responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 3

أمور يقدمها الإنسان أمام المقصود لتوقفه عليها أو لفائدة أخرى ثم من عادة القوم جعل المقدمة تارة ظرفا لما يذكر فيها من الأمور و أخرى مظروفا مع أن كلا منهما عين الآخر و الظرفية تستدعي المغايرة كما لا يخفى و لعل المغايرة هنا اعتبارية كما أن أصل الظرفية كذلك و هي بملاحظة هذه الأمور تارة بالإجمال و تارة بالتفصيل فيجعل ظرفا بأحد الاعتبارين و مظروفا بالآخر و من هنا جعل الواحد الشخصي تارة ظرفا و أخرى مظروفا لشخص آخر و استعمال كلمة في في الظروف الاعتبارية كما في قولهم الكرم في العرب و نحوه ليس على وجه الحقيقة الواقعية بل ادعائية بتنزيل الظرف و المظروف الغير الحسيين بمنزلة المحسوسين بضرب من التوسع و التسامح نظير إطلاق ألفاظ المقادير على ما ينقص يسيرا من مقاديرها المعينة على ما هو المختار فيها لأن المتبادر من الظرفية المصرح بكونها معنى في هي الظرفية الحقيقية كما أن المتبادر من كلمة في أيضا ذلك بناء على جريان التبادر في أوضاع الحروف و توهم كون استعمال كلمة في في أمثال هذا المقام مجازا لغويا بمكان من السقوط و المبادئ جمع مبدأ و المراد بها في المقام جملة من المطالب العلمية المذكورة في المقدمة بين ما يزيد في البصيرة و بين ما يتوقف عليه تحصيل العلم و هي على ضربين أحدهما التصورية و الأخرى التصديقية أما الأولى فقد جعل منها جماعة منهم العضدي تصور العلم و تصور الموضوع و تصور الأحكام و التحقيق أن جملة من المبادئ الأحكامية المذكورة في كتبهم تصديقية كمسألة مقدمة الواجب و نسخ الوجوب و وجود المباح و لعل غرضهم من جعل المبادئ الأحكامية من المبادئ التصورية ما عداها و في كلام العضدي إشارة إلى ذلك حيث صرح بأن المعدود منها تصور الأحكام و أما الثانية فينقسم إلى المبادئ الكلامية و المنطقية و العربية و منها أيضا ذكر فائدة العلم و مرتبته و شرفه و في كون جميع ما ذكر في المبادئ اللغوية تصديقية أيضا نظر فإن جملة منها كتعريف الحقيقة و المجاز و تعريف اللغة و تقسيم الألفاظ و نحوها تصورية كما لا يخفى ثم إن هاهنا إشكالات متعلقة بالمبادئ تنبه على جملة منها بعض المحققين الأول ما نبه عليه المحقق الكاظمي في المحصول أن المبادئ ما يتوقف عليه العلم بمعنى امتناع حصوله بدونه أو ما يتوقف عليه الشروع و البصيرة و قد جعلوا من الأول المبادئ اللغوية و المنطقية و الأحكامية و الكلامية مع أن علم الأصول غير متوقف عليها أصلا و لعله لأجل ذلك اعتذر التفتازاني عن إطلاق العضدي عليها ما يتوقف عليه العلم بأن المراد أنها ما يتوقف عليه البصيرة في العلم لا أنه يمتنع بدونها و الجواب أن هذه الأمور مما لا بد منها في تحصيل الفقه كما لا يخفى فهي مقدمة للفقه كما أن الأصول أيضا مقدمة له فالمراد بكونها مبادئ أنها كذلك بالنسبة إليه لكنها ذكرت أمام المقاصد الأصولية تنزيلا لها منزلة الفقه لشدة توقفه عليها و قد أجاد صاحب المعالم حيث جعل المبادئ اللغوية و مقاصد الأصول مقدمتين للفقه الثاني أن المبادئ معدودة من أجزاء العلم فكيف تذكر في المقدمة مع خروجها عن العلم و الجواب أن للمبادئ إطلاقين أحدهما ما يتوقف عليه تحصيل العلم و ثانيهما ما يتوقف عليه نفس العلم كتصور الموضوع و المحمول و القضايا المؤلف منها الأقيسة المستدل بها على المسائل و المعدود من أجزاء العلوم منزل على الإطلاق الأخير دون الأول الثالث أنه إذا كان المبادئ بمعنى الموقوف عليه من أجزاء العلم لزم كون العلوم الأدبية و غيرها من المقدمات من أجزاء الفقه و الأصول و الكلام لأنها تتوقف على علم الأدب و المنطق و البيان و مثله الكلام في بعض مسائل الهيئة و الحساب بالنسبة إلى علم الفقه و جوابه ظهر من الجواب الثاني لأن صدق الموقوف عليه عليها مبني على الإطلاق الأول الخارج عن حقيقة العلم جدا و تخلص بعض المحققين عن ذلك بالفرق بين الابتناء القريب و البعيد فجعل من أجزاء العلم الأول و هو تصور الموضوع و المحمول و الأقيسة الرابع أن تصور الموضوع من أجزاء العلم و قد ذكره القوم مع تصور ماهية العلم في المقدمة لا يقال المعدود من أجزاء العلم تصورات موضوعات المسائل و المذكور في المقدمة تصور موضوع العلم فتغاير لأنا نقول موضوعات المسائل هي جزئيات موضوع العلم أو أجزائها لأن العلم يبحث عن عوارض موضوعه فاتحدا و الجواب أن تصور موضوعات المسائل بالعنوان الإجمالي من أجزاء المقدمة و الذي هو جزء من العلم هو تصوراتها التفصيلية

الأمر الأول [الكلام في تعريف أصول الفقه‌]

من الأمور المشتمل عليها المقدمة في تعريف العلم علم هذا العلم له اعتباران إضافي و علمي و قد جرى دأب القوم على البحث عنه بكلا الاعتبارين مع عدم كون الاعتبار الأول مزيدا للبصيرة إبداء للمناسبة بينهما و لنقدم الكلام في الاعتبار الإضافي أيضا تطبيقا للوضع على الطبع نظرا إلى كون الاعتبار العلمي منقولا من الإضافي و إن كان للعكس كما فعله ثلة أيضا وجه و هو كون البحث في العلمي أخصر فاستحق التقديم لأجله أو لأجل كونه المقصود بالذات كما قيل فنقول الأصول جمع أصل و له في العرف و اللغة إطلاقات المبني عليه و هو الأشهر و أسفل الشي‌ء كما عن القاموس و أسفل المحسوسات و مرجع الأخيرين واحد و إن توهم مغايرتهما بالعموم و الخصوص لأن العلو و السفل من عوارض الأجسام فلا يعم غير المحسوسات و السابق كما نقول هذا الأسود في الأصل كان أبيض و الشرف و توهم جماعة أن هذه إطلاقات متغايرة فزعم بعضهم أن المقام موضع تعارض أقوال النقلة و أمارات الوضع فاستعمل فيه ما يقتضيه القاعدة عند تعارض الأمارات و آخر إلى أن المقام من دوران الأمر بين النقل و المجاز و ثالث إلى أنه من دوران الأمر بين الاشتراك و المجاز و التحقيق أن تغاير هذه الإطلاقات مع قرب بعضها من بعض لا يوجب القول بتعدد المعاني و الأصل في ذلك أن دأب العرب التوسع و التسامح في المعنى الحقيقي و استعمال اللفظ في ما يقربها من المفاهيم من غير الالتزام بتجوز أو اشتراك أو نقل بل بنحو من التوسع كما ذكرناه في نظائر المقام مثل لفظ الإجماع و الحيض ثم‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 3
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست