يتصف بالحسن، و يستحق الموجد له في النّفس العقوبة فيما نحن فيه، كما يستحق المثوبة في الانقياد. و الحاصل ان نفس العزم على المعصية قبيح، و ان لم تترتب عليه المعصية. نعم لو انجر إلى المعصية يكون أشد قبحا.
(فان قلت) كيف يمكن ان تكون الإرادة اختيارية، و المعتبر في اختيارية الشيء ان يكون مسبوقا بها، فلو التزمنا في الإرادة كونها اختيارية لزم التسلسل.
(قلت) انما يلزم التسلسل لو قلنا بانحصار سبب الإرادة في الإرادة، و لا نقول به، بل ندعي أنها قد توجد بالجهة الموجودة في المتعلق أعني المراد، و قد توجد بالجهة الموجودة في نفسها، فيكفى في تحققها أحد الأمرين. و ما كان من قبيل الأول لا يحتاج إلى إرادة أخرى، و ما كان من قبيل الثاني حاله حال ساير الأفعال التي يقصدها الفاعل، بملاحظة الجهة الموجودة فيها. و لازم ما ذكرنا أنه قد يقع التزاحم بين الجهة الموجودة في المتعلق و الجهة الموجودة في الإرادة، فحينئذ ترجيح إحدى الجهتين يستند إلى إرادة أخرى، فلو فرضنا كون الفعل مشتملا على نفع ملائم لطبع الفاعل، و كون إرادته مشتملة على ضرر يخالف طبعه، فترجيح إرادة الفعل إنما هو بعد ملاحظة مجموع الجهتين، و الإقدام على الضرر المترتب على تلك الإرادة، و لا نعنى بالفعل الاختياري إلا هذا.
و أما على زعم من تكون الإرادة عنده عبارة عن الشوق المؤكّد ليس إلّا، فبعض الأوقات و ان كان اختياريتها باختيارية بعض مباديها، كتصور المراد أو الجزم إليه أحيانا، لكن في الغالب لم تكن مسببة عن تلك المبادي. و لا محالة تكون قهرية.
و لذا ألجئ في الكفاية إلى الالتزام بكون العقاب و الثواب من تبعات القرب و البعد، و التزم في التجري أيضا بالعقاب بذلك التقريب.