responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 285

المستنبط مع أنّ دليل وجوب الكفائي إنما هو الإجماع و الضرورة و دليل العقلي في بعضها و ليس في شي‌ء اختصاص بالمباشرة فكما أمكن التوسّع في أصل الإيجاد فلا غرو في التوسع في القربة المعتبرة فيه و الحاصل أن حال القربة كحال الوجوب في عموم التّسبيب و هذا متين جدّا ينبغي أن يتلقى بالقبول لو لم يكن الإجماع على خلافه في أمثال المقام ممّا لا يخاف كما لا يخفى على البصير المتدرّب و كيف كان فالمشهور المعروف بين المحققين أنّ الّذي يقتضيه الأصل هو الوجوب التوصلي و ذهب شرذمة إلى اقتضائه الوجوب التعبّدي و اختاره صاحب العناوين على ما حكي عنه و تحقيق الكلام يستدعي التكلّم في المقام تارة في الأصل اللّفظي و أخرى في الأصل العملي و ثالثة فيما يستفاد من عمومات الكتاب و السّنة

فهاهنا مقامات‌

الأوّل [الكلام في أن الأصل اللفظي هل يقتضي التعبدية أو التوصلية]

قد ادّعى بعض الأفاضل من أرباب القول الثاني مطابقة الأصل اللّفظي لمدّعاه و استدلّ على ذلك بوجهين (أحدهما) أنّ الأمر ظاهر في إتيان المأمور به بداعي الأمر كما قد يتضح حاله بالمقايسة على اعتبار أصل القصد فكما أنّ ظاهر الأمر تعلّق الطلب بالفعل الصّادر على وجه العمد و القصد بحيث لا يندرج فيه الفعل الواقع من غير قصد و شعور كما إذا وقع على وجه الغفلة أو حال النوم أو غير ذلك و إن قلنا في التوصّليّات بكونه مسقطا للواجب نظرا إلى حصول الفرض كذلك يكون ظاهره هو الفعل الصّادر بداعي الأمر و لا فارق بين المقامين من حيث ظهور اللّفظ في ذلك (و الثّاني) ذم العقلاء للعبد الآتي بالمأمور به لغير داعي أمر المولى من سائر الدّواعي النفسانية لو اطّلعوا على سريرته و ما في ضميره و في كلا الوجهين نظر (أمّا الأوّل) فلمنع ظهور الأمر في ذلك ضرورة انتفاء ما يوجبه فإنّ ادّعى استناده إلى الوضع بحيث يكون مجازا في الواجبات التوصلية بأسرها الّتي أكثر من أن تحصى ففساده أوضح من أن يبين بل الظّاهر عدم التزامه بذلك و إن أراد غير ذلك فلا نجد من أسباب الظهور شيئا فعليه البيان و أمّا قياسه باعتبار القصد ففي غير محلّه لوضوح الفارق من وجود القرينة العقلية هناك المنفية فيما نحن فيه لأنّ اعتبار القصد في الواجب ليس لظهور اللّفظ فيه بل لحكم العقل بامتناع تعلّق الطّلب بما ليس بمقدور و من الواضح أنّ ما ليس بمقصود ليس بمقدور لوضوح كون القصد من شرائط الاختيار و من البين انتفاء حكم العقل بما يقتضي اعتبار قصد الامتثال فمقايسة المقام بمقام ظهوره في القصد بشهادة القرينة الفاقدة هنا غلط من الكلام و شطط من الأوهام (و أمّا الثّاني) فإن كان المراد منه إثبات مدرك الظهور كما صنعه صاحب المعالم في مقام إثبات ظهور الأمر في الوجوب نظرا إلى أن الظهور أمر وجداني لا بدّ في إثباته من النظر في آثاره كما هو ديدن المحققين حيث يثبتون التبادر بتمسّك السّلف من العلماء و غير ذلك ففيه بعد المساعدة عليه إذا نمنع كون ذم العقلاء مسبّبا عن ظهور الأمر في وجوب التعبّد كيف و قد عرفت أن سببا من أسباب الظّهور غير موجود فكيف يذمون من غير سبب و إن أراد بيان وجه آخر في إثبات مدّعاه بعد التنزّل عن دعواه من ظهور اللّفظ كما هو ظاهر المقايسة فيكون حاصله أن الآتي بالفعل بغير داعي الأمر و إن كان ممتثلا لما اقتضاه حاق اللّفظ بحيث لا يكون عاصيا في الحقيقة إلا أنّ مذمة العقلاء قاض بكونه في حكم العاصي فيجب حينئذ على المكلّف إتيان كلّ فعل أمر به بقصد الامتثال إلاّ ما خرج تخليصا للنفس من العصيان الحكمي المنكشف بذم العقلاء ففيه (أوّلا) منع الصّغرى لعدم ثبوت ذمهم بعد الإتيان بالمأمور به و إن كان لغير داعي الأمر (و ثانيا) منع كون المذمة بعد تسليمها ملزمة بحيث توجب إلزام المكلّف بل أقصاها المذمة التنزيهية فتوجب استحباب إتيان المأمور به على وجه الامتثال و قد تحقق في محلّه أنّ الأحكام العقلية أيضا خمسة عند المحققين على طبق الأحكام الشرعية (و ثالثا) بعد التنزل و تسليم كونها تحريمية فغايتها الكشف عن ذم الفاعل لسوء سريرته دون الفعل و حاصله توجه الذمّ على العبد دون الفعل الصّادر منه نظير ما قالوه في ذم المتجري فلا يدلّ على وجوب إتيان الفعل بداعي الأمر كما لا يدلّ ذم العقلاء هناك على حرمة المتجري به (و رابعا) بعد الغضّ عن جميع ذلك و تسليم كون المذمة على الفعل دون الفاعل فغير منتج ما هو المقصود من إثبات الوجوب التعبدي إذ غايته وجوب تحصيل الامتثال و الانقياد على العبد مضافا على وجوب أصل الفعل و هو أمر آخر وراء اشتراط سقوط التكليف بقصد القربة و بعد تسليم عدم مساعدة اللّفظ عليه و هذا الجواب سار في جميع أدلّتهم من العقل و النقل و قد أخذه بعض المحققين في الهداية جوابا عن أدلّتهم السّمعية و سيأتي تمام الكلام فيه إن شاء الله تعالى فتلخص من جميع ما ذكرنا أنّه لا محصّل لدعوى اقتضاء الأصل اللّفظي للوجوب التعبدي و في قبال تلك الدّعوى دعوى اقتضائه الوجوب التوصلي كما عن غير واحد تمسّكا بإطلاق الأمر زعما منهم أن الشكّ في اعتبار قصد القربة في الحقيقة شكّ في تقييد الأمر بها فقضية إطلاقه عدم اعتبارها و الاكتفاء بإتيان نفس المأمور به و لو لغير داعي الأمر و هي أيضا فاسدة بحيث يتناكر عنه من له أدنى حظ من هذا الفن بأدنى التفات لأن الاستناد إلى الإطلاق في رفع التقييد إنّما يصحّ بالنّسبة إلى القيود التي‌

يصحّ تقييد المأمور به كالطّهارة بالنّسبة إلى الصّلاة مثلا و أمّا القيود

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست