responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 241

تقدير التنزل و المماشاة و تسليم عدم كون الورود عقيب الحظر قرينة صارفة نقول يثبت المدّعى و هو الرّخصة المطلقة بوجه آخر و هو منع اقتضاء الوضع لظهور الوجوب هنا لأنّه إنّما يكون مقتضيا لظهور الموضوع له عند عدم مصادمة ظهوره النوعي شيئا آخر له ظهور عرفا في إرادة خلاف الموضوع له و أمّا مع ذلك فغاية الأمر الإجمال و دوران المراد بين الأحكام الأربعة فمرجعه إلى التوقف و هذا أصل مطّرد قد سبق تحقيقه في المجاز المشهور حيث (قلنا) إنّ شرط التمسّك بأصالة الحقيقة عدم احتفاف اللفظ بحال أو مقال صالح لتعويل المتكلّم عليه في إفادة المعنى المجازي و قد ذكرنا له أمثلة مثل المعرّف بلام الجنس إذا صدر بعد معهودية بعض الأفراد و غير ذلك ممّا لا يخفى على الخبير العارف بالمحاورات و قد استدلّ أيضا بأنّ الحائض و النفساء مأمورات بالعبادة مع ورود الأمر بها بعد الحظر و بالتبادر في قولهم اخرج من المحبس إلى المكتب و بأنّ الحظر الشرعي كالحظر العقلي فكما أنّ الوارد عقيب الحظر العقلي يدل على الوجوب كذلك الواقع بعد الحظر الشرعي و أجوبة هذه كلّها قد ظهرت ممّا ذكرنا في تحرير محلّ النّزاع (بقي شي‌ء) و هو أنّ النهي الوارد عقيب الأمر هل هو أيضا لا يفيد سوى الإذن في الترك أو أنه يفيد التحريم و لو قلنا بعدم إفادة الأمر الواقع بعد الحظر الوجوب و ربما يقال إن حال النهي و الأمر على حدّ سواء و الظّاهر أنّه ليس كذلك خلافا لبعض الأعلام بل النهي يفيد التحريم مطلقا على القول به إذ لا معنى لحمله على الإباحة و لا على الاستحباب و لا على الكراهة في خصوص المقام كما لا يخفى و إنّما صار المتوقف إلى الرّخصة في الأمر الواقع بعد الحظر باعتبار قيام احتمال كون المراد بالصّيغة الإباحة الخاصّة لكثرة ورودها مستعملة على هذا الوجه مطلقا و في خصوص موارد وقوعها بعد الحظر بالاعتبار ظهورها في الرّخصة المطلقة المجرّدة عن بعض الخصوصيّات بأن يكون المستعمل فيه هذا المفهوم العام بين الأحكام الأربعة و من الواضح أنّ احتمال استعمال النهي في الإباحة الخاصّة ممّا لا مسرح له في الاستعمالات الواصلة لا في خصوص الواقع منه بعد الأمر و لا في غيره هذا على القول بالتوقف و أمّا على ما اخترنا من ظهور صيغة الأمر في نفس هذا المفهوم العام أعني الرخصة فلا يرد مثل ذلك في طرف النهي أيضا إذ استعمال صيغة لا تفعل في الإباحة المطلقة أيضا كما ترى بعيد عن مجاري استعمالاتها في المحاورات نعم احتمال الكراهة قائم هنا لكنه ممّا لا سبيل إلى دعوى ظهورها فيها بقرينة تعقيبها للأمر إذ لا شهادة له على الكراهة بوجه كما لا يخفى و لذا لم يلتفت إلى احتمال الاستحباب في الأمر الوارد عقيب الحظر من يلتفت إلى مقالته لا يقال النواهي الواردة في مقام الوجوب كثيرا ما يحمله الأصحاب على مجرد نفي الوجوب و من ذلك ما ورد في المرأة الّتي حاضت بعد أن كانت جنبا من النهي عن غسل الجنابة معلّلا بأنّه قد جاء ما يفسد الصّلاة فحملوه على نفي الوجوب دون التحريم و من ذلك قوله (عليه السلام) إذا استيقنت أنّك توضأت فإيّاك أن تحدث وضوءا حتّى تستيقن أنّك أحدثت ضرورة عدم حرمة الوضوء للشّاك في الحدث مطلقا فلا وجه لما ذكر من الفرق بين الأمر و النّهي في هذا المقام و لعلّه إذا ذهب بعض الأعلام إلى أنّ النّهي المتعقب بالأمر لا يفيد أيضا سوى الرّخصة في الترك على ما نقل عنه (لأنّا نقول) الكلام في النواهي الشرعية دون الإرشادية و النواهي المتعلّقة بالعبادات خصوصا الطّهارات كلها إرشادية فيخرج عن المتنازع فيه النّهي في الحديث الأوّل فإنّ النّهي عن الاغتسال فيه إرشاد إلى فساده و عدم ترتب الفائدة عليه و مثله خارج عن هذه المسألة و أمّا النّهي في الحديث الثاني فهو و إن لم يكن للإرشاد نظرا إلى صحّة الوضوء و ترتب الثواب عليه عند الشكّ في الحدث لكن لا بدّ من حمله على التشريع بأن يأتي بالوضوء قاصدا للوجوب و يؤيّده التعبير بلفظ إياك دون النّهي إذ قد عرفت أن ظاهر العناوين و الأدلّة في هذه المسألة لا تنطبق على أسماء الأفعال و اللّه العالم بحقائق الأحوال‌

السّادس‌

أنّك قد عرفت أنّ الوجوب النفسي العيني التعييني المطلق يستفاد من إطلاق الصّيغة و تجرّدها عن التقييدات الموجودة في أضداد هذا الوجوب أعني الغيري و الكفائي و التخييري و المشروط و هذا إنما يناسب الألفاظ الموضوعة بإزاء الماهيّات المطلقة الكلّية القابلة للإطلاق و التقييد لا فيما هو من قبيل الحروف في عموم الوضع و خصوصيّة الموضوع له كالصّيغة الّتي هي من الأفعال الموضوعة كذلك بإزاء النّسب الجزئية القائمة بأطراف خاصّة في ضمن التراكيب الجزئية فإنّ مورد استعمال هذه الطائفة لا بدّ أن يكون جزئيا حقيقيا من جميع الجهات على ما سبق تحقيقه في مبحث الأوضاع و حسم هذا الإشكال بأحد وجوه (أحدها) أن يقال إنّ المستعمل فيه لهذه الألفاظ لا يلزم أن يكون جزئيا حقيقيا بل يجوز أن يكون إضافيّا كما ذهب إليه جملة من الأعلام منهم شيخ المحققين في هداية المسترشدين (و ثانيها) أن يقال إن استعمالها في الخصوصيّات لا يراد به استعمالها في نفس الخصوصية بل إنما يراد به أن يكون مورد الاستعمال خاصّا و جزئيّا حقيقيا سواء كانت الخصوصيّة مرادة من نفس اللّفظ أو من الخارج بأن يرجع الاستعمال في الخصوصية إلى نحو إطلاق الكلّي على الفرد كما سبق أنّ هذا هو المختار للشيخ المذكور في بيان استعمال الصّيغة في القدر المشترك (و الثالث) أن يلاحظ الإطلاق و التقييد بالقياس إلى المأمور به دون الأمر و هذا في غير الوجوب المطلق و المشروط لا إشكال فيه و أمّا فيهما فبأن يقال إنّ إطلاق الأمر بالحجّ مثلا عبارة عن مطلوبيّة الحج المطلق و تقييده بالاستطاعة مرجعه إلى طلب الحج المقيد بكونه بعد حصول الاستطاعة فالإطلاق و التقييد يلاحظان في المأمور به و إلاّ فنفس مدلول الأمر طلب جزئي حقيقي و ليس طبيعة كلّية مطلقة حتّى يتمسك بإطلاقها بل هو نظير ما لو علمنا بطرو التقييد على قولنا أعتق رقبة و لم ندر ما المقيد أ هي المؤمنة أو الكافرة فكما لا إطلاق هنا كذلك لا إطلاق فيما نحن فيه و هذا أوجه مما في الأولين من المناقشات الّتي أسلفناها سابقا مضافا إلى ما في الأوّل من عدم ارتفاع الإشكال بمجرّد كون المستعمل فيه الصّيغة جزئيا إضافيّا لأنّ ذلك إنّما هو بالقياس إلى متعلق النّسبة و كون المتعلّق جزئيا إضافيا لا يجدي في المقام شيئا إذ المجدي أن يكون المعنى المستعمل فيه من حيث كونه طلبا كلّيا قابلا للإطلاق و التقييد لا أن يكون كلّيته باعتبار تعلّقه بأمر كلّي كالضرب مثلا إذ لا منافاة بين الكلّية بهذا الاعتبار و بين كونه جزئيا حقيقيّا من حيث كونه مطلقا أو مشروطا نفسيّا أو غيريّا و هكذا هذا و التّحقيق في رفع الإشكال أن يقال إنّ المراد بإطلاق الطّلب تجرد اللّفظ الدال عليه عن قرينة التّقييد و هو يكفي في نفي احتمال الاشتراط أو شي‌ء من التقييدات و لا يتوقف هذا النّفي على إحراز قابلية استعمال الصّيغة في الطّلب المطلق الجامع بين الواجب المشروط و المنجّز بل لو علمنا بانحصار المستعمل فيه في أحد الفردين مثلا صحّ لنا الاحتجاج على التنجيز بتجرّد اللّفظ عن قرينة الاشتراط و إن كان التّنجيز في معنى القيد لجنس الطّلب الصّادق على المشروط و المنجّز قد تمّ الجزء الثّاني و يتلوه الجزء الثالث إن شاء الله بيد أقلّ الطّلبة أبو القاسم في الرّابع و العشرين من محرّم الحرام‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست