responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 206

إلى الفرد الكامل كما اعترف به هو الوجوب و هو يكفي في دعوى ظهور التعاريف في اعتبار الإلزام إذ من الواضح أن ظواهر الألفاظ معتبرة و لو من جهة الانصراف الناشئ عن أحد أسبابه فما حقّق به المقام لعلّه على خلاف مطلوبه أدلّ كما لا يخفى على المتأمّل إلاّ أن يفرق بين التّحديد و غيره بناء على ما هو المعروف من ابتناء الحدود على الدّلالة الصّريحة فتأمّل (و يرد على الثّاني) بعد المساعدة على دعوى التعميم مع أنّ للمنع فيه مجال واسع لظهور أن ما في نفس الملتمس و الدّاعي من الطلب مقرون بعدم الرّضى بالترك و هو المراد بالإيجاب في المقام أنّ اللّغة لا تثبت بالقياس (و يرد على الثّالث) أنّ أسباب الانصراف المستقر منحصرة في الشّهرة و غلبة الاستعمال أو تأكّد العلاقة و المناسبة كما بيّناه في المبادي عند البحث عن أسباب ترجيح المجازات بعضها على بعض و ليس شي‌ء من الأمور المذكورة موجودا في المقام و أمّا الكمال فالانصراف الناشئ منه لو سلّم فظهور بدوي ينعدم في ثاني النّظر و من البيّن أنّ ظهور لفظ الأمر في الطّلب الحتمي ليس على هذا الوجه مع أنّ كون التأكّد من باب الكمال الموجب للانصراف محلّ نظر و لذا لا يتبادر منه المرتبة القصوى من الوجوب و قياس أصل الوجوب بالوجوب العيني النفسي قياس مع الفارق لأنّ النفسيّة و كذا التعيّن من مقتضيات إطلاق اللّفظ و تجرّده عمّا يدلّ على التقييد فإنّ في كلّ من الطّلب الغيري و التخييري تقييدا و تعليقا فالطّلب الغيري طلب على بعض التقادير أعني تقدير وجود الطّلب النفسي و الطّلب التخييري معلّق على عدم وجود قيام البدل مقام المطلوب و أمّا الحتم فهو تقييد لجنس الطّلب لعدم الرضى بالترك لكونه بمنزلة الفصل المقسّم له إلى الوجوب و الاستحباب فلو لم يكن الإطلاق قاضيا بعدم الوجوب لم يكن قاضيا بالوجوب بالضّرورة و ما أبعد بينه و بين الوجوب مع أنّ الجمع بين قياس أصل الوجوب بالوجوب العيني و بين استناد تبادره إلى كونه أكمل الأفراد تهافتا واضحا لأنّ الظّهور الناشئ من الإطلاق على ما حقّقوه في محلّه ليس ظهورا لفظيّا انصرافيّا و إن كان يجري فيه ما يجري في الظّهور اللّفظي عند المقابلة بشي‌ء من الأصول بل هو ظهور مستند إلى قاعدة الحكمة بعد إعمال أصالة عدم المقيد و التبادر الموجود في مواضع الانصراف يفيد فائدة الوضع و أين هو من الإطلاق المبني على قاعدة الحكمة و لعمري إنّ الخلط و الاشتباه بين المقامين لم يكن متوقعا من مثله لأنّه بمكان من متانة النظر و إنّما لا يميز بين الإطلاق و الانصراف من لا يضب له من التحقيق (و يرد على الرّابع) و هو الجواب عن الآيات و الرّواية أن مبنى الاستدلال بها على استعمال الأمر في الطّلب الحتمي مجرّدا عن القرينة و ما حقّق به المقام من استناد الظّهور إلى الانصراف أو الإطلاق لا يصلح جوابا عن ذلك كما لا يخفى و هذا أيضا من الزلاّت النّاشئة عن طغيان القلم و اللّه الهادي الأمر

الثالث [الكلام في أن الطلب هل هو عين الإرادة أو غيرها]

هو أنّ الطّلب المأخوذ في مفهوم لفظ الأمر هل يستلزم الإرادة أم لا و هذا النزاع محرّر على وجهين (أحدهما) أنّ الطّلب هل هو عين الإرادة أو غيرها (و الثّاني) أنّ الطلب هل يستلزم الإرادة أم لا و لعلّ النزاع الثّاني متفرع على القول بمغايرة الطّلب للإرادة فلنتكلّم أولا في ذلك و في بيان محلّ النّزاع (فنقول) إنّ هذه المسألة من جزئيات البحث في الكلام النّفسي (و توضيح القول) فيه هو أنّ الأشاعرة زعموا أنّ الكلام مشترك بين الألفاظ الخبرية و الإنشائية و بين ما يدلّ عليها تلك الألفاظ فقالوا إنّ الكلام لفظي و نفسيّ و اللّفظي هي الألفاظ الصّادرة من المتكلّم في مقام الإخبار عن شي‌ء أو إنشاء شي‌ء و النفسي هي النّسب الخبريّة أو الإنشائية القائمة بالنفس الّتي يكشف عنها الألفاظ بحسب الأوضاع اللّغويّة و فسّروا تلك النّسبة في الخبر بأمر وراء علم المتكلّم بمضمون القضية اللّفظية و هو على ما نقل عن العضدي إمّا في الموافق أو في شرح المختصر و لعلّ الظّاهر هو الأوّل عبارة عن النّسبة الموجودة بين المفردين و في الإنشاء بأمر وراء الإرادة و سمّوه بالطّلب و اقتضاء الفعل فالطلب عندهم مغاير للإرادة المدلول عليها بلفظ الأمر أو بصيغته و المعتزلة قد أنكروا ما زعموه في المقامين فقالوا إنّه ليس الكلام إلاّ الألفاظ الصّادرة من المتكلّم و ليس ما وراء ذلك شي‌ء سواء علم المتكلّم بمضمون القضية في الإخبار و إرادته للفعل في الإنشاء و شي‌ء من هذين الأمرين أعني العلم و الإرادة ليس من الكلام في شي‌ء بالاتفاق فالكلام منحصر في اللّفظي فالأمر عند المعتزلة عبارة عن الإرادة المقرونة بالكاشف القولي و عند الأشاعرة عبارة عن إنشاء الاقتضاء المقرون بذلك القول و هو غير الإرادة عندهم و يسمّونه بالطّلب و من ذلك يظهر أنّ المعتزلة لا بد لهم من تفسير الأمر بغير الطّلب كما صرّح به الحاجبي و العضدي لأن الطلب ليس كلاما لفظيا بالضّرورة و الأمر قسم من أقسام الكلام فلو فسّر الأمر بالطّلب المقرون بالقول فإن أريد به معنى مغايرا للإرادة كان منطبقا على مذهب الأشاعرة و إن أريد به الإرادة كما في التهذيب انطبق على مذهب المعتزلة و ممّا ذكرنا ظهر أنّ ما أورده السيّد (قدّس سرّه) في المحصول على العضدي و الحاجبي من أنّ إنكار المعتزلة للكلام النفسي لا يقتضي عدم جواز تعريفهم للأمر بالطّلب غير وارد و كيف و الطّلب إذا جعل قسيما للإرادة كما في المختصر و شرحه ليس إلاّ الكلام النّفسي فكيف يسوغ لمنكر رأسا تعريف الأمر الّذي هو من أقسام الكلام به فظهر أنّ النزاع بين الأشاعرة و منكري الكلام النفسي و هم المعتزلة و العدلية إنّما هو في تعقّل شي‌ء زائد على الإرادة في مفهوم الأمر أو مصداقه و هذا يظهر بأدنى مراجعة إلى الكتب الكلامية و إلى‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست