responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 257

نتكلّم في رفع هذا الإشكال ثمّ إن الإشكال المذكور وارد على الخصم أيضا حرفا بحرف فإنّه لو كان هيئة افعل موضوعة للطّلب لزم اتحاد مدلول لفظ الطّلب مع هيئة افعل فيكونان مترادفين و التالي باطل بالضّرورة و اتفاق كافّة أهل العلم بمغايرتهما و عدم ترادفهما فما هو التفصّي على القول بالمغايرة فهو التفصّي على القول بالاتحاد (و الحاصل) أنّ اتحاد مدلول الهيئة مع مدلول المادّة و لزوم ترادفهما وارد على كلّ حال سواء قلنا بأنّه عين للإرادة أو غيرها فالإشكال المذكور مشترك و الجواب عنه أيضا كذلك‌

الثّالث‌

أنّه لو كان مدلول الأمر عين الإرادة لزم أن تكون الأوامر الامتحانية الشّائعة الوافرة في المحاورات مجازات أو مهملات و التالي باطل بقسميه فالمقدّم مثله أمّا بطلان كونها مهملات فبالضّرورة و أمّا بطلان كونها مجازات فلعدم وجود ما يصلح لأنّ يستعمل اللّفظ فيه مجازا هذا و مثل الأوامر الامتحانية الأخبار الكاذبة فإنّه لا اعتقاد للمتكلّم هناك فيلزم أن يكون الخبر الكاذب إمّا مهملا أو مجازا في معنى غير معقول و الّذي ذكروه في الجواب من كون الأمر الامتحاني أمرا صوريا أو أمرا مجازيا كلام صوري لا تحصيل فيه فإنّ الأمر الصّوري مرجعه إلى كونه مهملا لم يقصد به شيئا و قد عرفت أنّ الضرورة قاضية بفساده و كونه مجازيا مبني على تعقل معنى آخر يكون مستعملا فيه و دعوى أنّه مجاز في المادة بإرادة المقدّمات كما في القوانين و غيره واهية لا يلتفت إليها (و الجواب) أنّ الملازمة المذكورة ممنوعة لأنا ندعي أن الأوامر الامتحانية كلّها حقائق كالأوامر الحقيقية و ذلك لأنّ عدم وجود المعنى في الخارج و عدم إرادته المتكلّم أيضا غير مخلّ باستعمال اللّفظ إذ لا يشترط في الاستعمال وجود المستعمل فيه و تحقيق الكلام و توضيح المقصود و المرام يقتضي بيان معنى الاستعمال و حقيقته (فاعلم) أن الاستعمال هو عبارة عن ذكر اللّفظ لإرادة تفهيم المعنى و بعبارة أخرى إجراء حروف المرتبة في مقطع الفهم لإفهام المخاطب لما دلّت عليه تلك الحروف المرتبة سواء وجد مدلولاتها في الخارج أم لا و لا نتعقل من استعمال اللّفظ في المعنى شيئا آخر فذكر اللّفظ لفرض إفهام مدلوله هو عين استعمال اللّفظ فيه و ليس هو شي‌ء و غرض الإفهام شي‌ء آخر فإذا قال زيد قائم و قصد به تفهيم المخاطب و إلقاءه في فؤاده ثبوت القيام في الخارج لزيد فقد استعمل هذه الألفاظ الّتي وضعت له في معناها سواء طابقت الواقع أم خالفت فليس وجود المعنى المستعمل فيه محقّقا لموضوع استعمال اللّفظ و على هذا فالخبر الصّادق و الكاذب كلاهما مستعملان في معناه سواء التزمنا بكلام نفسيّ في الإخبار غير علم المتكلّم أو لا غاية الأمر أنّه في صورة الكذب ليس المعنى المقصود بالإفادة و هو المستعمل فيه موجودا واقعا في الخارج و هكذا في الكلام في الإنشاء فإنّ مدلول الصّيغة عندنا هو الإرادة و استعمالها فيها عبارة عن ذكرها لغرض تفهيمها أي اعتقاد المخاطب بوجودها في نفس المتكلّم و هذا الغرض كما هو موجود في الأمر الحقيقي كذلك موجود في الأمر الامتحاني نعم المعنى المقصود بالإفادة موجود في الأمر الحقيقي و غير موجود في الأمر الامتحاني و هذا لا مساس له بحقيقيّة الاستعمال نعم ظاهر حال الأمر وجود تلك الإرادة في نفسه (و الحاصل) أنّ الأصل في الطّلب كونه لبعث المخاطب على الإتيان بالمأمور به فلو سيق لغير ذلك من تقية أو امتحان أو تسجيل كما لو علم عدم حصوله أو غير ذلك كان محتاجا إلى القرينة و الأصل المذكور من الأصول الجهتيّة المسلّمة عند الفريقين بل و استقرت به العادة في جميع الاستعمالات من الإخباريّات و الإنشائيات فهو أصل مطّرد في قاطبة الإطلاقات في أبواب المحاورات فالأصل في الكلام الخبري أن يكون مسوغا لغرض تفهيم أصل المدلول فلو سيق لغير ذلك لتفهيم لازم الخبر أو تفهيم لازم المخبر به من بخل أو جود أو شجاعة أو جبن أو غير ذلك كان أيضا محتاجا إلى القرينة إلا أنّ اللّفظ في جميع المواضع إنشاء كان أو إخبارا مستعمل فيما وضع له فهو حقيقة لغوية أي كلمة مستعملة فيما وضع له كما هو مذهب جماعة في الكناية و مجاز أصولي أي محتاج إلى القرينة لأن كلّما يحتاج إلى القرينة فهو مجاز أصولي و الحقيقة الأصولية عبارة عمّا لا يحتاج إلى القرينة و بهذا البيان يتم الجواب الّذي أجابوه في الأمر الامتحاني من حمله على الأمر الصّوري تارة و المجاز من أخرى و سيأتي زيادة توضيح لذلك في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى خصوصا في مدلول الصّيغة المستعملة في معان كثيرة فإنّها كلاّ أو جلاّ حقائق لغوية و اختلافها إنما هو باختلاف الغرض الباعث على الأمر فتدبر

الرّابع‌

أنّه لو كان الطّلب عين الإرادة لزم أن يكون الكفار مأمورين بالإيمان و التالي باطل فالمقدم مثله بيان الملازمة أنّ صيغة الأمر عندكم إنّما هي الإرادة و هي غير موجودة في أوامر الكفار و العصاة أمّا المقدّمة الأولى فواضحة و أمّا الثانية فلوجوه أربعة (أحدها) أنّه تعالى علم منهم المخالفة و العصيان فلو جاز منهم الإطاعة لزم انقلاب علمه تعالى جهلا و هو محال و إرادة المحال محال (الثّاني) أنه لو أراد منهم الفعل لامتنع الترك إذ لا يتخلّف المراد عن الإرادة بالنّسبة إلى الباري تعالى فترك إطاعتهم كاشف إنّي قطعا عن عدم إرادته تعالى (الثّالث) أنّ الإطاعة لم توجد منهم و الشي‌ء ما لم يوجد لم يكن مقدورا فيكون الإطاعة منهم غير مقدورة فإرادته تعالى منهم ذلك مستحيل و هذا مبني على ما ذهب إليه الأشاعرة من أن الفعل قبل وجوده غير مقدور

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست