responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 169

المقام صالحا لإرادة خصوص المعنى الحقيقي فهي الكناية (فإن قلت) مع جواز حمل اللفظ على المعنى الحقيقي لا يكون كناية لأنها لا يصار إليها إلاّ مع الضّرورة لكونها على خلاف الأصل أيضا (قلت) لا منافات بين القرينة على إرادة غير المعنى الحقيقي و صلاحيّة المقام لإرادته لأنّ قول القائل زيد كثير الرّماد يمكن حمله على الحقيقة و لو مع العلم بأنّ المقصود إفادة اللاّزم و هو الجود بخلاف المجاز مثل جرى الميزاب فإنّ حمله على وجه الحقيقة ممتنع جدّا هذا و لكن الإنصاف أن حمل المعاندة على المعنى المذكور ساقط عن النظر السّليم لأنّ إرادة المعنى الحقيقي منفردا عبارة عن الاقتصار عليه فمعنى كون القرينة معاندة لذلك أن تكون دالّة على إرادة المعنى المجازي لئلاّ ينتقل الذّهن إلى إرادة خصوص المعنى الحقيقي بمقتضى أصالة الحقيقة و من البيّن أنّ التعبير عن هذا المقصود بأنّه لا بدّ في المجاز من القرينة المعاندة يشبه الضحكات من القول و نظير الأكل من القفا لأنّ حق التّعبير عن ذلك أن يقال إنّه لا بدّ في المجاز من قرينة مفهمة للمعنى المجازي صونا للذّهن من الانتقال إلى خصوص المعنى الحقيقي فالتعبير عن ذلك بأنّه لا بدّ عن القرينة المعاندة للحقيقة أي المعاندة لإرادته مستقلاّ بدلا عن المجاز أجنبي عن قواعد البيان و التحقيق أنّ الإرادة في المقام على تقدير الإطلاق في كلامهم و الإغضاء عمّا قلنا من التنزيل على المورد الغالب هو غير الاستعمال فكون المجاز ملزوما لقرينة معاندة مرادهم بإرادة المعنى في هذا المقام أعني مقام الفرق بين المجاز و الكناية معنى آخر غير استعمال اللّفظ في المعنى و هو كون المعنى مقصودا بالإفادة و النّسبة بينه و بين استعمال اللّفظ في المعنى عموم من وجه كما سبق منا توضيحه في تعريف الحقيقة و المجاز و أقسامهما و على هذا فلا مانع من اعتبار المعاندة الملحوظة في قرينة المجاز على وجه الإطلاق و مرجعه إلى اشتراط المجاز بعدم سوق الكلام لإفادة المعنى الحقيقي مطلقا بخلاف الكناية فإنّه لا يعتبر فيه إلاّ أن يكون الكلام مسوقا لإفادة غير الموضوع له سواء قصد معه إفادته أم لا (و توضيح) هذا المرام يطلب ممّا حقّقناه فيما سبق و هذا جيّد إلاّ أنّ النافع في المقام مساعدة أهل اللّسان لهذا النّحو من الاستعمال لا إجماع أهل العربيّة لأن الركون إليه إنما هو لأجل الاهتداء إلى ما هو الجاري في العرف و العادة فإن شهد التتبع و الوجدان بوجود مثله في كلمات أهل اللّسان سقط تصريح علماء البيان بلزوم القرينة المعاندة في المجاز و إن شهد بالعدم كان التعويل عليه لا على تصريحهم إلا من باب الاعتضاد و من هنا قد يفصل بين المقام و بين استعمال المشترك في المعنيين فيلتزم بعدم الجواز في الثاني كما مرّ لعدم العثور به في سائر اللّغة نظما و نثرا و بالجواز في الأوّل بشهادة وجوده في مواضع (أحدها) الكناية على ما صرّح به المدقق الشّيرواني حيث تخيل أنّه من باب استعمال اللّفظ في معناه الحقيقي و المجازي نظرا إلى عدم لزوم القرينة المعاندة لإرادة المعنى الحقيقي باتفاقهم فيها فيجوز استعمال اللّفظ في المعنى الموضوع له و غيره على سبيل الكناية من غير محذور (قال) و القول بأنّ الكناية غير المجاز و لعلّ هذا الاستعمال بأن يكون حقيقة و كناية جائز و بأن يكون حقيقة و مجازا غير جائز يصير حاصله أن استعمال اللّفظ في المعنى الموضوع له و غير جائز لكن لا يسمّى مجازا و إنما يسمّى كناية لأنّ القرينة المانعة عن إرادة المعنى الحقيقي معتبرة في مفهوم الأوّل و لا يتحقق في هذا الاستعمال و غير معتبرة في الثاني فلا مانع من التّسمية فيكون النزاع لفظيا غير مفيد و إنّما البحث المفيد هو جواز استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقي و غيره و عدم جوازه مطلقا انتهى و يظهر ذلك من كلام بعض الأجلّة أيضا حيث صرّح بأن مراد علماء البيان بالمجاز المشروط بالقرينة المعاندة ما يقابل الكناية على ما هو مصطلحهم لا ما يعمّها كما في مصطلح علماء الأصول (قلت) لا إشكال في أنّ القائلين بعدم الجواز و لعلّهم الأكثر قائلون به مطلقا كناية و مجازا فليس هذا النحو من الاستعمال عندهم بصحيح مطلقا مع أنّ الكناية بجميع أقسامها ممّا لا ينكر صحّتها و معهوديتها عند العوام فكيف الخواصّ حتى ما كان منها فاقدا للقرينة المعاندة و صالحا للحمل على إرادة المعنى الموضوع له فكيف تكون من باب ما تناكر عليه العقول الصّحيحة و الآراء السّليمة على كثرتها و تعارفها عند العرب و العجم خصوصا الفصحاء منهم فالتحقيق هو خروج الكناية بأقسامها عن استعمال اللّفظ في الموضوع له و غيره لأن‌

الأقوال فيه ثلاثة (أحدها) أنّها إرادة للمعنى الحقيقي للانتقال منه إلى المعنى المجازي (و ثانيها) أنّها إرادة للمعنى المجازي مع جواز إرادة المعنى الحقيقي نقلهما المدقق الشيرواني في شرح الشّرح و لا إشكال في عدم كون الكناية على هذين التفسيرين من التنازع فيه كما اعترف به (قدّس سرّه) و بنى عليه خروج الكناية عمّا نحن فيه (و ثالثها) أنّه إرادة للمعنى الحقيقي و المجازي معا كما يظهر ذلك من المفتاح حيث قال إنّ المراد بالكلمة المستعملة إمّا معناها وحده أو غير معناها وحده أو معناها و غير معناها و الأولى هي الحقيقة و الثاني هو المجازي و الثالث هو الكناية و قد سبق منّا توضيح المرام بمثل هذه العبارة و أنّ الإرادة في باب الكناية ليس معناها استعمال اللّفظ في المعنى فارجع إلى ما كتبناه في أقسام المجاز تجده مجليا عن غشاوة الجهالة و اللَّه الهادي (و ثانيها) المجاز في المركب على ما زعمه بعض الأجلة قال و المجاز في المركبات على القول بثبوت وضع لها مغاير لأوضاع المفردات يستلزم القول بجواز استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقي و المجازي أو في المعنيين المجازيين و تعجّب من غفلة القوم و عدم تفطّنهم بذلك بيان الاستلزام على ما زعمه هو أنّ القول بالمجاز في المركب عند من لا يرى رجوعه إلى التجوز في المفردات خاصّة بإنكاره الوضع للمركبات كالعضدي اثنان أحدهما رجوع التجوز

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست