في ارتكابه قبح أصلا، و أنّ الأصل براءة ذمّتنا حتّى يثبت التكليف و القبح.
و أمّا فعل الجمعة في مقام تحصيل البراءة اليقينية فقد عرفت أنّه مقتضى البراهين و متّفق عليه. غاية ما في الباب أن يكون المجتهد المرجّح لإحداهما يجوز له التعويل على ترجيحه، من باب أنّ الضّرورات تبيح المحظورات، لما عرفت من أنّ التعويل على الظنّ محظور، سيّما في مقام تحصيل البراءة اليقينيّة المأمور به و لأجله، و هذا لا يمنع حسن الاحتياط، و فرق واضح بين الشيء الّذي لم يثبت حرمته و الشيء الحرام الّذي أبيح لنا من جهة أنّ عدم إباحته يوجب الحرج علينا، فإنّا لو تركناه، و ضيّقنا على أنفسنا فلا شكّ في حسنه، كما إذا اشتغلنا في جميع أوقاتنا بالصّلاة النّافلة أو غيرها من العبادات، إذ لا شكّ في حسنه مع أنّه حرج، على أنّ الجمع بينهما ليس بحرج جزما، و إنّما الحرج لو حصلنا اليقين بعنوان الوجوب في جميع ما يمكننا تحصيل اليقين فيه كما عرفت، و أين هذا من ذاك؟
هذا كلّه مع قطع النّظر عمّا ذكرنا في الفوائد من أنّ الصلاة الفريضة إذا احتملت الوجوب و الحرمة يقدّم جانب الوجوب فيها عند علمائنا، لأنّه ليس شيء بعد معرفة اللّه تعالى و الرسول (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) و الإمام (عليه السلام) أوجب من الصّلاة [1].