responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 288

و عن البيضاوي ما هو قريب من ذلك و ممّا يشهد بذلك مقابلتها بقوله حكاية عن المشركين‌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ‌ و توهم أنّ الغاية هي الأصل في معاني اللام فمقتضى أصالة الحقيقة الحمل عليها دون التقوية الّتي هي من المعاني المجازية لا يعبأ به فإن أصالة الحقيقة إنما تفيد عند انتفاء القرينة و أمّا مع وجود القرينة بل القرائن فلا يؤخذ بمقتضاها و من البيّن احتفاف الآية بما يصرف عن إرادة الغاية و هو قوله‌ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ فإنهما معطوفان على قوله ليعبدوا و قضية العطف تكرار العامل كما يفصح عنه سقوط النون عنهما و من الواضح أنّهما ليسا غايتين لعبائر الأوامر بل هما مأمور بهما فلا جرم من حمل اللام فيهما على التقوية و الصّلة و حينئذ فقضيّة الشّركة في العطف حمل اللام في المعطوف عليه عليها أيضا حذرا من استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد الّذي إن بيننا على جوازه فهو في خصوص أسماء الأجناس و أمّا في الحروف و ما ضاهاها ممّا كان الوضع فيه عامّا و الموضوع له خاصّا فممنوع بل لم يقل به أحد على أنا لو فرضنا جوازه فيها أيضا فذلك غير مجد قطعا ضرورة توقفه على القرينة المنفية في المقام هذا مضافا إلى أنّه بهما يدعى أن وقوع اللام عقيب الأمر و الإرادة أقوى شاهد على كونها للتقوية نظرا إلى تفسيرها بها في مواضع من نظائرها من الآيات القرآنية كقوله تعالى‌ وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ‌ و أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ‌ و أُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ‌ و يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ‌ إلى غير ذلك بل على ذلك نصّ بعض اللّغويّين أيضا فيكفي ذلك في الخروج عن مقتضى ظهور الوضع فتلخّص من جملة ما فتحناه أنّه لا دلالة في الآية بل و لا إشعار على تعبدية الواجبات كيف و لو كان كذلك للزم تخصيص الأكثر لأكثرية الأوامر التوصلية بل التعبّدية في جنبها في غاية الندرة (ثانيها) ما ذكره المحقق الخونساري (قدّس سرّه) في شرح الدّروس فإنّه بعد أن سلك في الاستدلال بالآية مسلكا آخر وراء ما سلكناه و اعتمد على خلاف ما بيناه حيث جعل تمامية مبنية على كون اللام للتقوية زعما منه أن المراد من العبادة هو مصطلح الفقهاء الّتي لا تنفك عن اعتبار قصد القربة في الواجبات فإن مقتضى الآية بناء عليه حصر المأمور به في العبادة (أجاب عنه) بما ملخّصه أن اللام فيها للغاية و جعل الشي‌ء غاية الشي‌ء أعم من حصولها بنفس ذلك الشي‌ء أو بأمر آخر له نوع مدخلية فيه و إن كانت المدخلية خفية و بعبارة أخرى كون الشي‌ء غاية أعمّ من حصولها بما جعل غاية له من غير واسطة كما في الأمر بالصّلاة بالنّسبة إلى حصول التعبّد مثلا أو مع وساطة أمر آخر كما في الأمر بمقدّماتها فيصحّ جعل التعبّد غاية لتلك المقدّمات نظرا إلى حصولها بذيها الّتي هي الصّلاة و حينئذ فكون التعبّد في الآية غاية لما أمروا به لا يقتضي كونها واجبات تعبّدية لعدم منافاتها للوجوب التوصّلي إذ من المحتمل أن يكون للوقوع في العبادة مدخل لجميع الواجبات التوصلية و إن كانت مدخلية خفية لا يعلمها إلاّ اللّه و الراسخون في العلم و دعوى حصول القطع بعدم تلك المدخلية في بعضها فضلا عن كلّها مجازفة بيّنة فانقدح من ذلك أنّ الآية قاصرة الدّلالة على المدّعى من وجوب قصد القربة في كلّ ما أمر به انتهى ملخص كلامه زاد اللّه في علو مقامه و قد تلقاه بالقبول صاحب الفصول حيث قال (قدّس سرّه) إنّ كونه غاية أعمّ من حصوله بنفس المأمور به كما في الأمر بالصّلاة أو بواسطة كما في الأمر بمقدّماتها للفرق بين ما أمروا إلاّ بالعبادة و بين ما أمروا إلاّ للعبادة فإنّ الأوّل يقتضي حصر المأمور به في العبادة دون الثاني فلا يكون لها دلالة على وجوب قصد القربة في كلّ ما أمر به إلا على تقدير العلم بأن لا مدخل لمجرّد وقوعه في عبادة و لو مدخلية خفية و هذا على تقدير حصوله نادر جدّا و فيه (أوّلا) قد اعترف كما عرفت بدلالة الآية على المدعى بناء على جعل اللاّم فيها للتقوية و هو ممّا لا مناص عنه لما عرفت من قيام الشواهد عليها الّتي أعظمها عدم استقامة العطف بناء على جعل اللاّم بمعنى الغاية لاستلزام استعمال اللّفظ في أكثر من معنى (و ثانيا) أن ظاهر الكلام بناء على جعل اللام للغاية حصول التعبد المجعول غاية بنفس المأمور به الّذي جعل الغاية غاية له إذ لا مجال لإنكار ظهور قول القائل أقم الصّلاة لعبادتي في وجوب الصّلاة لحصول العبادة بنفسها لا لحصولها

بأمر آخر فمجرّد احتمال كون المراد من الغاية أعم غير مجد بعد ذلك الظّهور المسلم (فإن قلت) دعوى كون المنشأ ظهور الكلام في أن الغاية حاصلة بنفس المعنى من غير واسطة غير مسموعة ضرورة عدم تفاوت الحال في صدق الغاية بين حصولها بنفس المعنى أو بواسطة الغير و سبب الظّهور إمّا الوضع أو الغلبة و ليس شي‌ء منهما موجود في المقام كما لا يخفى (قلت) منشأ الظهور اقتضاء الحكمة فإن الآية بناء على ما ذكرناه مفيدة للحكم الشرعي و هو الوجوب التعبّدي المستلزم لاعتبار قصد القربة في الواجبات بخلاف ما لو عمّمنا الغاية لانتفاء تلك الفائدة كما هو واضح فلا بدّ من حملها على الأوّل حذرا من لغوية الكلام (فإن قلت) إن تعليل الحكم بما لا يفيد حكما شرعيّا يتعلّق به العمل لا يوجب اللّغوية و الخلو عن الفائدة و إلاّ لزم لغوية كثير من العلل الشرعيّة الّتي لا يدور الحكم مدارها وجودا و عدما الّتي يعبّر عنها بالحكم الشرعيّة كما في تعليل غسل الجمعة برفع أرياح الآباط و وجوب العدة حفظا من اختلاط المياه و القصر في السّفر تخفيفا عن المشقة و التعب و غير ذلك (قلت) نعم إلا أنّ النزاع في البين يئول إلى ما يقتضيه‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست