responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 259

البيع و ليس وراءه شي‌ء آخر يكون مقصودا حتى يصير به قاصدا للمعنى و قد أجمعوا على اعتبار قصد المعنى في العقود و من هنا أورد شيخنا العلاّمة (قدّس سرّه) على صاحب المسالك المصرّح بعدم قصد المكره المعنى بأن مقتضاه بطلان عقد المكره و عدم فائدة الرّضاء الّذي يتحقّق بعده و الحاصل أنّ المكره غير قاصد للبيع إذا لم يكن المبيع معنى سوى الرّضاء بالمبادلة فيلزم أن يكون باطلا و لو مع الإجازة هذا (قلت) و جوابه أيضا يظهر ممّا ذكرناه في الأوامر الامتحانية و الأوامر التسجيلية و توضيحه هنا أن صدق البيع على عقد المكره إنّما هو لأجل استعمال الصّيغة الصّادرة منه على وجه الإكراه في معناها الحقيقي إذ حقيقة الاستعمال هو ذكر اللّفظ لتفهيم المعنى و هو حاصل هنا و إن كان المعنى و هو طيب النّفس غير متحقق في الخارج إذ قد عرفت أنّه لا يعتبر في استعمال اللّفظ فيما وضع له وجود مفاد اللّفظ و معناه الحقيقي حال الاستعمال فصدق البيع على عقد المكره لا يتوقف على الالتزام بأمر أخروي و الكيفية النفسانية الّتي هي الرّضاء بالمبادلة كما لا يتوقف قصد المعنى أيضا على شي‌ء آخر فمتى ذكر اللّفظ في مقام تفهيم مدلوله فهو قاصد للمعنى و منه يظهر أن ما ذكره شيخنا (قدّس سرّه) من أن المكره قاصد لإنشاء البيع و إن لم يكن راضيا به فإنّ إنشاء البيع شي‌ء و الرّضاء به شي‌ء آخر في مقام تصحيح عقد المكره بعد الإيراد على صاحب المسالك ليس على ما ينبغي بل هو مبني على مختار من عرفت من القائلين بالمغايرة (و الحاصل) أن عقد المكره عقد مقصود به المعنى مقرونا باستعمال الصّيغة في معناها الحقيقي من غير أن نلتزم بالمغايرة فلا كراهة في شي‌ء من الكلامين لا في كلام المورد و لا في كلام المورد نعم لو سلّمنا عدم قصد المعنى كما قال صاحب المسالك نجيب عن دعوى الإجماع على اعتبار قصد المعنى بأن القدر المتيقن من إجماعهم هو بطلان عقد من لم يلتفت إلى اللّفظ و لا يقصد منه إظهار معناه كالهاذل و النائم و الساهي و الغالط و أشباههم ممن لم يقصد اللّفظ أو لم يقصد التفهيم و أمّا الملتفت المريد لإظهار المعنى باللّفظ لغرض صحيح فلا نسلّم تحقّق الإجماع على بطلان عقده لأنّ دليل اعتبار القصد إنّما هو الإجماع و المسلّم منه بعد ذهاب الكلّ أو الجلّ على صحّة عقد المكره هو ما عداه هذا مع أنّ إثبات أمر عقلي بالإجماع المتحقق في المسألة الشرعية من أقبح الأشياء كما لا يخفى على من له بهرة من العلم ثمّ إنّه يندفع بما ذكرناه من وجود قصد المعنى في عقد المكره ما استشكله المحقق الكركي في جامع المقاصد في ذيل مسألة بيع المكره بقوله و اعلم أن هذه المسألة إن كانت إجماعية فلا بحث و إلا فللنظر فيه مجال لانتفاء القصد أصلا و رأسا مع عدم الرضاء و لا يتحقق العقد المشروط بالقصد إذا لم يتحقق الرضاء لأنّ الظّاهر من كون العقود بالمقصود باعتبار القصد المقارن لها دون المتأخر انتهى و توضيح وجه الاندفاع أن قصد المعنى حاصل بذكر اللّفظ لإظهار مفاده إذ لو لم يلتفت إلى المعنى كيف يقصد إظهاره باللّفظ فالمكره إذا أراد إظهار المعنى باللّفظ فهو قاصد للمعنى و بالجملة فلا نعني بقصد المعنى سوى إلقاء الكلام لأجل التفهيم و لو كرها و إلجاء و هذا هو عين قصد المعنى لأنّا لا نتعقل من قصد المعنى سوى ذلك و هذا هو بعينه موجود في عقد المكره كعقد المختار من غير فرق حسبهما عرفت مفصّلا في الأمر الامتحاني فلا تغفل و أمّا اعتبار اقتران العقد بالرّضاء أو لحوقه إيّاه بالإجماع أو دليل معتبر شرعي آخر فلا ربط له بالمقام و الحاصل أنّ قصد المعنى الّذي يعتبر تحقيقه حال العقد بمقارنته إياه حاصل بذكر اللّفظ و إرادة تفهيم المعنى و أمّا الرّضاء المعتبر لحوقه بالدّليل فهو أمر آخر ورى قصد المعنى كما لا يخفى فتأمل جيّدا فإنّ المطلب دقيق غير محرّر في كتب الأصحاب‌

السّادس‌

أنّه لو كان الطّلب عين الإرادة لارتفع الفرق بين الأمر و الترجّي و التمني و هو باطل بالضّرورة فكذا المقدم بيان الملازمة أن معنى الأمر ليس سوى إرادة الفعل من المخاطب و هذا بعينه موجود في التمني و الترجي فلو لم يكن إنشاء نفساني يمتاز الإنشاءات بعضها عن بعض لارتفع الفرق الّتي بينها رأسا و انحصر في اللّفظ خاصّة كما يوهمه بعض عبائر الفصول و الجواب أن الفرق بينهما أنّ دلالة الأمر على الإرادة دلالة صريحة و دلالة سائر الإنشاءات عليها إنما هي بالالتزام توضيحه أن الإرادة عبارة عن العلم بالمصلحة و اعتقاد النفع و إذا حصل هذا الاعتقاد للإنسان حصل منهما في النفس كيفيات نفسانية مثل الميل و الشوق و الحب و البغض و نحوها فإذا أراد إعلام المخاطب بذلك عبّر عنها تارة بالصّراحة فيقول له افعل و ما يجري مجراه في الكشف عن الإرادة و أخرى بالملازمة عمّا في نفسه من بعض الكيفيات الحاصل من العلم بالمصلحة من الشوق و الميل و نحوهما من الحالات النفسانية و ألفاظ التمني و الترجي إنّما تدلّ على بعض تلك الحالات فينتقل المخاطب إلى ملزومه و سببه أعني الإرادة فالفرق بينهما نظير الفرق بين الكناية و التصريح فإن مفاد قول القائل زيد جواد و قوله جبان الكلب في المعنى واحد و هو الإخبار من صفة الجود لكن الأوّل إخبار عنه بالمطابقة و الثاني بالالتزام و نظيره الفرق بين البيع و الصّلح المعاوضي الذي استشكل فيه و لا يخلو من غموض و ذلك لأنّ دلالة البيع على المبادلة و النقل و الانتقال دلالة صريحة و دلالة الصّلح عليها دلالة التزامية لأن الصّلح عبارة عن التسالم و رفع اليد عن الشي‌ء و السّفح عنه و هذا ليس عين المبادلة مفهوما لكنه لازم له لأنّ كلّ من يبادل ماله فقد قطع النظر عنه ببدله و دلالة الصّلح على المبادلة من باب دلالة اللاّزم‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست