responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 187

الواجب إلاّ به و من ثم ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب الاجتناب عن الشّبهة و فيه (أوّلا) أنّه مختصّ بالاشتباه بين الأمور المعيّنة و لا يجري في غيره (و ثانيا) أنّه أيضا يتوقف على العلم بحصر المأمور به في أشياء و إن لم يعلم بعينه و نحن لا نقول باشتراط العلم من جميع الوجوه انتهى كلامه رفع مقامه (قلت) و في هذه الكلمات ما لا يخفى من الغرائب (أمّا أوّلا) فلأنّ التحقيق كما اعترف به (قدّس سرّه) في موضع آخر عدم اعتبار العلم في مداليل الألفاظ مطلقا لا في مقام الوضع و لا في مقام الإخبار و لا في مقام التكليف كيف و القول به مستلزم للتصويب و لتوقف سقوط التّكاليف مطلقا على العلم و الشّعور بعنوان المأمور به و لغير ذلك من الأباطيل الّتي لا يرضى بقولها أهل الحقّ بل العلم طريق إلى الواقع لا يفيد في الألفاظ الموضوعة بإزائه تقييدا رأسا و هو واضح (و أمّا ثانيا) فلأنّ ما جعله من باب التكليف أعني قوله تبيّنوا في خبر الفاسق قسم من الإخبار الّذي اعترف بكونه ناظرا إلى الواقع إذ المراد بالتبيّن هنا هو الوجوب الشرطي فالمعنى أنّه يشترط في قبول خبر الفاسق التبيّن (و أمّا ثالثا) فلأنّ قوله جوابا عمّا قيل فالمعنى إن جاءكم من علمتم فسقه بعد الفحص واضح السّقوط لأنّه إن أراد وجوب تحصيل العلم بالفحص من باب المقدّمة لكون المأمور به مقيدا بالعلم فهذا غير متفرّع على ما بنى عليه بالتبيّن من تقييد الفاسق بالمعلوم إذ التكليف بالنّسبة إلى عنوان ما يتعلّق به مشروط في مثل المقام و إن لم يكن كذلك في سائر المقامات فلو قال تبيّن في خبر كلّ مخبر لم يتفرّع عليه وجوب تحصيل المخبر مقدّمة للتبيّن في خبره بل يتوقف التكليف بالتّبين على تحقيق المخبر في الخارج و كذا لو قال تبيّن في خبر من علمت فسقه نعم لو قال أكرم عالما لم يبعد وجوب تعليم الجاهل مقدّمة لو فرض توقف العالم عليه و إن أراد غير ذلك فهو اعتراف باللاّزم (و أمّا رابعا) فلأنّ ما ذكره في التنزل الأوّل أيضا ساقط لدورانه بين الاعتراف باللاّزم مع بطلانه لأنّ الأمر بالتبيّن لا يسقط عند الشكّ في فسق المخبر كما لا يخفى و بين الرّجوع إلى الأوّل و منه يظهر فساد ما ذكره في التنزل الثاني من الرجوع إلى الأصل عند الشكّ في الفسق على أنّ الفرق بينه و بين سابقه خفي لأنّ مرجع السّابق إلى اشتراط التكليف بالعلم بالفسق و من البيّن أنّ مجرّد الاشتراط لا يقضي بالبراءة عند الشكّ في وجود الشرط بل لا بدّ معه من التعلّق بأصل القدم أو أصالة البراءة إلاّ أن يقال إنّ مجرّد الشكّ في الشرط يوجب الشكّ في المشروط من غير الاستناد إلى أصل أو أمارة و فيه أنّ الشكّ في المشروط أيضا لا يجدي إلا أن يقوم بالنّفي أصل أو قاعدة و ممّا ذكرنا يعرف النظر فيما ذكره جوابا عمّا أبداه بقوله و قد يقال إذ لا مساس له بالسّؤال المذكور بناء على كون المراد بالتكليف المأخوذ في السّؤال التكليف الواقعي كما هو ظاهر الاستظهار من الشّبهة المحصورة إذ العمدة في ذلك الباب كون التكليف متعلّقا بالواقع من دون اشتراطه بالعلم و إن توقف تنجّزه عليه تفصيلا أو إجمالا فلا وجه لسقوطه مع عدم العلم التفصيلي (و من الواضح) أنّ الإيراد عليه بما ذكره من الإيرادين ليس على ما ينبغي ثم إن للفاضل المذكور كلاما آخر في عوائده يقرب ممّا قرّرناه من إناطة الأحكام خبرا أو إنشاء بالموضوعات الواقعية من دون مدخلية للعلم إلا على نحو الطّريقية قال و هذا هو الأصل إلاّ أن ثبتت تعلّق الحكم بالواقع المعلوم على أن يكون الحكم معلّقا على العلم فحينئذ يعتبر علم الفاعل إذا كان الموضوع من الأفعال كما في بطلان الصّلاة في الثوب أو المكان المغصوبين و فيه نظر واضح لأنّ العلم بالإباحة ليس موضوعا للحكم الشرعي و ليس شرطية للصّلاة ثابتة من الشرع بل من العقل بملاحظة عدم جواز اجتماع الأمر و النّهي و تمام النظر يظهر بالتأمّل و اللَّه الهادي‌

بديعة الإرادة غير داخلة في الموضوع له‌

و ما رأيت و لا سمعت مخالفا في ذلك نعم نقل عن ابن سينا و العلاّمة الطّوسي (رحمه الله) أنّ الدلالة تابعة للإرادة و هذا كلام آخر تقف إن شاء الله تعالى على تفاصيله لا ربط له باعتبارها في المسمّى كيف و استحالته ممّا يقضي بها صريح العقل لأنّ الإرادة تابعة للاستعمال و الاستعمال تابع للوضع فالوضع مقدّم على الإرادة فلو كانت معتبرة في الموضوع له كانت مقدّمة على الوضع تقدم الموضوع على الحكم فيلزم تقدّم الشّي‌ء على ما يتقدّم عليه و إن هذا دور واضح و لعلّ الغفلة عن ذلك دعى بعض من عاصرناه من الأعلام إلى البحث عن ذلك حين رأى اختلافا بين القوم في تبعيّة الدّلالة للإرادة فقال هل الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها من حيث هي أو من حيث كونها مرادة للافظها وجهان يدلّ على الأوّل بعد مساعدة التبادر عليه أمران (الأوّل) إطلاقهم بأنّ الوضع تعيين اللّفظ للدّلالة على المعنى من غير اعتبار حيثية إلى أن قال (الثّاني) أن الحيثية المذكورة أمر زائد على المعنى فالأصل عدم اعتبارها في الوضع و يضعّفه أنّ الأصل من الأصول المثبتة و لا تعويل عليها حيث لا يساعدها دليل كما في أصالة عدم النقل و نحوه قلت و فيه (أوّلا) أنّ تحديد الوضع لا مساس له بتحديد الموضوع له فالتعلّق بظاهر الأوّل على تعيين مشخصات الموضوع له مضحكة من القول ألا ترى أنّ القائل بوضع الألفاظ للماهيات المطلقة لو تمسّك في إبطال القول بوضعها لها بشرط الوجود بظاهر قولهم في تعريف الوضع و إطلاقه كان ساقطا في أنظار العلماء لأنّ مثل ذلك لا ينبغي أن يذكر أو يدوّن (و العجب) أنّه اعتذر عن إطلاق قولهم بدلالة لفظ المعنى عليه فلا حاجة إلى التصريح به في الحدّ و ظاهره أنه لو لا دلالة لفظ المعنى عليه كان التصريح به في الحدّ محتاجا إليه‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست