responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 220

بأدنى تأمّل (و اعلم) أنّه سنح لبعض المحققين إشكالات في كون الصّيغة حقيقة في الوجوب فصدع بدفعها و أنت إذا استحضرت ما أسبقنا في مبحث التبادر و حفظت ما فسّرنا به هنا معنى الوجوب الّذي قلنا بدخوله في الموضوع له علمت أنّه لا مجال لشي‌ء من الإشكالات فإنا قلنا إنّ المراد بكون الأمر حقيقة في الوجوب استناد استفادته منه إلى الوضع دون القرينة فليس المراد بالحقيقة في المقام الكلمة المستعملة في معناه الموضوع له بل المراد كون الكلمة بحيث لا تحتاج في إفادة المعنى إلى القرينة و كذا قلنا إنّ الوجوب هنا بمعنى الإيجاب و المراد به طلب الفعل مع عدم الرضاء بالترك دون الوجوب الاصطلاحي و إن كان ذلك أيضا مدلولا عليه في أوامر الشّارع بالالتزام‌

[2- الإجماع العملي‌]

(و ثانيها) ما تعلّق به علم الهدى في إثبات الوضع للوجوب شرعا و اعترف به غير واحد من العامة كالعضدي و الحاجبي من حمل الصّحابة و التابعين و تابعيهم كلّ ما ورد في الكتاب و السّنة من الأوامر المجرّدة عن القرينة على الوجوب فإن قضية ذلك ظهور الصّيغة بحيالها في الوجوب و هو آية الوضع في ذلك الزمان و بضميمة عدم النقل يتم المقصود و أورد عليه تارة بما مرّ في دعوى التبادر من أن مطلق الظهور عند عدم القرينة لا يقضي بالوضع لأنّه قد يكون من باب الانصراف الناشئ من كمال الفرد الظّاهر أو من شي‌ء آخر و هذا قد اتضح فساده بما لا مزيد عليه و أخرى بما استدلّ به القائل بوجوب الحمل على الوجوب شرعا مع كونه حقيقة في القدر المشترك مطلقا من أن فهم الصّحابة و التابعين إنّما هو بمساعدة ما ورد في الشرع من القرائن العامة لا من حاق الصّيغة و سيأتي جوابها و على ما ذكرنا في تقرير الدّليل لا يرد أن مرجع الدّليل إلى التمسّك بإجماع السّلف و هو غير مفيد إمّا لأنّ المسألة علميّة أو لأنّ النافع عنه غير محقّق و المحقق منه غير نافع لكونه إجماعا عمليّا سكوتيا منقولا لأنّ التعويل في المقام إنما هو على صرف فهم الصّحابة لكونهم من أهل اللّسان فمرجع ذلك أيضا إلى التبادر إلاّ أنّ الفرق بينه و بين الأوّل من وجهين (أحدهما) أنّ مقتضى التبادر على الوجه الأوّل ثبوت الوضع في زماننا هذا فلربّما ينفع في الأوقاف و الأقارير و الوصايا من دون الاستعانة بأصالة عدم النقل و مقتضى التّبادر على هذا الوجه ثبوت الوضع في زمان الصّحابة فقط فيحتاج في إثباته لغة و عرفا إلى الأصل المذكور كما لا يخفى (و الثّاني) أن ثبوت الوضع على الوجه الأوّل يثبت بالعلاقة فلا يعارضه شي‌ء من الأمارات الظنيّة و على هذا الوجه يثبت بالأصل المذكور نعم يتجه ذلك على ظاهر ما نقله في المعالم عن السّيد من التمسّك بإجماع الأصحاب بعد فهم الصّحابة و التابعين حيث قال و أمّا أصحابنا فلا يختلفون في هذا الحكم الّذي ذكرنا و إن اختلفوا في أحكام هذه الألفاظ في موضوع اللّغة إلى أن قال و قد بيّنا في مواضع من كتبنا أن إجماع أصحابنا حجّة لكن يمكن أن يوجّه بأن متعلّق دعواه هو الوضع الشرعي و ثبوت الحقيقة الشّرعية و يتجه الانتهاض في مثله بالإجماع إذ الأمور الموظّفة من الشّارع ينفع فيها دعوى الإجماع المصطلح سواء كانت ممّا يتعلّق بالأحكام أو مما يتوقف عليه فهم الأحكام‌

[3- الاستعمال في الوجوب في قوله تعالى ويل للمكذبين‌]

(و ثالثها) الاستعمال في الوجوب من دون التعويل على القرينة في قوله عزّ من قائل‌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* و إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ‌ و تقريب الاستدلال على ما ذكروه هو أنّ اللّه تعالى رتّب الذّم على مخالفة الأمر بالركوع و هو لا يكون إلا على تقدير كونه للوجوب و يرد عليه أن ترتب الذّم إنما يدلّ على كون الأمر بالركوع مطلقا أو خصوص هذا الأمر ممّا لا يجوز مخالفته فيكون المقصود به الوجوب و هو غير مفيد كما لا يخفى إذ الاستعمال أعمّ حتى لو ساعدنا الخصم على أنّ الذّمّ المستفاد من التوعيد بالويل و السّياق مترتب على كلّ واحد من التكذيب و مخالفة الأمر بالرّكوع فما صدع به في المعالم من إثبات كون المذمّة على ترك الركوع أيضا لا على مجرّد التكذيب فهو نفخة بلا ضرام إذ لا يترتب عليه المقصود إلا بعد إثبات أن الحيثيّة الملحوظة في الذّمّ هي مخالفة جنس الصّيغة دون النوع و الفرد بأن يكون سبب الذّمّ مخالفة خصوص خطاب اركعوا و أنت خبير بأن حديث ترتب الذّمّ غير ناهض بذلك لعدم دلالته على تعيين إحدى الحيثيّتين بل قصوى ما يتفرع عليه كون الأمر بالركوع سببا لاستحقاق التارك الذّم و العقاب أمّا أنّه لما ذا فهل هو لأجل مخالفة جنس الأمر حتى يثبت المدّعى و هو الدّلالة على الوجوب أو لأجل مخالفة شخصه فلا بدّ فيه من التماس دليل آخر و بعد قيام ذلك الدّليل يندرج المقام في الاستعمالات المحفوفة بالقرينة و يبقى توسيط مقدّمة ترتب الذّمّ مستدركة و أمّا ما ذكره في المعالم وفاقا لغيره من أنّ اللّه تعالى رتب الذّمّ على مجرّد مخالفة الأمر فدلّ على أنّ الاعتبار به لا بالقرينة فإن أراد بالأمر ذلك الأمر المخصوص كما ذكره في المنية فغير مجد لما عرفت من أنّ غاية ما يترتب عليه نفي الاعتبار بغير هذه الصّيغة و أمّا أن الاعتبار بجنسها أو شخصها فغير مستفاد منه و إن أراد به مطلق الأمر فيدل على عدم الاعتبار بغير الهيئة مطلقا حتى المادة فمصادرة واضحة لأنه عين الدّعوى هذا و الصّواب عندي تقريب الاستدلال بوجه آخر تقدّم إليه الإشارة في البحث عن المادة و توضيحه هو أن الذمّ و العذاب يدلاّن على كون الأمر بالركوع هنا للوجوب قطعا ثم إن كان التعويل في تفهيمه على نفس الهيئة ثبت المطلوب لأنّ التعويل في إفادة المعنى إذا كان على حاق اللّفظ دلّ على وضع ذلك اللّفظ بإزاء المعنى و إلاّ كان في غير محلّه و إن كان الاعتماد فيه على شي‌ء آخر في الكلام فهو إمّا قرينة الذّم أو خصوص المادّة إذ ليس‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 220
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست