responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 165

الوضع لا وجه لسرايتها إلى الاستعمال إذ من جملة مشخّصاته خصوصية الواضع و تقييد الاستعمال بهذا القيد يشبه المضحكات من الكلمات (و أمّا خامسا) فلأنّه إن أراد بكونها قيدا للوضع كونها غرضا داعيا إليه كما يظهر من كلامه فقد ظهر فساده آنفا حيث قلنا إنّ متابعة دواعي الواضع و مقرّراته الرّاجعة إلى الاستعمال دون المستعمل أو المستعمل فيه ليست بلازمة فالتعدّي عنها لا يوجب خروج الكلام و إن أراد غير ذلك فعليه البيان حتى نتكلّم فيه (و أمّا سادسا) فلأنّ تقييد الوضع بالوحدة خلاف ما يقضي به الوجدان في حال الوضع لأنّا لو وضعنا لفظا لمعنى لم يخطر ببالنا ما عدا المعنى الموضوع له و اعتبار الوحدة بأيّ وجه كان يستدعي ملاحظة سائر المعاني لكونها من الأمور النّسبيّة و من الواضح عدم التفاوت بين وضع المشترك و غيره في ذلك خصوصا المشترك الّذي حصل الاشتراك فيه من اثنين أو أزيد و ممّا ذكرنا ظهر ما في كلام أخيه الفاضل في تحقيق المقام إذ الظّاهر اتحادهما بالمآل و إن كان ظاهر بعض مقالته يقضي بالمغايرة (و التحقيق) في إبطال كون الاستعمال في المعنيين حقيقة هو أنّ الحقيقة هي الكلمة المستعملة فيما وضعت له مع ملاحظة محافظة القواعد الجارية بين أهل اللّسان الراجعة إلى كيفية الاستعمال و إن لم يتعلّق المستعمل أو المستعمل فيه لوضوح أن بناء المحاورات على مجاري العادات و لذا لم يجز استعمال اللّفظ الموضوع بلا قرينة قبل شيوع التحاور به في العرف (و توضيح ذلك) أنّ الاستعمال على الوجه الصّحيح حقيقة أو مجازا أمر توظيفي من جهات يرجع بعضها إلى اللّفظ و بعضها إلى المعنى و بعضها إلى الاستعمال و الأوّلان يجب تلقّيهما عن الواضع بالرجوع إلى طرائق الأوضاع فالتعدي عن اللّفظ الموضوع أو المعنى الملحوظ للواضع بدون رخصته يوجب خروج الاستعمال عن حدّ الصّحة إلى حدّ الغلط و أمّا الأخير فقد عرفت آنفا أنّ أمره ليس براجع إلى الواضع فلا ينفذ فيه تصرفاته و مقرراته مع عدم مساعدة أهل اللّسان بل المرجع فيه إلى الطّريقة الجارية في العرف فالاستعمال أيضا أمر توقيفي لا بدّ فيه من الصّدور عن إمضاء أهل اللّسان فلو كان الاستعمال خارجا عمّا هو المأنوس المتعارف عند أهل التخاطب بذلك اللّفظ المستعمل لم يكن ذلك الاستعمال صحيحا و لم يجز عدّ ذلك اللّفظ من اللّغة المتحاور بها و قد ثبت بالاستقراء و شهادة غير واحد من أهل الخبرة و التتبع محافظة أهل اللّسان على عدم الجمع بين المعنيين في كلام واحد فقضيّته التوقيفية تغليط ما ليس كذلك من الكلام و إلى هذا يمكن إرجاع مقالة القمّي (رحمه الله) إذا لاحظناه بلحاظ الاصطلاح ثمّ إن قضية هذا الوجه تغليط الاستعمال إذا كان مستندا إلى صرف الوضع فلو فرض صحة استناده إلى ملاحظة العلاقة و نصب القرينة كان صحيحا بناء على عدم اشتراط نقل الآحاد في المجاز و أمّا بطلان الاستعمال على وجه المجاز فلوجوه أيضا (الأوّل و الثّاني) ما تقدّم من الأدلّة السّابقة لأنّ الدّليلين الأوّلين على تقدير صحّتهما ينهضان بمنع الاستعمال مطلقا كما مرّ (و الثّالث) انتفاء جميع العلائق المعهودة في المجاز عدا ما توهّم من وجود علاقة الكلّ و الجزء و قد ظهر ضعفه من الأدلّة على عدم اعتبار قيد الوحدة في الموضوع له (قلت) قد سبق في الاطّراد أنّ علائق المجاز أمور غير منضبطة طردا و عكسا و دعوى العلم بالعدم في مثله لا يخلو عن مجازفة فالأولى أن يقال إن شرط المجاز أن يكون الاستعمال في غير المعنى الموضوع له و بعد ما ثبت عدم اعتبار قيد الوحدة يكون الاستعمال في المعنيين استعمالا في الموضوع له مع أن علاقة المجاز ما كانت بين المعنيين لا بين حالتي المعنى الموضوع له كما في المقام بناء على عدم تأثير لحالتي الانضمام و الانفراد في تغيير الموضوع له و اللَّه الهادي‌

بديعة [الكلام في أن الاستعمال في أكثر من معنى حقيقة أم مجاز]

قد عرفت اختلاف المجوزين من حيث كون الاستعمال على الوجه المذكور حقيقة أو مجازا و الأوّل ظاهر التهذيب و حكي عن الحاجبي أيضا و فصل صاحب المعالم (رحمه الله) فذهب إلى الأول في المفرد و إلى الثاني في التثنية و الجمع ثم القائلون بالحقيقة اختلفوا في كونه ظاهرا مستغنيا عن القرينة أو ليس بظاهر و قد ظهر ممّا ذكرنا وجه القولين و أمّا وجه التفصيل ففي المفرد أيضا ما مرّ و في التثنية و الجمع ما ذكره صاحب المعالم في المعالم من أنّ التثنية في قوة تكرير المفرد في سائر الأحكام حتّى في إرادة المعنيين (قلت) لا بدّ أن يعلم أن المراد باستعمال اللّفظ في المعنيين في التثنية ليس باستعمال أدواتها في معنييها بأن يراد من التثنية أربعة أو أزيد من ماهية واحدة أو متعدّدة (و العجب) أنّ بعض المحققين جعله من محتملات المسألة و إن استضعفه بل المراد استعمال المشترك في المعنيين حال التثنية و الجمع و مرجعه إلى الاكتفاء بالاتفاق اللّفظي في التثنية و الجمع سواء كان مع الاتفاق في المعنى أيضا أم لا (فنقول) إن ما ذكره صاحب المعالم (رحمه الله) ليس على ما ينبغي (أمّا أوّلا) فلأنّ أداة التثنية إنّما وضعت للدّلالة على التعدّد فإمّا أن يراد من الدّخول معنى عامّا كالمسمّى أو المعنيان معا و الأوّل ليس استعمالا في المعنيين كما مرّ و صرّح به (قدّس سرّه) فتعيّن الثاني و هو أن يراد به المعنيان و يأتي بالعلامة قرينة على ذلك و أنت خبير بأنّ هذا إخراج للعلامة عن وضعها لأنّها موضوعة للدلالة على التعدّد بأن يكون الدّال عليه هو العلامة نفسها و في الاستعمال على الوجه المذكور أريد التعدد من المدخول و إنّما جي‌ء بالعلامة قرينة عليه (و أمّا ثانيا) فلأن العلامة بنفسها غير صالحة للدّلالة على المعنيين في غير الأعلام فلا بدّ من ضمّ قرينة أخرى كافية فتقع العلامة لاغية و أمّا في الأعلام فهي و إن دلّت على التعدّد إلا أنّ مجرّده أيضا لا يقضي بكون الاستعمال على الوجه المتنازع فيه لإمكان التأويل فيه إلى المسمّى كما نبّه عليه المحقق القمّي (رحمه الله) فلا بدّ حينئذ من ضمّ قرينة أخرى و هذه القرينة مع خروجها عن حدّ قرائن المجاز كما يظهر بالتأمّل بعد الخبرة بما قدّمناه في تعريف التبادر

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست