و إن بنيتم في الاكتفاء على الاعتماد على تصديق مجتهد و تجويزه فهو تركّب الاجتهاد و التقليد، مع أنّا ننقل الكلام إلى المجتهد المجوّز.
و الجواب أوّلا: بالنّقض: بأنّكم إن جوّزتم أنّ كلّ إنسان- سواء كان ذكرا أو أنثى، سفيها أو عاميّا أو أعجميّا قحّا، إذا فهم من الأحاديث شيئا بأيّ نحو فهم من غير جهة قاعدة و ضابطة بل بخلاف القاعدة، و إن فهم ضدّ المطلوب أو نقيضه، بل ربّما لم يكن رابطة لفهمه، بل رجما بالغيب- يكون فهمه حجّة يجب عليه العمل به، و لا يمكنه تقليد غيره- و لو في حكمه. بأنّ فهمه غلط فاسد جزما- فوا فضيحتاه، و لستم حينئذ أهلا للمكالمة و مستأهلين [1] للجواب.
و إن قلت: إنّه لا بدّ للفهم من اطّلاع على أمر و تتبّع و معرفة، ننقل الكلام إليه و نورده عليك حرفا بحرف، إلاّ أن تجوّز التركّب، و هو في الحقيقة تقليد لا اجتهاد، و الكلام فيه. مع أنّه لا يصدّقه مجتهد، و لا يجوّزه فقيه، لأنّ الشيعة بأجمعهم، بل أهل السّنة أيضا لا يجوّزونه، و بيّنّا بطلانه في رسالتنا في الاجتهاد. هذا مع أنّكم لا تجوّزون تقليد غير المعصوم (عليه السلام)، و التركّب ليس تقليد المعصوم (عليه السلام)، كما هو ظاهر.
هذا مع أنّ الّذي أورد الشبهة يعتبر في الفقاهة و فهم الحديث معرفة العلوم العربيّة و اللغويّة و التتبّع التامّ في الأحاديث و أمثال ذلك، فالنّقض عليه في غاية الشدّة.
و أيضا جميع العلوم و الحرف و الصّنائع- التي [هي] واجبة كفاية أو
[1] م: و لستم حينئذ أهلا للمكالمة و متأهّلا للجواب. ف: و ليس حينئذ أهلا للمكالمة و مستأهلا للجواب. و ما أثبتناه في المتن هو الصحيح.