responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 19

الشرعية لما كان بعد الفراغ عن الإسلام فلا جرم يكون العلم بضرورياتها غير حاصل من الدّليل في حق الفقيه و إن اعتبرت الاعتراف صدق النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) في المقسم حين تريد تقسيم العلم بالأحكام الشرعية إلى الضّروريّة و النظرية و قلت إنّ علم المعترف بالرّسالة بما جاء به الرّسول (صلى اللَّه عليه و آله) و الأحكام قد تكون ضروريّا غير حاصل من الدّليل كعلمه بالضّروريات مثل وجوب الصّلاة مثلا فإنّ المعترف بالرّسالة عالم ضرورة بحقيقة وجوب الصّلاة و واقعيّته لا بمجرّد إخبار الرّسول من غير دليل كان حسنا و قد يكون نظريا فافهم فالحق استناد خروج الضّروريات إلى هذا القيد و العلامة في التهذيب أخرجها بقوله لا يعلم كونها من الدّين ضرورة و هو حسن في تعريفه و أمّا في هذا التّعريف فلا حاجة إليه كما توهم ثمّ إنّ الأحكام الشّرعيّة تنقسم إلى ظنّي و قطعيّ و الثاني إلى نظريّ و ضروريّ و الأخير إلى ضروري الدين أو المذهب و إلى ما كان ضروريّا عند بعض لا إشكال في كون العلم بالأول فقها بحسب الاصطلاح كما لا إشكال في خروج ضروري الدّين و المذهب و أمّا النّظري القطعي فظاهر الزّبدة خروجه أيضا و فيه تأمّل أو منع لعدم مساعدة الاصطلاح عليه بل لا يبعد كون الضّروري بالمعنى الأخير أيضا فقها لصدق التعريف عليه إذ لا ينافي كونه ضروريّا حصوله من الدّليل على وجه الحدس و البداهة و دعوى أنّ المتبادر من كلمة المجاوزة كون العلم حاصلا عن الأدلّة على وجه النظر و الفكر كما ادّعاه غير واحد يدفعها ما هو المعلوم من صدق الفقه على العلم الحاصل من العثور بالمتواترات اللّفظية بغتة (توضيح) ذلك أن الضّروري قد يطلق و يراد به ما لا يحتاج إلى وسط كالوجدانيات مثل علمنا بقبح الظّلم و حسن الإحسان و إدراكنا للجوع و الألم و قد يراد به ما يحصل بغير نظر سواء حصل من الوسط على وجه الضّرورة أو الحدس كالمتواترات عند من يرى أنّها ضرورية لاستناد العلم بها إلى الوسط أعني التواتر و إن لم يكن على وجه النظر أم لا و القسم الأوّل مستحيل في الأحكام الشّرعية التّوقيفية إذ لا مسرح للوجدان فيها و إن كان قد يستدل على بعضها بالقضايا الوجدانية و الثاني هو الذي ينبغي أن يتنازع فيه و نحن نقول بدخوله تحت الفقه أيضا لمساعدة عدم صحّة السّلب عليه في هذا الاصطلاح و حينئذ فيشكل في التعريف لو بنينا على دلالة كلمة المجاوزة على كون العلم على وجه النظر لخروج هذا من التعريف مع إمكان منع الدّلالة رأسا

[الكلام في بيان المراد من التفصيلية في التعريف‌]

و المراد بالتفصيلية أن يكون كلّ حكم حكم له دليل مخصوص به غير جار في غيره لا ما يقابل الإجمال بمعنى الإبهام لأنّ الدليل لا يعقل أن يكون دلالته على وجه الإبهام نعم يمكن أن يكون المدلول مجملا محتملا لأمور كمداليل الأفعال الصادرة عن المعصوم (عليه السلام) و لكنّه غير مراد في المقام قطعا و المراد بمقابلها استناد العلم بجميع الأحكام إلى دليل واحد إجمالي أي كلّي سار في الجميع فخرج بهذا القيد علم المقلّد كما في المعالم و غيره لأنّ علمه بالأحكام الشرعيّة حاصل من دليل واحد إجمالي في الكلّ و هو قول المفتي بخلاف المجتهد فإنّ علمه بالأحكام مستند إلى تفاصيل الأدلة الاجتهادية المتفرقة في أبواب الفقه و أورد عليه المحقّق القمي (رحمه الله) بما توضيحه إنّ أريد باختصاص كلّ مسألة بدليل مختص به اختصاص شخص الدليل بالمسألة فعلم المقلد بالأحكام أيضا كذلك لأنّ علمه بكلّ مسألة مستند إلى جزئي من جزئيات الفتوى لا يجري في غير تلك المسألة و إن أريد به الاختصاص من حيث الجنس أيضا فأدلّة المجتهد أيضا ليس كذلك لأنّه إن كان يعمل بالظّن الخاص كالخبر مثلا فالقدر الجامع بين أدلّته التفصيلية حينئذ هو عنوان ذلك الظنّ الخاص و إن كان يعمل بالظن المطلق فمستنده في الكل هو مطلق الظّنّ و اختصاص آحاد المسائل بجزئيات الظنّ لا ينافي كون علمه بالجميع عن دليل إجمالي سار في الجميع كما في المقلّد و هذا لا يراد بهذا البيان لا مدفع له و العجب أن جملة من الأفاضل زعموا عدم وروده مع عدم إفادتهم شيئا يحسم الإشكال ثم نقول إن الدّليل المذكور لا يفيد علم المقلّد بالحكم الشّرعي الكلّي لأنّ الأحكام الكلّية إمّا معلومة له بالضّرورة أو مجهولة رأسا نعم هو عالم بالحكم الجزئي الفعلي عن ذلك القياس المنتظم له في جزئيات المسائل بملاحظة حكم الله الظاهري في حقه أعني وجوب متابعة الفتوى كقوله نجاسة الغسالة ممّا أفتى به المفتي و كلّما كان كذلك فهو حكم الله في حقّي و الحكم الجزئي ليس من مجعولات الشّارع و الأصل في ذلك أنّ المسائل الشرعيّة كمسائل سائر العلوم عبارة عن الأحكام الشّأنية الكلية الّتي يحصل من ضمّها إلى صغرى وجدانية حكم جزئي فعلي و ليس عبارة عن تلك الأحكام الجزئية مثلا الحكم الشّرعي هو حرمة الخمر الّتي نسمّيها بالحكم الثّاني الّذي هو مدلول الكتاب و السّنة لا حرمة هذا المائع الذي اعتقد المكلّف بكونه خمرا الذي يحصل من صغرى وجدانية و كبرى شرعيّة و يمكن أن يكون هذا هو مراد المحقّق القمي (رحمه الله) حين عدل عن المماشاة مع القوم إلى ما هو الصّواب عنده من أنّ ذلك القياس المنتظم للمقلّد في جزئيات المسائل لا يفيد علمه بالحكم الشّرعي بل العمل به يعني أنّ نتيجة هذا القياس ليس هو العلم بالحكم المجعول الشرعي بل بالحكم الجزئي الفعلي الّذي فائدته المبادرة إلى الامتثال و العمل فلا يرد عليه ما أورده غير واحد من النّاظرين في كلامه من أنّ العمل يتوقف على العلم فلو لا إفادة ذلك الدليل الإجمالي علمه بالحكم لم يفد جواز عمله على أنّ نتيجة القياس لا يعقل أن يكون أمرا غير العلم فكيف يقال إنّه يفيد جواز العمل دون العلم و وجه عدم الورود أنّ المقصود عدم إفادة ذلك الدّليل الإجمالي العلم بالحكم الشّرعي لا مطلق العلم كيف و هو يفيد العلم بالحكم الجزئي الّذي قد عرفت عدم كونه حكما مجعولا شرعيّا من حيث هو و لكن فائدته ليست إلاّ وجوب العمل لأن ترتيب القياس المنتظم من الكبرويات الشرعية و الصّغرويات الوجدانية ليس إلاّ في مقام وجوب المبادرة إلى الامتثال نعم يرد عليه أنّ المجتهد أيضا كذلك لو حملنا الأحكام في التعريف على الأحكام‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست