responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 161

للسّورة مثلا و عدمها حملنا أمره على الصّحة و نحكم بالقراءة و هكذا إذا شكّ في طهارته إلى آخر ما شكّ من الأجزاء و الشّرائط فيثبت بذلك جميع ما شكّ فيه و به يثبت عنوان الصّلاة إذ المفروض أنّ الشبهة موضوعيّة يعني كونها بعد تبيّن ماهيّة الصّلاة بالأدلّة فالشّكّ إنّما هو في الوجود بعد ما علم حقيقتها بمقتضى الأدلّة و هكذا الكلام في مسألة النّذر و الحلف و اللَّه الهادي‌

بديعة [الكلام في استعمال المشترك في أكثر من معنى‌]

لا إشكال و لا خلاف معتدّا به في وقوع الاشتراك وضعا و استعمالا في لسان العرب و خصوصا الكتاب و السّنة و قد سبق الكلام في بيان حدّه و تميزه عن نظرائه من متكثر المعنى كالمنقول و غيره و قد اختلفوا في كيفية استعماله فمنهم من ذهب إلى كونه وجدانيّا فغلط استعماله في المعنيين فصاعدا حقيقة كان أو مجازا مطلقا و منهم من أجاز ذلك و صحّحه و هو ظاهر الأكثر و هم بين قائل بالحقيقة مطلقا و قائل بالمجاز كذلك و قائل بالتّفصيل كما يأتي (و اعلم) أنّ لإرادة المعنيين صورا (أحدها) أن يطلق المشترك و يراد به المعنيان مستقلّين على أن يكون كلّ منهما مناطا للحكم و متعلّقا للنّفي و الإثبات كما تقول أقرأت الهندان تريد حاضت هذه و طهرت تلك على سبيل التوزيع حتّى كأنك ذكرته مرّتين (و ثانيها) أن يراد به المسمّى كما تقول أكرم زيدا تريد أكرم من هو مسمّى بهذا الاسم و لا إشكال في صحّته بل في وقوعه لأنّه من عموم الاشتراك الّذي لا خلاف في جوازه (و ثالثها) أن يراد به أحدهما على سبيل التّرديد كما تقول ائتني بالجون تريد أحد المملوكين و المستعمل فيه في هذا الفرض كلّ واحد من المعنيين مردّدا فيه على أن يكون التّرديد جزءا لمدلول اللّفظ فيكون المستعمل فيه على هذا الوجه متضمّنا للمعنى الحرفي أعني التّرديد و هذا بخلاف المستعمل فيه في الفرض السّابق فإنّه أمر كلّي و هو المسمّى فاتضح الفرق بينهما و المعروف من صاحب المفتاح أنّه ذهب إلى كون استعمال المشترك على هذا الوجه حقيقة و بما ذكرنا من رجوعه إلى إرادة المعنى الحرفي ظهر فساده إلاّ أن يوجّه بأن المراد هو أحد المعنيين أي هذا المفهوم و هو أيضا مفهوم كلّي إلا أنّه لوضوح فساده على ما نبّه عليه غير واحد نظرا إلى عدم وضع المشترك لذلك المفهوم الكلّي و إلاّ لكان مشتركا معنويّا و هو خلف بمكان من البعد عن كونه اختيارا له فيتعيّن ما سورناه لأنّ احتمال كونه حقيقة أقرب إلاّ أنّ فيه تلك الدقيقة الّتي نبّهنا عليها من انقلاب معنى الاسم حرفا و الأوجه ما ذكره بعض النّاظرين في كلامه من عدم دلالته على هذا القول كما يظهر لمن راجع إليه لأنّ حمل كلامه على المذهب المشهور على أن يكون المراد بعدم تجاوز المشترك عن معنييه الّذي صرّح بأنه المنساق منه قصر المعنى المنساق فيهما مردّدا بينهما في إرادة المتكلّم ممكن و رابعها أن يراد به مجموع المعنيين من حيث المجموع و هذا إنّما يتصوّر إذا كان المعنيان جزءين لمركب حقيقي أو اعتباري فلا يجري في مثل عين و زيد و نظائرهما من المشتركات الّتي لا تركيب بين معانيها رأسا و هذا أيضا لا إشكال في جوازه مع مراعاة المناسبة المصحّحة لاستعمال الجزء في الكلّ خلافا لبعض المحققين من السّادة حيث صرّح بأن سبيله سبيل الأوّل و لا غرو فيه إذا لم يكن المعنيان جزءين لمركب حقيقي أو اعتباريّ كما قلنا البعد استعمال المشترك كذلك في الاستعمالات السّارية كالأوّل و الفرق بينه و بين الأوّل هو الفرق بين الكلّ المجموعي و الأفرادي كذا في القوانين (و فيه نظر) يعرف ممّا تقرر من أنّ هذا النّحو من الاستعمال لا يتصوّر إلا فيما إذا كان المعنيان جزءين لمركب حقيقي أو اعتباريّ و الكلّ المجموعي لا تركيب بين أجزائه لا حقيقة و لا اعتبارا إذ الجمعية فيه ملحوظة بالقياس إلى تعلّق الحكم بالأفراد على خلاف تعلّق الحكم بالأفراد في العام بناء على ما هو الصّواب عندنا في الفرق بين العام المجموعي و الأفرادي من أنّ الأوّل يدلّ على كون العموم موضوعا للحكم و مسندا إليه حتى أن قولك رأيت كلّ العلماء يجري مجرى قولك إنّ المرئي هو الكلّ دون البعض و الثاني على كونه مرآتا لملاحظة حال الأفراد في إثبات الحكم لها و تعلّقه بها (و الحاصل) أنّ العموم المجموعي و الأفرادي ملحوظ في كلّ منهما صفة العموم و إن كان بينهما بعض الفرق بخلاف المشترك المستعمل في المعنيين فإنّ العموم ليس فيه ملحوظا رأسا سواء كان من قبيل الأوّل أو الثّاني فجعل الفرق بين هذا النّحو من الاستعمال و الاستعمال الأول كالفرق بين الكلّ المجموعي و الأفراديّ غير واضح و كيف كان فهذا النّحو من الاستعمال أيضا خارج عن المتنازع فيه فهو خصوص الضّرب الأوّل من الاستعمال كما صرّح به صاحب المعالم و من تأخر عنه من المحققين و ذكر بعض الأجلّة أنّه غير مطّرد و لا منعكس لعدم العبرة بكون كلّ واحد من المعنيين مناطا للحكم بل يكون كلّ واحد مستقلاّ بالإرادة سواء كان مستقلاّ في تعلّق الحكم به أيضا

أم لا فتحرير محلّ النزاع على هذا الوجه مختل طردا و عكسا (قلت) قد عرفت أن استعمال المشترك في المعنيين بمنزلة تكرّر اللّفظ في إرادة المعنيين المختلفين و في صورة التكرير يكون كلّ واحد متعلّقا للنّفي و الإثبات لا محالة و الّذي أوقعه في الغفلة توهّم تعلّق الحكم بالمجموع في بعض الأمثلة كما في قولك ائتني بزيد إذا كان للمطلوب قائما بإتيانهما معا و قولك لزيد هذا الدّرهم إذا كان المستحق له الزيدان معا فليس كلّ واحد متعلّق للنّفي و الإثبات و مناطا لتعلّق الحكم فيلزم حينئذ خروجه عن محلّ الخلاف و هو بديهيّ البطلان و كذا إذا كان الحكم ثابتا لكلّ واحد مستقلاّ مع عدم استقلال كلّ بالإرادة من اللّفظ بأن كان المستعمل فيه هو المجموع من حيث المجموع و فيه المنع الواضح لأنّ الحكم في المثالين أيضا ثابت لكلّ واحد على وجه‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست