responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 124

بعلاقة الآخر تبعا لظاهر كلام غير واحد من أنّ قرينة المجاز لا بدّ أن يكون سببا لانتقال الذّهن من اللّفظ إلى معنى بعد الانتقال إلى معنى آخر يحصل بالانتقالين أثره المقصود من وجوه البلاغة و المبالغة و أنت خبير بأنّ هذا المعنى غير موجود في القرينة العامة المنصوبة قبل الاستعمال فلا تكون على حدّ قرائن المجاز فليس هي إلاّ إعلاما من المتكلّم لما يبني عليه من الالتزام بتعبير المعاني الجديدة بالألفاظ المعهودة و هل هذا إلاّ وضع هذه الألفاظ لتلك المعاني وضعا تعيينيّا إذ المراد بالوضع التعييني ليس هو إنشاء التعيين لفظا بل المراد به هو البناء على أن يكون الكاشف عن ذلك المعنى المعيّن في اصطلاحه ذلك اللّفظ المخصوص (و العجب) أنّه لم يلتفت إلى أنّ ما أجاب به التزام بمقالة المستدلّ من حيث لا يشعر لأنّا نعلم أنّ القوم لو تسالموا على هذا الّذي أبداه لارتفع النزاع بينهم رأسا و اللَّه أعلم‌

و الثّالث ‌

من طرق الإثبات الاستقراء و يقرّر على وجوه (أحدها) ما هو المراد بما ذكره في القوانين و هو أن يقال إنّما تفحّصنا و استقرأنا في حال لفظ الصّلاة مثلا فوجدناها في الكتاب و السّنة مستعملة في المعنى الشّرعي بحيث يحصل منه الظّن أو العلم بإرادة ذلك المعنى في الاستعمالات المجرّدة عن القرينة و قد تقدّم في البحث عن طرق الوضع و أنّ من أعظمها تتبع موارد استعمالات اللّفظ في كلمات أهل اللّسان فإنّ جاز التّعويل في إثبات الوضع على شي‌ء من الاستقراء فهذا الاستقراء من أظهر أفراده فيعلم به أنّ الصّلاة قد تعيّنت له في لسان الشّارع و صارت حقيقة فيه و هذا يرجع إلى الدّليل الأوّل فيدور ثبوت الحقيقة الشّرعية على هذا الوجه مدار الاستقراء كما صرّح به المحقق القمّي (رحمه الله) فكلّ لفظ كثر استعماله في المعنى الجديد في الكتاب و السّنة فهو ممّا ثبت فيه الحقيقة و لا يذهب عليك أن هذا الدّليل ينطبق على تمام المقصود بناء على ما حرّرناه من محلّ النزاع و أنه ليس كلّ ما يدور في ألسنة المتشرعة من الحقائق المتشرعة و بذلك يظهر أنّ ما تخيله بعض المحققين من افتقار هذا الاستقراء إلى ضميمة الإجماع المركب ليس على ما ينبغي لنهوضه بإثبات المراد من غير ضميمة كما عرفت أوّلا و عدم ثبوت الإجماع المركب ثانيا و عدم مسرح للتمسّك بالإجماع في المقام و نظائره ثالثا (الثّاني) من وجوه الاستقراء التتبع و السّير في أحوال أرباب السّنن البديعة و مقنني القوانين الجديدة و مخترعي الحرف و الصنائع العجيبة و كذا أرباب العلوم المدوّنة كالنّحو و الصّرف فإنّ المتتبع في طريقتهم على كثرتها يجد أن لهم اصطلاحات خاصّة فيما يحتاجون إلى بيانها و يتداول بينهم ذكرها خصوصا فيما ليس له لفظ مخصوص في اللّغة فيحكم بذلك أنّ طريقة الشّارع أيضا لا بدّ أن يكون كذلك لأنّ اهتمامه ببيان مخترعاته و تبليغ أحكامها أشدّ و آكد من اهتمامهم بوظائفهم و إنما لم نقل أنّ المتتبع يجدهم واضعين ألفاظا بإزاء ما يحتاجون إليه كما قيل لأنّ الموجود من طريقتهم ثبوت الاصطلاح مطلقا و أمّا أنّه بالوضع فليس إلى العلم به سبيل في شي‌ء منهما و قد يناقش في هذا بأنّ المعلوم إنما هو ثبوت الاصطلاح لكلّ طائفة منهم فيما يحتاجون و أمّا كونه من مخترع الطّريقة فغير معلوم في شي‌ء منها لاحتمال استقرار الاصطلاح بعد انقضائه في لسان المنتحلين بنحلته لكن الإنصاف أنّها لا تمنع عن حصول الظّن بتحقق الاصطلاحات كلاّ أو جلاّ في عصره و إنّما تمنع عن العلم (الثّالث) من وجوهها ما أبداه بعض المحققين من أن المستفاد من تتبع الألفاظ نقل الشّارع لجملة منها إلى المعاني الجديدة فيستفاد منه أن بناءه كان على النقل في جميع المعاني الجديدة ضرورة مساواة الكلّ في وجه النقل و الدّاعي إليه فكلّ ما دعاه إلى نقل الصّلاة مثلا إلى العبادة المعهودة فهو بعينه موجود في الباقي و الفرق بينه و بين الوجه الثاني واضح و أما الفرق بينه و بين الأوّل فيظهر في الافتقار إلى ضميمة الإجماع المركب و عدمه حيث إنّ الأوّل غير واف بتمام المدعى و هو الثبوت في سائر الألفاظ و عامّتها إلاّ بتلك الضّميمة و الثاني واف به من غير ضميمة و أنت خبير بما في هذا الوجه من الترجّم على الغيب لأنّ الدّاعي إلى النقل في بعض لا يستلزم بنفسه وجوده في بعض آخر فيبقى دعوى وجود الدّاعي إليه في جميع المعاني حتّى ما لا يشتد الحاجة إليه تحكّما بيّنا

الرّابع‌

من طرق الإثبات و هو المعتمد عندي و أقواها أقومها أنّ استعمال الشارع هذه الألفاظ في معانيها الجديدة أمر مفروغ عنه بعد ما عرفت في بعض مقدّمات المسألة أنّ القول ببقائها على معانيها اللّغوية و كون الزّيادات شروطا متفق على بطلانه و إن كان بعض كلمات القاضي مشعرا به بل صريح الوجدان و التتبع قاض بفساده فيدور الأمر بين أن يكون الاستعمال فيها مبنيا على ملاحظة اللّفظ و المعنى خاصّة أو مبنيا على ملاحظتهما و ملاحظة العلاقة بينها و بين المعاني اللّغويّة و مثل المشابهة و الكلّية و الجزئية و علاقة الحلول و أضرابها ممّا ذكروه لتصحيح تجوز الاستعمال في تلك المعاني و بداهة الحدس بل الوجدان قاضية بعدم تعلّق غرض الشّارع عند التعبير عن تلك المعاني بأمر زائد على غرض إفادة المراد مثل أن يكون الغرض زيادة على الإفادة التوصّل إلى بعض مزايا المجاز من البلاغة و المبالغة و نحوهما من وجوه التلطيف في العبادة الّتي لا بدّ للمتجوّز العادل عن الطّريق الأوّلي الأصلي إلى الطّريق الثانوي الفرعي من مراعاتها و هذه الدّعوى لو منعها الخصم مكابرة و اعتسافا على كلّيتها و احتمل أن يكون بداية الاستعمالات مقصودا بها الأمران الإفادة و التّلطيف فالملتمس منه عدم مصادمة البديهي في إنكارها رأسا و تسليم كون بعضها و لو في الجملة مقصودا به الإفادة خاصّة و هو كاف في المقصود لأنّ ذلك الاستعمال الجزئي الحقيقي إذا لم‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست