responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 272

للصيغة فينتقل منها إلى صيغة الأمر المتبادر منها الوجوب فالتبادر إنّما هو من الصّيغة المنتقل إليها بالكتابة لا من نفس الكتابة و أمّا الإشارة فنمنع تبادر الوجوب فيها مطلقا بل هو تابع للمقامات و قرائن الأحوال و إلاّ فانصرافها في نفسها إلى الوجوب ممنوع و على فرض تسليمه فالتبادر مستند إلى الكاشف فتبادر المنكشف ممّا لا يرجع إلى محصّل معقول‌

تذنيبان‌

الأوّل قد ذكر بين التبادر الوضعي و التبادر الإطلاقي ثمرات‌

(منها) أنّ التبادر الوضعي يتأتى في النفي و الإثبات في أسماء الأجناس و لا كذا التبادر الإطلاقي فإنّه مختص بحال الإثبات خاصّة ففي قول القائل لا تسقني ماء مثلا إذا كان انصراف الماء إلى ماء الفرات مسبّبا من الوضع يرد السّلب على خصوص ماء الفرات و إن كان من الإطلاق يرد السّلب على الجميع كذا قيل و فيه أنّه لا فرق في ذلك بين الوضع و الإطلاق إذ يجري الإطلاق مجرى الوضع و يرد السّلب على مفاد اللّفظ مطلقا سواء كان ذلك من الوضع أو الإطلاق (و منها) أنّهم اختلفوا في أن التركة لو تعلّق بها الدّين أو الوصيّة هل تملكها الورثة أو لا و منشأ الخلاف هو أنّه قد ورد في مقابل أدلّة الإرث من الكتاب و السنّة ما يخصّها أو يقيدها بما إذا لم يكن وصية أو دين على الميّت فالقدماء أخذوا بظاهرها فحكموا بعدم انتقال التركة إلى الورثة مع الوصيّة و الدّين و المتأخرون حملوها على سلب الملكية التامة المستقرة دون سلب الملكية المطلقة فقيل إنّ المسألة مبنية على كون الملكية التامة المستقرة هل هي مستفادة من وضع الألفاظ الدالّة على كون التركة ملكا للوارث أو يستفاد من إطلاقها و عدم تقييدها بشي‌ء فإن كان الأوّل كان الحقّ مع القدماء لأنّ ما دلّ على أنه ليس للورثة شي‌ء من الدّين أو الوصيّة مفهوما كالآيات المقيّدة بها بما بعد الوصيّة أو الدّين أو منطوقا كما في الإخبار أنّه ليس للورثة شي‌ء إذا كان على الميت دين حينئذ ينفي تمام مدلول الألفاظ الدالّة على الملكية سواء كانت تامة أو ناقصة فلا يبقى مع وجودها دليل على ثبوت أصل الملكية للورثة بخلاف ما إذا قلنا إن لفظ الملك و لفظ اللاّم في قوله تعالى‌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ* و نحوهما من ألفاظ الظاهرة في الملكية التّامة المستقرة إنّما يفيد الملكية في الجملة أعمّ من المستقر و المتزلزل و أمّا الاستقلال و الاستقرار فإنّما استفيد من الإطلاق و عدم القيد فإنّ اللاّزم حينئذ إرجاع مفاد الأدلّة المقيدة بالنفي إلى ما استفيد من إطلاقها لا إلى ما استفيد من وضعها فإذا رجع إلى المدلول المستفاد من الإطلاق فيبقى ما دلّ عليه لفظ الملك من الملكية في الجملة بحاله و لازمه انتقال التركة إلى الورثة على التزلزل الزائل بامتناع الورثة عن الأداء كذا قيل و فيه أيضا ما مر من المنع لأنّ الأدلّة المقيدة تنفي مدلول الخطاب المثبت للملكية التامة لأنّها لنفي بعض مدلول دون بعض كما هو واضح لذي فهم مستقيم و تمام الكلام موكول إلى مقامات أخر (و منها) أن تبادر الصّيغة إلى الوجوب إن كان من الإطلاق لا يعارض ما لو ورد في قباله بلفظ ينبغي إذ ظهوره من الإطلاق لا يقاوم ظهور الوضع و لا كذا إذا كان من الوضع فيتعارضان و هو جيد فافهم‌

الثّاني [الكلام في بيان حكم الشك في أن التبادر هل حصل من الوضع أو الإطلاق‌]

إذا شككنا في موضع أن التبادر الحاصل فيه هل هو مسبّب من الوضع أو مسبّب من أمر غيره من نحو القرينة أو الإطلاق فهاهنا صورتان (الأوّل) ما إذا شكّ في كونه من الوضع أو القرية فيمكن أن يقال إن الأصل فيها يقتضي كونه مسبّبا من الوضع لأنّ احتمال وجود القرينة مدفوع بالأصل فيثبت كونه من الوضع لا يقال إن أصالة عدم القرينة من الأصول المرادية و اعتبارها إنما هو مختص في تعيين المراد فلا يثبت بها الوضع لأنّا نقول إن أصالة عدم القرينة و إن كانت من الأصول المرادية إلا أنّها قد تفيد فائدة الأصول اللّفظية كأصالة عدم النقل و الاشتراك و نحوهما و ذلك فيما إذا كان المراد معلوما كما في المقام و لكنّه يشكل ذلك بأنّ اعتبار أصالة عدم القرينة في تعيين المراد إنّما هو لاستقراء بناء العقلاء و إجماع العلماء و سيرتهم و لم يثبت شي‌ء منهما في نحو المقام المترتب عليه تعيين الموضوع له إذ ليس احتياجهم و ابتلاؤهم بها بمثابة يعلم منه اعتبارها عندهم في تعيين الوضع أيضا بل الظّاهر العدم سيّما على القول بعدم الاعتداد بمطلق الظن في الأوضاع إلا بعد انسداد باب العلم اللّهمّ إلاّ أن يندرج الأصل المذكور تحت أصالة عدم المانع فإنا قد أثبتنا اعتبارها ببناء العقلاء و إجماع العلماء مطلقا سواء في ذلك الأحكام و الموضوعات أو غيرها من الأوضاع و نحوها و لكن في دخوله تحتها نحو من الخفاء فليتدبّر فإن قيل إن أصالة عدم القرينة معارضة بأصالة عدم الوضع للمعنى الّذي استفيد من اللّفظ قلنا إن أصالة عدم الوضع له معارض بأصالة عدم الوضع لغيره فيتساقطان و يبقى أصالة عدم القرينة سليمة عن المعارض (فإن قلت) إن الأصول الثلاثة أعني أصالة عدم القرينة و أصالة عدم الوضع له و أصالة عدم الوضع لغيره كلّها في عرض واحد و ليس بينهما اختلاف في الرتبة حتى يكون أحدها مرجعا و الباقي متعارضا فيتساقطن جميعا فكما لا اعتبار بأصالة عدم الوضع له بسبب المعارض فكذا لا اعتبار بأصالة عدم القرينة أيضا (قلنا) إن أصالة عدم القرينة تتعاضد بأصالة عدم الوضع لغير المعنى الّذي استفيد من اللّفظ فيترجحان على أصالة عدم الوضع له إذ ليست الأصول اللّفظية كالأصول العملية الّتي لا تعتضد بعضها ببعض و تعارض أصل واحد منها

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست