اسم الکتاب : الموجز في أُصول الفقه المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 202
الفصل السادس
التمسّك بالعام قبل الفحص عن المخصص
إنّ ديدَن العقلاء في المحاورات العرفية هو الإتيان بكلّ ما له دخل في كلامهم و مقاصدهم دون فرق بين القضايا الجزئية أو الكلية، و لذا يتمسّك بظواهر كلامهم من دون أيِّ تربص.
وأمّا الخطابات القانونية التي ترجع إلى جَعْل القوانين و سَنِّ السُنن سواء كانت دولية أو إقليمية، فقد جرت سيرة العقلاء على خلاف ذلك، فتراهم يذكرون العام و المطلق في باب، و المخصص و المقيد في باب آخر، كما أنّهم يذكرون العموم والمطلق في زمان، و بعد فترة يذكرون المخصِّص و المقيِّد في زمان آخر، لدواع و أغراض غير خفية كقلّة إحاطتهم بملاكات الأحكام و مصالح العباد فربما يتراءى في أنظارهم أنّ المصلحة في جعل الحكم على وجه العام لكن يُثبت مرور الزمان خلاف ذلك و أنّ الملاك قائم ببعض الأفراد. فيُخصّ العام، و يقيد المطلق بملحق.
وقد سلك التشريع الإسلامي هذا النحو لا لأجل عدم الإحاطة بالملاكات الواقعية، بل لأجل وجود المصلحة في بيان الأحكام تدريجاً، و إليه يشير قوله سبحانه: