سوف يقع الحديث
عنه لدى التعرض لثمرة البحث عن وجوب المقدمة بصيغة المتعددة. فموضوع البحث في هذا
القول المنسوب إلى الشيخ ( قده ) ، هو الاحتمال الأول. وقد يعترض على هذا القول :
بأنه لا وجه لأخذ قيد قصد التوصل في الواجب الغيري ، إذ لو كان ملاك الوجوب الغيري
هو التوقف ، فهو يقتضي الوجوب لمطلق المقدمة وان كان الملاك هو التوصل وحصول
الواجب النفسيّ بها ، فهو يقتضي وجوب المقدمة الموصلة ، فاعتبار قصد التوصل بلا
مأخذ.
وقد حاول المحقق
الأصفهاني ( قده ) ، تخريج هذا القول على أساس ان الحيثيات التعليلية في الأحكام
العقلية دائما تكون تقييدية. فيكون الموصول من المقدمة هو الواجب بحكم العقل
بالملازمة ، وبما ان الوجوب يتعلق ككل تكليف بالحصة الاختيارية ، أي الصادرة عن
قصد واختيار ، فلا تقع المقدمة مصداقا للواجب الغيري الا إذا جيء بها بقصد التوصل [١].
وقد وافق سيدنا
الأستاذ على كبرى رجوع الحيثيات التعليلية إلى تقييدية في أحكام العقل مطلقا ،
ولكنه ناقش في كلام هذا المحقق بان الوجوب المبحوث عنه في المقدمة هو الوجوب
الشرعي لا العقلي ، وانما العقل مجرد كاشف عنه [٢].
مع ان هذا تهافت ،
فانه إذا وافقنا على ان الحيثيات التعليلية في الأحكام العقلية مطلقا العملية
والنظرية ، تكون تقييدية ، فلا وجه لخروج المقام عن تلك القاعدة ، إذ ليس دور العقل
في الأحكام خصوصا النظرية سوى الكشف والإحراز ، فالتسليم بتلك المقدمة مناقض مع
الاعتراض عليه ، وانما الصحيح في الجواب ان يقال :
أولا ـ ان هذه
القاعدة كلام موروث يقصد منه الأحكام العقلية العملية ، لا النظرية ، فعند ما يقال
( الضرب للتأديب حسن ) ، يكون التأديب هو الحسن لا ان التأديب يجعل الضرب بعنوانه
حسنا ، وذلك لأن هذه الأحكام العملية أمور نفس أمرية يدركها العقل لموضوعاتها
بالذات ، وهذا بخلاف المجعولات الشرعية ، فانها ربما تؤخذ في لسان جعلها حيثيات هي
وسائط لثبوت الحكم على موضوع ، وكذلك