responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 221

وراءهما شي‌ء يستند إليه إفهام الوجوب و لو بحكم الأصل و لكن شي‌ء منهما لا يصلح لذلك أمّا المادّة فلوضوح أنّ الركوع سواء أريد به مطلق الانحناء أو الانحناء المخصوص المعهود في الصّلاة كما ورد في تفسير الآية صالح لكلّ من الإيجاب و النّدب كما أنّه صالح للقدر المشترك أيضا فليس الأمر بالركوع نظير الأمر بالإيمان و الإطاعة في كون المادّة قرينة معينة للحمل على الوجوب و أمّا الذّم فلأنّه يتفرع على مخالفة الأمر و لا معنى لمدخليّة التفريع في تفهيم المعنى المراد من المفرع عليه إلاّ إذا كان التفريع الموجود في الكلام صوريّا مقصودا به التوسّل إلى أمر زائد على غرض الإفادة فهو من قبيل الاعتماد في إفادة المراد بالموضوع على مجي‌ء المحمول كقول القائل الأسد رام و هو بمعزل عن طرائق المحاورات و ليس هو نظير الاعتماد في بيان المراد من المقيّد على مجي‌ء القيد أو من الموصوف على مجي‌ء الصّفة كما في قوله رأيت أسدا راميا لأنّ الصّفة و الموصوف بمنزلة كلمة واحدة بخلاف الموضوع و المحمول فافهم و لعلّ ما ذكرنا هو السرّ في عدم التفات أهالي التحقيق و التدقيق إلى هذا الاحتمال إذ لم نجد أحدا ناقش في الاستدلال بأنّ الذمّ و العقاب قرينتان على إرادة الوجوب هنا من الصّيغة مع أنّهم لا يزالون يناقشون كذلك في الاستعمالات الواصلة المستدلّ بها على الأوضاع و فيه شهادة واضحة على سلامة ما سلكناه في مبحث المادّة من المسلك حيث استدللنا في دلالتها على الوجوب باستعمالات الفصحاء بطريق بديع و الحمد للّه ربّ العالمين ثمّ إن من دقائق الأوهام في المقام ما سنح للسّيد في المنية حيث قاده و في دلالة الآية نظر لاحتمال ذمّهم على تركهم الركوع لأجل أمره إياهم تحقيقا لمخالفته و ممانعته أراد أن سبب الذّم يحتمل أن يكون تركهم الركوع رغما و عنادا حيث فهموا من الأمر كون الركوع محبوبا للشّارع فلا دلالة في الذّم المذكور على كونهم تاركين للواجب حتى يثبت دلالة الأمر على الوجوب ثبوتا إنيّا (قلت) و أنت خبير بكمال بعده عن مساق الآية فليس هذا الاحتمال ممّا يوجب وهنا في ظهورها و لعلّ الظّهور هنا يكفي لكونه ظهورا لفظيّا معتبرا كما حقّقناه سابقا مع أن الذّم في الآية ليس مرتبا على مخالفة المكذّبين للخطاب سابقا حتى يتطرق فيه ذلك الاحتمال بل هو مترتب على المخالفة للخطاب في المستقبل و أين هذا من الاحتمال المذكور فتدبّر نعم يمكن المناقشة بناء على ما ذكره بعض المفسّرين من أنّ مورد هذا الخطاب هو دار الآخرة يعني أن المكذّبين يكلّفون فيها بالركوع و لا يستطيعون فإن الأمر حينئذ يكون للتعجيز فيكون أجنبيّا عن المقام هذه أوجه ما استدلّ به على هذا القول من الوجوه و قد ذكروا وجوها آخر مدخولة لا بأس بالإشارة إليها تبعا للأئمة

[4- آية التحذير]

(منها) آية التحذير و هي قوله عزّ من قائل فليحذر الّذين يخالفون عن أمره إلخ وجه الاستدلال على ما في المعالم تبعا لشارح المختصر أنّه تعالى عدد مخالف الأمر و التهديد دليل الوجوب و أورد عليه بوجوه تبلغ عشرين و نيّفا و ذلك لتوقف الاستدلال بها على مقدّمات نظريّة قابلة للمناقشة الأولى أن يكون الأمر هنا للوجوب و هو ممنوع و الاستدلال عليه بظاهر الأمر دوريّ كما لا يخفى و أجيب عنه بوجوه (أحدها) ما ذكره صاحب المعالم و الفاضل الشّيرازي في حاشيته على شرح المختصر من عدم توقف الاستدلال على ذلك بناء على أنّ حسن الحذر و ندبه أيضا يكفي في المقام لأنّه إنما يحسن عند قيام المقتضي و إلاّ لكان سفها قال في الحاشية و لهذا لا يلائم من يحذر سقوط الجدار المحكم الغير المائل (قلت) و أنت خبير بما في ظاهر هذا الكلام لأنّه لو تمّ لكان دليلا على أنّ الأمر هنا للوجوب قطعا و أين هذا عن صحّة الاستدلال على تقدير كون الأمر هنا للنّدب أو الإباحة و كأنّهما أرادا أنّ الآية ناطقة بحذر العقلاء في مخالفة الأمر أحد الأمرين فلو لا أنّ الأمر للوجوب لم يكن وجه لحذر العقلاء كما لا وجه لحذرهم سقوط الجدار الغير المائل و يرد عليه أن الآية ليست حاكية عن أحوال المخالفين للأمر في الماضي أو المستقبل بل هي إنشاء وعيد عليهم في المخالفة كما لا يخفى مع أنّ حذر العذاب في مخالفة الأمر الندبي لو سلّم كونه من قبيل حذر سقوط الجدار الغير المائل فلا يسلم كون حذر الفتنة كذلك لأنّ الفتنة الدّنيويّة غير مأمونة في مخالفة الأوامر الندبية خصوصا على تقدير كون السّبب مخالفة مجموع الأوامر لا كلّ واحد كما قيل سلّمنا لكن قبح الحذر في مخالفة الأوامر المستعملة في القدر المشترك ممنوع فغاية ما ثبت حينئذ بطلان القول بالنّدب لا صحّة القول بالوجوب (و ثانيها) ما ذكره السّلطان (قدّس سرّه) وفاقا للمحقّق أيضا من أنّ الآية واردة في معرض التوعيد فتدلّ بمساقها على التهديد من غير حاجة إلى المتعلّق بظاهر الأمر هذا و ليس مرادهما أنّ الأمر هنا للتهديد كما توهّم و يرد عليه أنّ التوعيد و التهديد يتوقفان على قبح التحذير و الحذر ندبا في مخالفة الأمر الندبي إذ لو كان الحذر في مخالفة الأمر النّدبي حسنا كان التحذير الندبي مع عدم المقتضي أيضا حسنا و مع جوازه أو حسنه لا يتحقّق التهديد كما لا يخفى فالتهديد موقوف على قبح التحذير مع عدم المقتضي و معه يتعيّن كون الأمر هنا للوجوب كما يأتي فإنكار المجيب كون هذا الأمر للوجوب في قوة إنكاره للتهديد لما بينهما من الملازمة و اشتراكهما في المقدمة فالتفكيك بينهما في كلام المورد لا وجه له بل اللاّزم عليه الاقتصار على إثبات كون الأمر هنا للوجوب قطعا و هو ثالث الأجوبة و أول ما أجاب به في المعالم و الحاشية حيث قال إن هذا الأمر للإيجاب و الإلزام قطعا إذ لا معنى لندب الحذر عن العذاب و

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 221
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست