responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 118

الأوّل [الكلام في تحديد الحقيقة الشرعية]

أن المراد بالحقيقة الشرعيّة المتنازع فيها على ما ذكره الفاضل الباغنوي هو اللّفظ المستعمل في وضع أول شرعي و هذا التحديد عندي غير سديد من وجوه (أحدها) أنّه إعادة تعريف مطلق الحقيقة و زيادة هي بمنزلة الفصل مساوقة للمحدود في الوضوح و الخفاء و هذا خروج عن وظائف التحديد (أمّا أوّلا) فلأنّ تحديد النّوع إنّما هو بعد الفراغ عن معرفة الجنس فلا يناسب اشتمال حدّه لحدّ الجنس بل ينبغي اشتماله على نفس الجنس (و أمّا ثانيا) فلأنّ تلك الزّيادة وقعت فصلا في ذلك التعريف مع أن مدلولها العرفي لا يزيد على مدلول المحدود و هي الشرعية فأشبه أن يكون تحديدا دوريّا و (الثاني) أنه مشتمل على مجاز بلا قرينة و هو لفظ الشرع إذ المراد به هو الشّارع لعدم مساعدة الاصطلاح على تسمية الوضع المنسوب إلى الشّرع كالحقيقة المتشرعة حقيقة شرعية (و الثالث) أنّ استعمال الكلمة في الوضع لا محصّل له إلا بعد تأويلات ركيكة مثل حمل كلمة في على السّببيّة و التزام إضمار المستعمل فيه و غيرهما ممّا ذكره في تعريف الحقيقة المطلقة باللّفظ المستعمل في الوضع الأوّل (و الرابع) أنّ اللّفظ المستعمل في المعنى الشّرعي بعد حصول النقل بغلبة الاستعمال لا يندرج تحته لأنّ إطلاق الوضع على التّعيّن الحاصل من الاستعمالات مجاز لا جامع بينه و بين الوضع بمعنى التخصيص و التعيين كما مرّ في تعريف الوضع فيلزم استعمال اللّفظ في المعنيين بلا قرينة فافهم و قد أورد عليه أيضا بخروج المنقولات الشرعية مطلقا تعيينية كانت أو تعيّنيّة بوجه آخر و هو أنّ الملحوظ في المنقول هو الوضع الأوّل المنقول منه الّذي ليس بشرعي و هو ضعيف لأنّ المراد بالوضع الأول الوضع المختصّ بالحقائق احترازا عن الوضع المجازي لا الوضع الأولي الابتدائي و الإيراد مبني على حمل الوضع على المعنى الثّاني فافهم و عرّفها في محكي النّهاية بأنّها اللّفظة المستعمل شرعا فيما وضعت له في ذلك الاصطلاح وضعا أو لا و هو أيضا معيب من وجهين (الأوّل) أنّ قوله شرعا قيد للاستعمال ظاهرا مع أنّ كون الاستعمال من الشّارع غير معتبر في الحقيقة الشرعيّة لوضوح أنّ المعتبر فيها كون الوضع من الشّارع لا الاستعمال فلو كان الواضع الشّارع و المستعمل بعض المتشرّعة كفي في كونه حقيقة شرعيّة و لو أريد من الشّرع ما يعمّ المتشرعة فمع عدم صحّته في نفسه لعدم العبرة باستعمال المتشرّعة أيضا حتّى لو استعمله الدّهري تبعا لهم كان حقيقة شرعية انتقض بالحقيقة المتشرّعة لأنّ ذلك الاصطلاح في كلامه إشارة إلى اصطلاح أهل الشّرع المذكور سابقا و بعد عموم الشّرع المشار إليه للمتشرعة يندرج اللّفظ المستعمل في ما وضعت له في اصطلاح المتشرّعة في التعريف لأنّه يطلق عليهم أهل الشّرع (و ثانيا) أن القيد الأخير أعني قيد أولا مستدرك هنا و إن كان مفيدا في تعريف مطلق الحقيقة على ما ذكره فيه الجماعة لأنّ الوضع الشرعي لا ينقسم إلى أولي أي حقيقي و ثانوي أي مجازي حتّى يتوصّل في إخراج الثاني بقيد أولا فلا فائدة فيه سوى الزّيادة بل المنقسم إليهم الأوضاع اللّغويّة و ذلك لأنّ اللّفظ المستعمل في ما يناسب الموضوع له مجاز لغويّ سواء كان اللّفظ و المعنى كلاهما مستحدثين أو معروفين في اللّغة و العرف أو مختلفين فاستعمال لفظ الصّلاة في خلاف ما وضع له شرعا ليست مستعملة في الموضوع له الشرعي الثّانوي حتّى يجب الاحتراز عنه في الحدّ (و منه) يظهر أن جعل استعمال الشّارع لفظ الصّلاة في الدّعاء على القول بالحقيقة الشّرعية مجازا شرعيّا كما في كلام غير واحد ليس على ما ينبغي (و الحاصل) أنّ المجاز اللّغوي عبارة عن كلّ لفظ مستعمل في خلاف الموضوع له العلاقة سواء كان ذلك الموضوع له معناه لغة أو عرفا عامّا أو خاصّا و سواء كان اللّفظ ممّا يعرفه أهل اللّغة أيضا أم لا فيصدق على كلّ لفظ مستعمل في غير معناه لعلاقة فكلّ مجاز مجاز لغوي لا شرعي فافهم و في التّهذيب نعني بالحقيقة الشرعية اللّفظ الّذي نقله الشّارع من موضوعه اللّغويّ إلى معنى آخر بحيث إذا أطلق فهم من يتكلّم على اصطلاحه المعنى المنقول إليه و فيه بعد الإغماض عمّا فيه من التطويل الغير اللائق بالحدود أنّ النقل ليس من الأمور المعتبرة في الحقيقة الشّرعية و توجيهه العمدي (قدّس سرّه) له بأنّ الواقع من الحقيقة الشّرعية لما كان منحصرا في المنقول اختص التعريف به لا يندفع به ما قلنا لأنّ ذكر شي‌ء غير معتبر في الحدود في التعريف لا جدوى له و لو كان من مقارنات وجود المحدود فافهم مع أنّ ظاهر النقل الوضع و التعيين و في اعتباره إشكال أو منع و ثانيا أنّ الحقيقة لا تستتم إلا بالاستعمال و

ليس في الحدّ إشارة إليه و الأحسن تعريفها باللّفظ المستعمل في المعنى الكلّ الّذي تعيّن له في لسان الشّارع أو في زمانه و تقييد المعنى بالكلّي لإخراج الأعلام الّتي وضعها النبي (صلى اللَّه عليه و آله) كالحسن و الحسين (عليهما السلام) و قد يستغنى عن التقييد بالكلّي باعتبار حيثية التشريع في الوضع و فيه تعسّف لأنّ الحيثيّة التقييديّة هنا لا معنى لها و التّعليليّة ممّا لا يساعد عليها ظاهر الحدّ مضافا إلى انتقاض الحدّ حينئذ بلفظ أمير المؤمنين (عليه السلام) الّذي وضعه النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) لعلي (عليه السلام) لأنّ هذا الوضع وضع صادر من جهة تشريع الأحكام و تبليغها كوضع لفظ الصّلاة لمعناها فتدبّر و بالجملة لم أجد حداّ للحقيقة الشرعية جامعا مانعا سالما عمّا يجب محافظة الحدود عنها غير ما ذكرنا و المراد بالشّارع هو النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) و احتمال كون المراد به هو اللّه تعالى أو ما يعمّهما مبني على تجويز المثبتين ثبوت الوضع من اللّه تعالى و هو غير بعيد خصوصا على القول بأن المتنازع فيه هو الوضع التعييني أو الأعمّ لأنّ الألفاظ المتنازع فيها الموجودة في القرآن مستعملة في المعاني الجديدة فعلى القول بالوضع يكون الواضع هو اللَّه تعالى و ربما يقال إنّه يتعيّن تفسيره به تعالى لأنّ إطلاقه على النّبي (صلى اللَّه عليه و آله) مجاز يجب صون الحدّ عنه و فيه منع المجازية لأنّ الشارع هو صاحب الشّرع‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست