لا اعتبار له عند أولي الاعتبار كما يفصح عنه بطلانه في إجازة الفضولي بالاتفاق فلو كان له اعتبار لاعتبروا به هناك و قصّروا الكلام و لم يقعوا فيما وقعوا من الاضطراب العظيم و الجدل الجسيم (و ثانيا) أن شيئا من الموارد المذكورة ليس نصا بالشرط المتأخّر الّذي يتضيق به الخناق و تلتف في توجيهه السّاق بالسّاق حتى يكون إلى ربّك يومئذ المساق (أمّا الزكاة) فلإمكان كونها في أوّل هلال الثاني عشر زكاة معجلة كالفطرة الّتي تخرج قبل هلال شوّال عند جماعة من الأصحاب حيث يجوزونه و يسمّونه بالزكاة المعجّلة

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست