responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 159

و غيره من القائلين بوضعها للصّحيحة لأنّهم معترفين بتأثير النّهي الشّرعي و بفساد ما حكم الشّارع بفساده و هذا لا يجامع الجواب المذكور ألا ترى أنّه لو ورد من الشّارع أنّ هذا الماء ليس بماء لم يكن ذلك مانعا من ترتيب آثار الماء عند العالم بأنّه ماء إلاّ أن يرجع ذلك إلى التخصيص بدلالة الإشارة يعني خروج هذا الماء عن حكم الماء و المفروض أنّ الالتزام به خلاف فرض المجيب لأنّ البيع عنده حقيقة في النقل الواقعي و الحكم بالفساد في مثله غير معقول كما لا يخفى (و ملخّص المقال) أنّ لفظ البيع مثلا إن قلنا بأنّه اسم في الشّرع و العرف لمعنى قابل لطريان وصفي الصّحة و الفساد أعني ترتب الأثر و هو الملك و عدمه عليه صحّ الاستدلال بعموماته في المسائل المشتبهة و أمّا لو قلنا بأنّه منقول في الشّرع إلى خصوص الفرد الجامع للشّرائط الواقعية أو قلنا بأنّه اسم عرفا و شرعا لمعنى لا يكون إلاّ صحيحا فالاستدلال به ساقط إلاّ أن يلتزم بما ذكرنا في المقدّمة الثانية من أنّ الشّارع إذا حكم بفساد البيع مثلا دلّ ذلك على خروجه عن أحكام البيع و مرجعه إلى الالتزام بحصول النّقل و الانتقال الواقعيّين مع عدم الالتزام بأحكام الملك تعبّدا من الشّارع و هذا في غاية الميل عن الصّواب بل يمكن دعوى القطع بفساده لأنّ بيع الخمر عندنا لا يفيد ملكا في الواقع و هو معنى فساده و معنى النّواهي المتعلّقة به لا أنّه مفيد للملك لكن الشّارع منع من جميع أنحاء التصرّف في الملك الحاصل بسببه و هذا هو الاحتمال [أول‌] الّذي أبديناه في المقدّمة الثانية لإخراج حقيقة المعاملات عن صلاحية الانقسام إلى الصّحيح و الفاسد فظهر من جميع ما ذكر فساد خيرة غير واحد من المتأخرين من القول بمذهب الصّحيحي في المعاملات نعم لا بعد في الالتزام به بحسب عرف المتشرّعة و لعلّه المراد ممّا نقلناه عن الشّهيدين بقرينة ذكرهما له في باب الأيمان و النذر إذ من البيّن أنّ المجدي في اختصاص متعلّق اليمين و النذر بالصّحيح إنّما هو الوضع له في عرف المتشرّعة دون الشّارع بل قد يقال بأنّه ظاهر كلّ من أطلق و لم يقيد العرف بعرف الشّارع و بعض من لم يتفطّن إلى هذا الاحتمال الجيّد في كلماتهم من الأجلّة اختار هذا القول في عرف الشّارع أيضا فقال الحق أنّ ألفاظ المعاملات أيضا موضوعة بإزاء الصّحيحة و الحجّة عليه تبادر الصّحيحة عرفا و صحّة سلب الاسم عن الفاسدة و إذا ثبت عرفا ثبت لغة و شرعا بضميمة أصالة عدم النّقل (أقول) لا يخفى ما فيه (أمّا أوّلا) فلأنّه إن أراد بالعرف العرف العامّ فإن أراد بتبادر الصّحيحة عرفا تبادر الصّحيح الواقعي أعني النّقل المستتبع للانتقال كما لعلّه الظّاهر من قرب مشربه لمشرب المجيب عن الإشكال المشار إليه ففيه أن التمسّك بأصالة عدم النقل حينئذ ليس في موضعه إلاّ على تقدير احتمال نقل الشّارع لها إلى الأعمّ من النّاقل و غيره و هو احتمال لا يلتفت إليه ذو مسكة و إن أراد تبادر الصّحيح الشّرعي أعني الفرد الجامع للشّرائط الواقعية فهو مكابرة جليّة إذ من الواضح أن تبادر البيع في العرف العام ينقسم إلى الصّحيح الشرعي و غيره و إن أراد بالعرف عرف المتشرعة فسقوط التعلّق بأصالة عدم النقل لإثبات الوضع شرعا أو لغة أوضح هذا ثمّ إنّ هذا القائل ممّن يظهر منه في المسألة السّابقة عدم ثبوت الحقيقة الشرعية في المعاملات حيث اقتصر في ردّ قول الفصل بينها و بين العبادات بإبطال مختاره في العبادات و صريح كلامه هنا ثبوت الحقيقة الشرعية فهذا غفلة أخرى بينة إلاّ أن يرجع إلى مقالة المجيب من دعوى الوضع لغة و شرعا للصّحيح و اللَّه الهادي (ثم اعلم) أنّ أدلّة المعاملات بين طائفتين كأدلّة العبادات (أحدهما) ما ورد في مقام الإمضاء و وجوب ترتيب الأثر على ما هو المتعارف بين الناس قبل الشّرع مثل قوله تعالى‌ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ‌ و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قوله (عليه السلام) النّاس مسلّطون على أموالهم و توهّم تقييدها بالصّحيحة فتكون مجملة توهّم باطل قد ظهر فساده ممّا ذكرنا في الثّمرة (و ثانيهما) ما ورد في جعل بعض الأحكام و بيان جملة من الفوائد المترتبة على المعاملات الواقعة بينهم فيكون مساقها مساق المعهود مثل قوله (عليه السلام) البيّعان بالخيار ما لم يفترقا و من اشترى بيتا فليولم أو عبدا فليغيّر اسمه و نظائرها و الّذي يمكن التّعويل على عمومه أو إطلاقه في مقام الشّكّ إنّما هي الأولى و أمّا الثّانية فهي مجملة ضرورة كون المراد منها هي الأفراد الصّحيحة بقرينة الأحكام المذكورة

الثّالث [الكلام في انقسام الحكم الشرعي إلى الواقعي أو الظاهري‌]

أنّ الحكم الشرعي ينقسم بملاحظة اختلاف أحوال المكلّفين إلى واقعي و ظاهريّ و الأوّل إلى أولي كحكم المختار و ثانويّ كأحكام ذوي الأعذار و منه الحكم المجعول في حال التقية و الثاني ينقسم إلى ظاهري شرعيّ و ظاهريّ عقليّ ثمّ الظّاهري يتصوّر تارة في الشّبهة الحكمية و أخرى في الشّبهة الموضوعية و هذه الأقسام قد يجري في موضوع الحكم الشرعي أيضا فيقال صلاة واقعية و صلاة ظاهرية إلاّ أنّ جريانها في الموضوع ليس على حدّ جريانها في الحكم لوضوح أنّ حقيقة الحكم الشّرعي موجودة في الصّور كلّها عدا الظّاهري العقلي بخلاف حقيقة الموضوع فإنّه في الصّور الظّاهرية يدور مدار الواقع فالصّلاة الظّاهريّة ليس إلاّ كالماء الظّاهري و القبلة الظّاهرية و هذا ممّا لا ينبغي أن يخفى على أحد و من العجائب ما تخيله بعض المحققين في المقام حيث ذهب إلى صدق الموضوع حقيقة في الظّاهري الشرعي أيضا إذا كانت الشبهة حكمية و أن الصّلاة مع الظنّ الاجتهاديّ بصحّتها مندرجة تحت المسمّى على القول بالصّحيحي ضرورة كونها صلاة صحيحة متّصفة بالصّحة في حق الظانّ و لو كانت الصحّة ظاهريّة و أمّا إذا كانت الشّبهة موضوعيّة ففصّل بين ما يدور مدار الطّرق الشرعيّة كالقبلة على بعض الوجوه فكذلك‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 159
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست