responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 266

و عدمه كما ستعرف و هو من سوانح شيخنا العلاّمة رفع اللّه مقامه و لا مشاحة فيه و لا ضير غير أنّه اصطلاح جديد ظاهر فإنّ القوم كلّهم أو جلّهم جعلوا الإرشادي قسيما للوجوب و النّدب لا قسما منهما و لا يشكّ أحد منهم في كون أطيعوا اللّه أمرا شرعيّا و كذا سائر الأوامر الشرعية الملحوظة فيه فوائد الآخرة بلا واسطة أو معها فالفرق المذكور بهذا البيان لا غبار عليه في خصوص الأوامر الشرعية دون غيرها كما أن الفرق بملاحظة عود المصلحة إلى المأمور أو الآمر لا يتم إلا في الأوامر العرفية و حينئذ فلو جعل مناط الفرق بين الإرشادي و غيره بالأول في الأوامر الشرعيّة و بالثاني في الأوامر العرفية كان حسنا سليما عن جميع المناقشات فافهم و أمّا الفرق الثالث فهو أيضا بعيد عن ظاهرهم فإن الأمر الإرشادي عندهم قسم من الإنشاءات و قياسه باستعمال الإخبار في الإنشاء كالدّعاء باطل إذ المدار في أمثال المقام مساعدة أهل اللّسان و جريان الاستعمال و لم يثبت صحّة استعمال الأمر في صرف الإخبار على ما هو الصّحيح عندهم و إن صرّح به في تفسير الجلالين في بعض الآيات القرآنية لكنه اجتهاد مردود عليه و على من حذر حذره فإنّه بالخطإ و الغلط أولى من التصحيح و التّصديق مضافا إلى أن هذا الفرق أن يكون قوله تعالى لا يمسّه إلاّ المطهّرون و أمثالها من الجمل الخبرية الّتي سيقت لبيان الحكم الشرعي إرشاديا و دعوى أنها مستعملة في الإنشاء فاسدة لا تليق إلا بالقاصر لأن دلالتها على الحكم الشرعي مع بقائها على إخبارها أبلغ و أتم من أن يلتزم فيها بالتجوز الغير الثابت و يمكن توجيه هذا الفرق بما يرجع إلى الفرق السّابق لكنه لا يخلو عن تكلّف و اجتهاد في مقابل نصّ القائل به هذا كلّه على تقدير أن يكون الإرشاد مباينا للوجوب و الندب و قسيما لهما و أمّا على تقدير كونه قسما منهما بأن ينقسم كلّ من الأمر الإلزامي و الغير الإلزامي إلى الإرشادي و غيره كما عليه شيخنا العلاّمة فهو خارج عن موضوع البحث إذ المقام مسوق لبيان مستعملات الأمر و الإرشاد بالمعنى المذكور ليس معنى مغايرا للوجوب و النّدب حتى يعد من مستعملاته بل هو قسم من أقسامهما إلاّ أنه لا بأس بالإشارة إليه لما يترتب عليه من بعض الفوائد المهمّة (فنقول) ذكر للفرق بين الإرشادي بهذا المعنى و غيره أو يذكر وجوه (أحدها) أن الإرشادي ما لا يترتب على موافقته أو مخالفته شي‌ء من الثواب و العقاب و غير الإرشادي ما يترتب عليه ذلك (الثّاني) أن الإرشادي ما يكون المصلحة الداعية للأمر حاصلة في نفس الفعل ذاتا موجودة قبل الأمر بمعنى أن الآتي بذلك الفعل يدرك تلك المصلحة و إن لم يأمره به آمر أو لم يأته بداعي الأمر و الشرعي ما كان المصلحة فيه موقوفا على الآمر (الثّالث) أن الإرشادي ما يكون المصلحة الباعثة للأمر فيه معلومة للمأمور قبل الأمر و الشرعي ما لا يكون كذلك و في الكلّ نظر (أمّا الأوّل) فلأنّه و إن صحّ إلاّ أنّه تعريف له بالرّسم لا بالحدّ و به لا يمتاز حقيقة كلّ منهما عن الآخر (و أمّا الثّاني) فلأنه يلزم منه أن يكون الأوامر التوصلية كلّها إرشادية لأن المصلحة فيها قائمة بنفس الفعل و تحصل للآتي به بنفس الإتيان و لو لم يكن الداعي الأمر بل و لو لم يكن مأمورا به و دعوى أنّ قصد التقرب موقوف على الأمر فلا يمكن التعبّد به بدون الأمر فلا يتحد مصلحة الفعل في الحالتين أعني قبل الأمر و بعده مدفوعة بأن مصلحة التعبّد ليس مصلحة للفعل المأمور به الدّاعية إلى الأمر به و إلاّ لم يكن توصليا إذ التوصّلي ما لا يكون متوقفا على قصد القربة فلا يكون موقوفا على الأمر أيضا و ذلك كأوامر الدّين فإن مصلحة الأمر به خروج العهدة عن حق الغير و فراغ الذّمة عنه يحصل بالأداء و إن فرض فقدان الأمر به أيضا و ذلك لا يساعده اتفاقهم على كون التوصليات واجبات شرعية كما لا يخفى (و أمّا الثّالث) فيلزم منه خروج أكثر الأوامر الإرشادية كأغلب أوامر الأطبّاء عن كونها إرشادية و صيرورته الواجبات الشرعية المطابقة لحكم العقل كوجوب ردّ الوديعة و أمثالها أو أقل إرشادية و اصطلاحهم لا يساعده عليه أيضا و إن كان قد يطلق عليه في لسان من لا مهارة له في الفنّ بل عن بعض تفسير الأمر الإرشادي بخصوص الأوامر الواردة في المستقلاّت العقلية و أن ما عداها من الأوامر كلّها غير الإرشادي فهو كلام خال عن التحصيل حسبما عرفت و كيف كان فالوجهان الأخيران فاسدان أحدهما عكسا و الآخر طردا و

عكسا و الّذي يصلح أن يكون ميزانا للفرق بحيث يكون جامعا لجميع الإرشاديات كلّها علم المصلحة فيها قبل الأمر أو لم يعلم على ما يقتضيه النظر في المقام و يساعده العرف الخاصّ و العام هو أن الإرشادي ما سيق للنصح بمعنى أن الغرض من الأمر فيه هو خصوص النصح كسائر الأوامر المسوقة لأغراض أخر مثل الامتحان و التسجيل و التهديد و نحوها فإن سيق الأمر للنصح فهو إرشادي سواء كان الفعل المأمور به محبوبا للآمر في نفسه أيضا أو مبغوضا له إذ قد يقتضي مصلحة الإرشاد إلى الفعل المبغوض للآمر كما أشرنا إليه سواء بلغ النصح مرتبة لا يرضى بتركه الآمر الناصح كأوامر الإطاعة أو لم تبلغ تلك المرتبة فهو أيضا كغيره ينقسم إلى الوجوبي و الندبي و قد يجتمع جهتا الشرعية و الإرشاد في أمر واحد و يساق الأمر لهما كما إذا كان الفعل محبوبا للآمر أيضا فإنّه باعتبار ما فيه من النصح و الإرشاد و ملاحظته إيّاه إرشادي و باعتبار محبوبية الفعل عنده و ملاحظته إياها حين الأمر غير إرشادي فيكون داعي‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست