اسم الکتاب : العدة في أصول الفقه المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 730
الاستدلال و الاجتهاد، و أنّه يجوز له أن يقبل قول المفتي. فامّا في أصوله و في العقليّات فحكمه حكم العالم في وجوب معرفة ذلك عليه، و لا خلاف بين النّاس أنّه يلزم العامي معرفة الصّلاة أعدادها، و إذا صحّ ذلك و كان علمه بذلك لا يتمّ إلاّ بعد معرفة اللَّه تعالى، و معرفة عدله، و معرفة النّبوّة، وجب أن لا يصحّ له أن يقلّد في ذلك، و يجب أن يحكم بخلاف قول من قال يجوز تقليده في التوحيد مع إيجابه منه العلم بالصّلوات. و الّذي نذهب إليه: أنّه يجوز للعاميّ الّذي لا يقدر على البحث و التّفتيش تقليد العالم. يدلّ على ذلك: أنّي وجدت عامّة الطّائفة من عهد أمير المؤمنين عليه السّلام إلى زماننا هذا يرجعون إلى علمائها، و يستفتونهم في الأحكام و العبادات، و يفتونهم العلماء فيها، و يسوّغون لهم العمل بما يفتونهم به، و ما سمعنا أحدا منهم قال لمستفت لا يجوز لك الاستفتاء و لا العمل به، بل ينبغي أن تنظر كما نظرت و تعلم كما علمت، و لا أنكر عليه العمل بما يفتونهم، و قد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمة عليهم السّلام، و لم يحك عن واحد من الأئمة النّكير على أحد من هؤلاء و لا إيجاب القول بخلافه، بل كانوا يصوّبونهم في ذلك، فمن خالفه في ذلك كان مخالفا لما هو المعلوم خلافه. فان قيل: كما وجدناهم يرجعون إلى العلماء فيما طريقه الأحكام الشّرعيّة، وجدناهم أيضا كانوا يرجعون إليهم في أصول الدّيانات، و لم نعرف أحدا من الأئمّة عليهم السّلام و العلماء أنكر عليهم، و لم يدلّ ذلك على أنّه يسوغ تقليد العالم في الأصول. قيل له: لو سلّمنا أنّه لم ينكر أحد منهم ذلك لم يطعن ذلك في هذا الاستدلال، لأنّ على بطلان التّقليد في الأصول أدلّة عقليّة و شرعيّة من كتاب و سنّة و غير ذلك،
اسم الکتاب : العدة في أصول الفقه المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 2 صفحة : 730