responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 316

أمر غير حاصل و عدم توقفه عليه لا معنى لإطلاق الطّلب قبل الوقت المحدث للمصلحة في المطلوب و ممّا ذكرنا يظهر فساد ما ربما قيل أو يقال من دوران إطلاق الوجوب و تقييده في الموقتات مدار ظاهر الخطاب فإن كان الوجوب قيدا للطّلب مثل قوله إن دخل وقت كذا فافعل كذا فهو مشروط و إن كان قيدا للمطلوب كقوله افعل كذا وقت كذا فهو مطلق و بالجملة أن الإطلاق و الاشتراط ليسا عبارتين عن الإطلاق و الاشتراط اللّفظيّين حتى يكون ملاك المغايرة بينهما اختلاف المعنى بحسب القواعد العربيّة بل هما أمران معنويّان متفاوتان في اقتضاء وجوب المقدّمة و عدمه عقلا فلا بدّ أن يكون ما به الافتراق راجعا إلى أمر معنوي لبّي إذ اللّفظ من حيث هو لا يؤثر في الحكم العقلي إلاّ أن يكون الاختلاف اللّفظي كاشفا عن الاختلاف المعنوي و بعد عدم تعقل المفرق المعنوي في الطّلب المستكشف من العبارتين لا وجه لاختلافهما في اقتضاء وجوب المقدّمة (و الحاصل) أن محبوبيّة الفعل و مطلوبيّته الباعثة على صدور الخطاب إن كان حاصلا فعلا في المأمور به من غير توقفها على أمر غير حاصل فهذا واجب مطلق و مقتضاه وجوب البدار إلى الامتثال بارتكاب المقدّمات و لو كانت محتاجة إلى طول زمان و إن كان موقوفا على حدوث أمر غير حاصل و عاريا عن المصلحة فعلا و لغوا صرفا قبل وجوده كان هذا واجبا مشروطا مقيّدا و لو تأخّر بلحظة (و من الواضح) عراء الفعل الموقت عن المصلحة رأسا قبل الوقت بل ربّما يكون تشريعا فيما إذا كان من العبادات و مجرّد إرجاع المتكلم الوقت إلى قيود الفعل في العبارة الكاشفة عن وجوبه و مطلوبيته لا يقتضي قلب ماهيّته و صيرورة ما ليس محبوبا محبوبا فعلا و الحاصل أن مفاد الكلام إن كان هو مطلوبيته و محبوبيته فعلا من غير انتظار شي‌ء غير حاصل فهو واجب مطلق أي غير متوقف وجوبه على شي‌ء حال الخطاب و إن كان هو عدم مطلوبيته فعلا بل بعد تحقق شي‌ء آخر من الحوادث زمانا كان أولا فهو مشروط و هذا هو المناط في إطلاق الوجوب و اشتراطه و أنت بعد الإحاطة بما حققنا تعرف أن إطلاق الطّلب لا ينافي توقف الامتثال على مضي زمان طويل أو قصير عقلا كما أن تقييده و اشتراطه لا ينافى عدم توقف الامتثال على مضي الزمان و وجه ذلك أن مضي الزمان في المطلق مقدّمة للامتثال و في المشروط مقدمة لأصل الوجوب و لو توقف عليه الامتثال أيضا عقلا و عليك بإمعان النظر في المقام و عدم المسارعة إلى النقض و الإبرام فإنه محتاج إلى التأمل التامّ و من ذلك ظهر الفرق بين التقييد بالمكان و التقييد بالزمان فإن التقييد بالمكان لا ينافي مطلوبية الفعل حال الخطاب فعلا و إن توقف على مسير يوم أو شهر مقدّمة لإيجاده في ذلك المكان لأن تنجز الطّلب و تحقق المصلحة الدّاعية إليه لا تستدعي أزيد من وجوب البدار إلى الامتثال بقدر الإمكان بحيث لو فرض بالإعجاز قدرته على إيجاده فورا قبل مسير يوم لكان مطابقا لمراد المولى و محصّلا لغرضه الباعثة على الأمر به و لا كذلك الزمان فإن الفعل قبله بلحظة ليس ذا مصلحة فعلية بل يتوقف اتصافه بها على مجيئه فهو حال الخطاب ليس واجبا بل يتوقف وجوبه على زمانه (و ثانيا) أن هذا خروج عن الطّريقة لأن الالتزام بوجوب مقدّمات الموقتات قبل الأوقات كوجوبها بعدها حرفا بحرف حتى في قصد القربة إذا كانت من العبادات و غير تقييدها بما هو من لوازم الوجوب و ثمرات الفرق بين الواجب و المباح أو المستحب ممّا لا يلتزم به أحد و ناهيك عن ذلك اختلافهم في الوضوء التأهبي المقارن لدخول الوقت بعد اتفاقهم على عدم صحّة غير المقارن إذا لم يقصد به بعض ما يشترط به من الغايات بل قصد خصوص الفريضة المشروطة بها مع ورود النصّ به فلو لا اتفاقهم على عدم وجوب المقدّمة قبل الوقت و أنّه لا يجوز قصد الوجوب بها إذا كانت من العبادات لما اختلفوا في خصوص التأهبي لأجل ورود النصّ بل كان القول بالجواز حينئذ موافقا للقاعدة غير محتاج إلى الدّليل فكيف مع وجوده و كذا اتفاقهم على جواز بذل الزاد و الراحلة للمستطيع قبل أوان خروج الناس إلى مكّة مع عدم التمكن منهما بعده و عدم جوازه وقت الخروج فلو وجب مقدّمة الواجب المشروط قبل الشرط لم يجز للمستطيع الواجد المزاد و الرّاحلة بدلهما أو إنفاقهما مع العلم بعدم التمكن منهما عند خروج الناس قبل وقت الخروج أيضا إذ لا فرق في نظر العقل بين أجزاء الزمان في وجوب المقدمة المنحصرة حيث ما تحكم بوجوبها

و الحاصل أن البناء على وجوب المقدّمة قبل تحقق شرط الوجوب بديهي الفساد متضح البطلان عند من له أدنى خبرة بصناعة الفقه و طريقة الفقهاء (و ثالثا) أنه غير مطّرد في جميع موارد النقض إذ لا يندفع بذلك الإشكال إلاّ في التكاليف الموقتة فلا يجدي في غيره من الواجبات و المحرمات الّتي يعاقب عليها قبل الابتلاء بها كعقاب الجاهل المقصر و من توسط في أرض مغصوبة أو غير ذلك ممّا كان المعلّق عليه أمرا سوى الوقت (و منها) ما أسّسه بعض الأفاضل الأعلام من الواجب المعلّق فإنه لو تم اندفع به الإشكال بإرجاع موارد الإجماع إليه و إنكار غير موارده على من قال به و ما ذكرناه في ردّ الأوّل‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 316
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست