responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 231

المسترشدين من توجيه الاستعمال في القدر المشترك بما نزلنا عليه مقالة المدقق الشيرواني و كذا فساده ما ذكره بعض الأفاضل من أنّ استعمال الصّيغة في القدر المشترك ثابت و في خصوص الوجوب أو النّدب غير ثابت فيكون من قبيل متحد المعنى الّذي يكون الاستعمال فيه دليلا على الحقيقة (ثمّ) إنّ العلاّمة (قدّس سرّه) بعد ما استدلّ بهذه الوجوه على كونه للقدر المشترك لغة استدلّ على كونه موضوعا للوجوب شرعا بما سبق من الوجوه الّتي استدلّ بها القائلون بوضعه للوجوب لغة و زاد إلى أن ذكر ستة عشر دليلا و أطال الكلام في كلّ واحد منها نقضا و إبراما بما يقصر عن الإحاطة بحقائقه نطاق الهمم معتذرا عن ذلك بأنّ المسألة من مهمّات الأصول و قد طوينا الكلام عن ذكرها كشحا لأنّها لا تدلّ على المقصود أعني ثبوت النقل الشرعي إلا بعد تمامية الوجوه الّتي استدلّ بها على أنّه للقدر المشترك لغة و بعد ما تبيّن عدم نهوضها بإثبات المدّعى يظهر أن تلك الأدلّة على تقدير صحّتها تكون على المختار أدلّ و استدلّ صاحب الوافية على وجوب حمل الأوامر الشرعية على الوجوب بعد ما اعترف بأن الأمر موضوع في اللّغة للقدر المشترك بوجوه (منها) أنّ امتثال الأمر طاعة و ترك الطّاعة عصيان فترك المأمور به عصيان و هو حرام لقوله تعالى‌ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ‌ أما الصّغرى فلقضاء البداهة بها لأنّ الطّاعة على ما صرّح به أئمة اللّغة هو الانقياد و حصوله بامتثال الأمر بديهي و أمّا الكبرى فلتصريح أهل اللّغة بأنّ العصيان خلاف الطّاعة و الجواب عنه (أوّلا) بالنقص بالمندوب فإنّه طاعة فيكون تركه عصيانا حراما لعين ما ذكر (و ثانيا) بالحلّ و هو أن كلّ عصيان خلاف الطّاعة بمقتضى ما ذكره أهل اللّغة و ليس كلّ خلاف الطّاعة عصيانا إلا إذا كانت الطّاعة واجبة و هذان الجوابان ذكرهما شارح الوافية و أجاب قبلهما بأن نقول مثل ذلك بحسب اللّغة لأنّ امتثال الأمر مطلقا سواء كان الآمر هو الشارع طاعة و انقياد و ترك الطّاعة عصيان فيكون العبد التارك لأمر مولاه عاصيا و ليس الواجب إلاّ ما يعدّ تاركه عاصيا فيكون الأمر حقيقة في الوجوب بحسب اللّغة و الذمّ من لوازم العصيان فما هو جوابك فهو جوابنا (أقول) و لصاحب الوافية أن يرده بعد المساعدة على ما فيه من المقدّمات أن ترتب الذّم و العقاب على العصيان إنّما ثبت بالشرع و من البيّن أنّ ما ورد في تحريم العصيان مختصّ بأوامر الشارع فالتّسوية بين الأمر الصّادر من الشارع و غيره واضحة السّقوط فالصّواب أن يجاب بعد منع كلّية الكبرى كما عرفت في الجواب الحلّي أنّ حرمة العصيان حكم عقلي و ليس لحكم الشارع مدخليّة فيه رأسا إلا من حيث كونه إمضاء للحكم العقلي فلو لا الخطابات الواردة في تحريم العصيان كان حكم العقل به كافيا في المقام أيضا و هو دليل على كون الأمر للوجوب مع قطع النظر عن الخطاب الشرعي مع أنّ الجمع بين جميع مقالته يقضي بترتب الذّم و العقاب على مخالفة جنس الطلب الصّادر من الشارع و فساده غني عن البيان إلاّ أن يجعل الآيات و الأدلّة الشرعيّة قرائن كاشفة عن مرادات الشارع و أنت خبير بكمال بعده عن الصّواب لأنّ دعوى صدور الأدلّة قبل زمان الحاجة إلى العمل بالأوامر الشرعيّة رجم بالغيب و اقتحام في العيب و فسادها أوضح من كلّ شي‌ء فلا بدّ حينئذ من الالتزام بالنسخ (و الحاصل) أنّ من يقول بوضع الأمر للقدر المشترك و يبني على وجوب امتثال الأوامر الشرعيّة بمقتضى الوجوه المذكورة إمّا أن يجعلها قرائن عامة على المراد الواقعي و هو الالتزام بالنّسخ للقطع بعدم مقارنة صدور الأدلّة المزبورة مع أزمنة الحاجة إلى العمل بالأوامر المجرّدة إلا أن يجعلها قرينة لخصوص الأوامر الآتية دون الماضية و إمّا أن يدعى أنّ وجوب الامتثال حكم آخر طرأ على الأوامر المستعملة في القدر المشترك و محصّله إيجاب الامتثال بما لم يكن واجبا واقعا فهو أيضا يرجع إلى النّسخ لعدم معقولية إيجاب الامتثال بالطّلب الغير البالغ حدّ المنع من الترك فتدبّر جيّدا (و منها) قوله عزّ من قائل‌ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ‌ و غيره من الآيات الدالّة على ذم ترك الطّاعة قلت الكلام فيه يظهر ممّا ذكرنا في الاستدلال الأول فإنّا لا نعرف فرقا بينهما و كان نظره إلى أنّ الاستدلال الأوّل موقوف على إثبات أن ترك الطّاعة عصيان بخلاف هذا فإنّه يدلّ على حرمة مخالفة الإطاعة و إن لم يصدق عليها العصيان لغة و عرفا (و منها) قوله عزّ من قائل‌ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ‌ و كان‌

شارح الوافية اعترف بدلالتها على المدّعى مع الغضّ عن كلمة المجاوزة حيث تعلّق في ردّه بأنّ مدلول الآية ليس إلاّ الّذم على التولي و هو ترك الطّاعة إعراضا و قد عرفت تحقيق الحال في المقال بما لا مزيد عليه و كيف كان فالتعويل على مثل هذه الوجوه في حمل الأوامر الشرعية المجرّدة عن القرينة على الوجوب أوهن شي‌ء في المقام نعم لو انتهض في ذلك بقوله (صلى اللَّه عليه و آله) إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا منه ما استطعتم بناء على كون المراد بالاستطاعة القدرة دون المشيّة كان أولى من الجميع لأنّ فيه دلالة على مراد الشارع بأوامره المجرّدة كما لا يخفى فيكون قرينة عامّة على الوجوب لكنّك تعرف ما في دلالة الحديث على الوجوب أو النّدب مع كونه من الأخبار الآحاد و إن كان من المقبولات‌

حجة القول بالنّدب أمران‌

أحدهما

ما مرّ من أنّه لا فرق بين الأمر و السّؤال إلا من حيث المرتبة فكما لا يدلّ السّؤال على الإلزام فكذا الأمر و جوابه قد مرّ

و ثانيهما

الحديث المذكور إذا أمرتكم بشي‌ء فأتوا منه ما استطعتم و الاستدلال به مبني على كون المراد بالاستطاعة المشيّة حتى يكون مفاد الحديث إيكال امتثال الأوامر

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 231
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست