responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 123

سمع مولاه يستعمل لفظا بلا قرينة و يريد منه خلاف معناه اللّغوي الأصلي ثمّ ينبّه على ذلك بحال أو مقال وقت الحاجة مرارا كثيرة لا ينتقل ذهنه بعد تحقق الكثرة المعتدّ بها إلى ذلك المعنى المجازي و لكن عرفت أنّ هذه الدّعوى ممّا لا يترتب عليها شي‌ء إلا بعد تشخيص أنّ هذه الحقيقة المتشرّعة ممّا استعملها الشّارع في معناها الشّرعي كثيرا بلا قرينة و إثبات ذلك موكول إلى ملاحظة موارد استعمال اللّفظ المشكوك فيه في الكتاب و السّنة و لا يلتمس من الأصولي إتقان هذه المسألة بل لو التمس من المحدث أو الفقيه أو المفسّر كان أوقع و من أجل اختلاف نظر المتأخرين في تشخيص تلك الصّغرى وقع فيهم ما وقع من الاختلافات كما نبّهنا عليه آنفا فإنكار الحقيقة الشرعية في لفظ إمّا لأجل إنكار أصل الاستعمال أو الاستعمال المعتدّ به كما في كثير من المعاملات و ألفاظ الأحكام مثل الكراهة و الاستصحاب أو لأجل تجرّدها عن القرينة و احتمال احتفافها في تلك الاستعمالات الكثيرة بالقرائن المتّصلة و الخطب في الثالث أشكل منه في الأوّلين إذ المراجعة إلى الكتاب و السّنة في استكشاف حال اللّفظ المختلف فيه ربما يفيد العلم بأصل الاستعمال و كثرته في المعاني الجديدة كما في ألفاظ العبادات خصوصا الصّلاة و الصّوم و لو بمعونة أمر خارجي يكون قرينة على المراد كالإجماع و نحوه و لكن إحراز تجرّد الاستعمالات حال وقوعها عن قرائن المراد ليس إليه سبيل و من هنا رجّح في المعالم مذهب النّافين و تلقاه السّلطان (قدّس سرّه) بالقبول و يرد عليه بعد النقض بالأمر الّذي اعترف بكونه من المجازات الرّاجحة في النّدب المساوي احتماله لاحتمال الوجوب في كلام الأئمة مع أن شرط النقل و شرط المجاز المشهور واحد كما لا يخفى أوّلا أنّ كثرة الاستعمال ربما تبلغ درجة توجب اختصاص اللّفظ بالمعنى و لو كانت مع القرائن المتصلة كما نقلناه عن بعض المحققين في مبحث الوضع و إن كان على خلاف التحقيق و ثانيا أنّه يمكن التعويل في إثبات شرط التجرّد عن القرائن على الأصل أعني أصالة عدم مقارنة القرينة للألفاظ حال وجودها و لا يعارضها أصالة عدم الوضع لإمكان الجمع بينهما بعد عدم العلم بأحدهما إجمالا لأن المعلوم بالإجمال إنّما هو وجود ما يوجب فهم المراد و هو أعمّ من الوضع و القرائن المتّصلة لإمكان كونه قرينة بعد انقضاء زمان الخطاب أو شي‌ء من قرائن الأحوال نعم قد يناقش في الاعتماد على الأصل المزبور بعدم معلوميّة بناء العقلاء على متابعة الأصل في اللوازم البعيدة و لأجل ذلك يضعف التعويل في إثبات المراد على هذا الطّريق (و قد يجاب عنه) بوجه آخر و هو أنّ الغلبة في لسان الشارع مسبوق بالغلبة في لسان الآخرين قضاء بحكم العادة نظرا إلى كثرتهم و توفر دواعيهم على الاستعمال فيكون صيرورتها حقيقة عندهم متقدّمة على صيرورتها عند الشّارع و بعد صيرورتها حقيقة عندهم يتبعهم لسان الشّارع لأنّ لسان الواحد من القوم تابع للسان الآخرين فلا يتحقق إذن إلاّ الحقيقة المتشرّعة و أنت خبير بأنّ أثر هذا الجواب هيّن لأنّ الالتزام به لا يقدح فيما هو غرض المثبتين من حمل الألفاظ الغير المعلومة المراد على المعاني الشّرعيّة بل يحقّقه و لم يعلم من حالهم أيضا دعواهم استقلال استعمال الشّارع في إفادة الوضع و المؤاخذة عليهم بظاهر حدودهم لها مع وضوح المراد بالنّظر إلى الثمرة ليست من دأب المحصّلين الذين منهم المجيب في زعمه‌

الثّاني‌

من طرق الإثبات هو قضاء الحكمة بوضع الشّارع لفظا لما اخترعه من المعاني الّتي ليس بإزائها لفظ في عرف العرب و لو بحكم أصالة العدم نظرا إلى اشتداد حاجته و حاجة متابعيه إلى التعبير عنها في مقام تعليم أحكامها و تعلّمها و هذه هي الحكمة الدّاعية إلى اختيار وضع الألفاظ للمعاني على سائر طرق الإفهام كالكتب و الإشارة و هل يظنّ أن مثل الصّلاة و الصّوم و نحوهما من الماهيات الجديدة الّتي أرسلت لها الرّسل و أنزلت بها الكتب و قامت الحرب على مساق تهمل و لا يبنى على التعبير عنها بلفظ معيّن يعول عليه في مقام تشريع أحكامها و يستغنى به عن تكلّف تكرير القرينة ثمّ بعد ثبوت الوضع فليس الموضوع سوى الألفاظ الموجودة في الكتاب و السّنة و ذلك ظاهر بالاتفاق و غيره (و أجيب عنه) بأنّ مرجع هذا الدّليل إلى الاستحسان و لا تعويل عليه سيّما في إثبات الوضع مع أنّها لا تقتضي خصوص الوضع بل ما يوجب الغنى عن تكرير القرينة و لو بنصب قرينة عامة كقوله كلّما أطلق هذه الألفاظ فالمراد معانيها الشرعيّة مجازا أو يفهم ذلك بقرائن الأحوال (أقول) الاستدلال بهذا الوجه جرى على مذاق القوم حيث أنّ المعاني الّتي تشتد الحاجة إلى التعبير عنها يجب في الحكمة وضع لفظ بإزائها عندهم و استدلّ عليه العلامة و غيره بأن المقتضي موجود و المانع مفقود أو غير معلوم و قد تقدّم ما عندنا في معنى الوجوب في المقام و أنّ المراد به هو الوجوب العقلي الراجع إلى التّحسين العقلي أو اللّزوم في مقابل الامتناع كما تقدّم المناقشة فيه بكلا المعنيين لكنهم إنّما تعلّقوا في إثبات وضع الألفاظ بعد إبطال مقالة ابن عباد بهذا الدّليل العقلي و أمّا إيراده عليه بأنّه يرجع إلى الاستحسان فهو على أصله من جواز التعويل في اللّغات على الظنون فاسد و منه يظهر أن كلمة سيّما في كلامه ليس في محلّها لأنّ هذا الأصل عنده مخصوص بالألفاظ إلاّ أن يدعي عدم حصول الظنّ من ملاحظة تلك الحكمة و هو كما ترى و أمّا دعوى عدم اقتضائه خصوص الوضع لإمكان الاستغناء عن تكرير القرينة بنصبها عاما فيظهر ما فيه ممّا قدّمنا في تعريف الحقيقة و المجاز موردا عليه حيث زعم جواز التجوّز بالمشترك في أحد معنييه‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 123
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست