responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 253

القول بالوجوب لما أطبقوا عليه في التعاريف من الاقتصار على الطّلب الظّاهر في اتفاقهم على عدم اعتبار شي‌ء آخر في مفهومه (قلت) لا نضايق من مخالفة ظاهر تعاريفهم للصّواب إمّا في المحدود أو في الحدّ بعد ما عرفت من مساعدة الدليل مع أنّه يمكن تنزيل كلامهم على ما لا يخالف القول بالوجوب بحمل الحدّ على الحدّ الناقص فيكون مسوغا للتميز في الجملة و يؤيّده بل يدلّ عليه أنّهم تعرضوا القيود المعتبرة فيه المختلفة فيها بعد الحدّ المذكور فافهم (و أمّا عن الدّليل الثّاني) فهو أن الوجوب معتبر في حقيقة الدّعاء و الالتماس أيضا إذ لا نريد به سوى عدم الرّضاء بالترك و من البين أن دعاء الدّاني و تضرعه لا ينفك عن عدم الرّضاء بالترك و كذا التماس المساوي كما لا يخفى على من راجع إلى حاله إذا كان داعيا أو ملتمسا فأين الحكم في المقيس عليه حتى يتم القياس مع أنّ إثبات اللّغة بالقياس كما ترى بل الظاهر أن الطّلب أيضا كذلك فعدم الرّضاء بالتّرك مأخوذ في حقيقته أيضا لأنّه إذا كان راضيا به و لم يكن مقيدا و مشتاقا إلى وجود المطلوب لم يكن طالبا بل مستحبّا للفعل مع عدم فوت غرضه بتركه نعم لو فسّرنا الوجوب بغير الإرادة المقرونة بعدم الرّضاء بالترك أمكن الفرق بين الأمر و الدّعاء و الالتماس بإثباته في الأوّل دون الأخيرين لبطلان القياس لكنّه مبني على أصل الأشاعرة من مغايرة الطّلب للإرادة فلا ينطبق على أصولنا و سيجي‌ء زيادة توضيح للمقام و تضاعيف الأبحاث الآتية إن شاء الله تعالى‌

رابعها الكلام في أن الطلب هل هو عين الإرادة أو غيرها

في بيان المراد من الطلب المدلول للأمر هل هو عين الإرادة كما ذهب إليه جمهور المعتزلة و أكثر الإمامية أو غيرها كما عليه الأشاعرة و بعض الإمامية قولان و تحقيق الكلام و توضيح الحال في المقام يقتضي تمهيد مقدمات (الأولى) لا يخفى أنّ الخلاف في المقام مبني على الخلاف المعروف في الكلام النفسي و ذلك شعبة من شعبه بمعنى أن كلّ من قال بثبوت الكلام النّفسي قال إن الطّلب غير الإرادة و كلّ من أنكره يلزمه القول بأنّه عين الإرادة و لا يخفى ذلك على من له خبرة و بصيرة في كلماتهم بل المتتبع في عبائرهم يجد ذلك من كلماتهم تصريحا و تلويحا و من المصرّحين بذلك شارح التجريد حيث قال في جملة بياناته لكلام الأشاعرة إن المعنى النّفسي الّذي هو الأمر غير الإرادة لأنه قد يأمر الرّجل بما لا يريده كالمختبر لعبده و كالمعتذر من ضرب عبده بعصيانه و حكي عن شارح المواقف و غيره ما يقرب من هذا المضمون و أصرح من ذلك اعتراض المعتزلة على الأشاعرة في ذلك بأن الموجود في هاتين الصّورتين صيغة الأمر لا حقيقته إذ لا طلب فيهما أصلا كما لا إرادة قط و كذلك يصرّحون في النهي على هذا المنوال و صرّح بالابتناء المذكور المحقق المدقق السّبزواري و إذا ابتنى الخلاف في مسألتنا هذه على الخلاف في الكلام النفسي حسبما عرفت و يظهر لك أيضا كمال الظهور بالرجوع إلى كلماتهم و التفحّص عن موارد تصريحاتهم و تلويحاتهم (فاعلم) أن كلّ من قال بأن الطّلب غير الإرادة هنا التزم بالكلام النفسي في خصوص الإنشاء دون الإخبار من حيث لا يشعر و كان القائلين به من أصحابنا المحققين مفصّلون في الكلام النّفسي بهذا التفصيل الّذي هو مختار الباغنوي ظاهرا و غيره حيث يستشكل في ثبوته في الإخبار و يلتزم به في الإنشاء أو لأنّهم غفلوا عن ذلك أو تغافلوا محافظة المقالة الإمامية و لو في الظّاهر دون الباطن و دعوى أن الكلام النفسي مختص بالإخبار أو أنّه في الإنشاء أمر ورى الإرادة و هو الطّلب ممّا لا يلتفت إليه كما لا يخفى إلى من راجع إلى كلماتهم (ثمّ) اعلم أنّ ما هو المعروف المتداول بين النحويين من اشتمال الكلام على النّسبة الحكمية و هي نسبة المحمول إلى الموضوع ثبوتا أو سلبا فمبني أيضا على القول بالكلام النفسي و النّسبة المذكورة هي عين الكلام النفسي المتصوّر في الخبر عند القائلين به قال العضدي الكلام النفسي هو نسبة بين مفردين قائمة بالمتكلّم و قال شارح التجريد في بيان ما يعنون به الأشاعرة من الكلام النفسي المتصوّر في الخبر إن الكلام النفسي هو نسبة أحد طرفي الخبر إلى الآخر و هو مغاير للعلم معلّلا بأنّه قد يخبر عمّا لا يعلمه بل يعلم خلافه (و الحاصل) أنّه على القول بعدم الكلام النفسي لا معنى للنّسبة الحكمية الّتي يقولون و لا واقعية لها أبدا لا في ذهن المتكلّم المخبر و لا في ذهن غيره من العالم بمضمون القضية لأنّ حقيقة العلم هي انكشاف المعلوم عند العالم و حضوره لديه و ليس هناك تصوّر موضوع و لا تصوّر محمول و لا تصوّر نسبة و لا تصديق و إذعان لأنّهما من صفات النّفس و حركة من حركات الذهن و حقيقة انكشاف الأشياء و حضورها لدى العقول آبية عن جميع هذه التصوّرات و الحركات الذّهنية كما لا يخفى على من راجع إلى الوجدان السّليم و الفهم المستقيم نعم لا بدّ في تصوّر علم العالم من التصوّرات المذكورة مجرّدة عن الإذعان و كذا في ترتب مقدّمات نظرية لتحصيل مجهول خبري فإن من أراد تحصيل ذلك فلا بدّ له أولا من الالتفات إلى المطلوب و ينحل ذلك إلى تلك التصوّرات أعني تصور الموضوع و تصوّر المحمول و تصوّر النّسبة مجرّدة عن الإذعان (ثمّ) لا بدّ من ترتب المقدمات المناسبة لذلك المطلوب ثم الإذعان فحقيقة النظر مركبة من حركات ثلاث بعد الالتفات إلى ذلك المجهول الخبري حركة من المطلوب إلى المبادي و حركة في تحصيل المقدّمات و تناسبها تحصيلا لأحد الإشكالات المتجه و سمّي بالحركة العرضية و حركة صعوديّة من المقدمات المرتبة إلى الإذعان بالمطلوب ثبوتا أو سلبا إلا أنّ‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 253
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست