responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 256

أمّا صدق الطّلب و الاقتضاء و التكليف و الإلزام و نحوها على الأمر الكاشف عن الإرادة فهو أمر بديهي لا يقبل الإنكار و لا يترتب عليه غرض و لا ثمرة فإنّ المسائل المتفرعة على هذا الخلاف كلّها مبنية على الاتحاد و المغايرة بالمعنى المذكور لا بهذا المعنى الخارج من نظائرهم (و أعجب) من ذلك ما صدر عن بعض المحققين من احتمال كون هذا التّشاجر العظيم و النزاع الممتدّ القديم لفظيّا هذا و ممّا حققنا ظهر حقيقة الحال في المقال بحيث لا يبقى لما يدعونه مجال بل و لا حاجة في فساد مقالتهم إلى إبطال ماهيّتهم الّتي أقاموها إذ على فرض العجز عن جوابها فهي شبهة في مقابل البديهة و لا ينبغي الالتفات إليها و لكنا نتعرض لها مفصّلا تنبيها على ما فيها من وجوه الفساد إتقانا لهذا الأصل القويم و البيان القديم و خير ما يفتتح به الكلام ما صدر عن بعض الأعلام و هو المحقّق الخوانساري حيث استدلّ في الرّسالة المعمولة في مقدّمة الواجب على مغايرة الطّلب للإرادة ردّا على المحقق السّبزواري بقوله إذا كان الطّلب هو الإرادة و كان المطلوب من الصّيغة الموضوعة للطّلب إعلام المخاطب بحصول الإرادة في النّفس فيلزم أن يكون وضع الجمل الطّلبية لغوا غير محتاج إليه و يكون مفهوماتها ممّا لا يتعلّق بتصوّرها غرض أصلا و هو باطل بيان الملازمة أنّ النّسب الإنشائية و الصّيغ الموضوعة لها ليست عين الإرادة و هو ظاهر و لا دخل لها أيضا في حصول الإرادة و لا في حصول الإعلام عنها و على التقدير المذكور ليس معنى آخر حتّى يتصوّر مدخليتها فيه أمّا أنّه لا مدخل لها في حصول الإرادة فظاهر لأن الإرادة معنى قائم بالنفس و إنما يتوقف حصولها على تصوّر المراد و المكلّف فقط و لا توقف لها على تصوّر النّسبة التامة الإنشائية و لا على صيغها و هو ظاهر سواء قلنا إنّها عين المدّعى أو غيرها و أمّا الإعلام فلأنّ حاصله أن يعلم الآمر المخاطب أنّ الإرادة موجودة في نفسه و لا شكّ في أنّ هذا المعنى معنى خبري و اللّفظ الدال عليه جملة خبرية و لا توقف له على النّسبة الإنشائية و صيغها و أمّا أنّه ليس على هذا التقدير معنى خبريّ يتصوّر مدخليّتها فيه فظاهر فثبت لغوية هذه المفهومات و صيغها بل و كان يجب أن لا يدخل في الوجود كما لا يخفى على المنصف و أمّا بطلان التالي فبالضّرورة و الوجدان انتهى و فيه نظر (أمّا أوّلا) فإنّه إن أراد من الطّلب معنى نفسيا سابقا عن الصّيغة على أن يكون كاشفة عنه كما هو ظاهر دعواه فما ذكره مردود عليه حرفا بحرف كما لا يخفى و إن أراد منه معنى مقارنا للّفظ حادثا بحدوثه كما سيصرّح به تفصّيا عن ذلك بعد ما استشعر به حيث جعل الطّلب تارة عين النّسب الإنشائية و أخرى أمرا آخر مقارنا معها في الوجود متوقفا عليها حادثا بحدوث اللّفظ حدوث المعلول عن العلّة فهو راجع إلى ما اخترناه من كونه عنوانا ثانويا عارضا للفظ الكاشف حال وجوده فلا يصلح لأن يكون مدلولا للأمر على حدّ سائر مداليل الألفاظ بقانون الوضع حسبنا بيّناه مفصلا (و أما ثانيا) أنّ ما ذكره مبني على أن يكون النّسبة الإنشائية مسلّمة بين الفريقين كما توهّمه و قد عرفت ابتناءها على الكلام النفسي الفاسد بالبداهة و أن من لا يقول به لا يقول بها و إن لم يصرّحوا به ثقة لوضوح الحال كيف و هم ينادون بأعلى أصواتهم أنا لا نجد وراء الإرادة في النفس شيئا و ما ترى من امتلاء الطّوامير بالنّسبة الحكمية في الإخبار و الإنشاء فهو ناش من الممارسة لكتب الأشاعرة المعمولة في مقدّمات العلوم الأدبيّة من الصّرف و النحو و المنطق و ركون ذلك في الأذهان مع عدم وجدان من ينبّه على فساده و أنت إذا تيقّظت و انتبهت من نومة الغافلين و راجعت متأمّلا إلى كلمات محققي الحكماء و المتكلّمين من أصحابنا و المعتزلة وجدت صدق ما ادّعيناه و أنّه كالشمس في وسط السّماء فافهم و اغتنم و اجعله من هدايانا و كن من الشاكرين و اللّه الهادي‌

الثّاني‌

ممّا استدلّ للقول بالمغايرة أنّه لو كان الطّلب عين الإرادة لزم أن يكون هيئة افعل الموضوعة بإزاء الطّلب الّذي هو عين الإرادة مرادفا للفظة الإرادة و هو باطل بالضّرورة و الوجدان و اتفاق الأعيان هذا و قد يجاب عنه بمنع الملازمة المذكور بتقريب أنّ مدلول الإرادة معنى اسمي مستقلّ بالملاحظة و مدلول الهيئة معنى حرفي غير مستقلّ آلة لملاحظة حال المادة كما صرّح به صاحب الفصول فرقا بينهما و فيه أن هذا الفرق و إن كان تفصّيا عن محذور الترادف لكن للمستدلّ أن يقول بأن مفاد الصّيغة كلام تام يصحّ السّكوت عليه و معنى لفظ الإرادة ليس كذلك و هذا يكشف عن كون مدلول الصّيغة شي‌ء آخر غير الإرادة به تصير كلاما و هذا هو الطّلب الّذي يدعونه فلا يجدي ما ذكره و أضعف منه ما قد يقال إن لفظة الإرادة موضوعة بإزاء مفهوم الإرادة و الهيئة موضوعة بإزاء مصداقها فإن مجرّد ذلك أيضا غير مجد في الفرق ألا ترى أن هذا الفرق بعينه موجود بين لفظ الإشارة و اسمها مع اشتراكهما في عدم صحّة السّكوت فلو كان الفرق بين لفظ الإرادة و الصّيغة مجرّد ذلك كان مفاد الصّيغة كمفاد المادة في عدم كونه كلاما تامّا اللّهمّ إلاّ أن يقال إن دلالة الإرادة على الكيفية المذكورة دلالة تصوّرية و دلالة هيئة افعل تصديقية فتغاير المدلولان من دون أن نلتزم بشي‌ء آخر في مدلول الصّيغة غير الإرادة و هو حسن إلا أنّه يشكل من جهة أخرى و هو أنّه يوجب انقلاب الإنشاء إخبارا و هو مخالف للإجماع ضرورة أنّهم أطبقوا على انقسام الكلام إلى الإخبار و الإنشاء و لعلّنا

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست