الثاني: أنه إذا وجب الإنذار ثبت وجوب القبول، وإلا لغى الإنذار. ونظير ذلك: ما تمسك به في المسالك على وجوب قبول قول المرأة وتصديقها في العدة، من قوله تعالى: * (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) * [1]، فاستدل بتحريم الكتمان ووجوب الإظهار عليهن، على قبول قولهن بالنسبة إلى ما في الأرحام [2]. فإن قلت: المراد بالنفر النفر إلى الجهاد، كما يظهر من صدر الآية وهو قوله تعالى: * (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) *، ومن المعلوم أن النفر إلى الجهاد ليس للتفقه والإنذار. نعم ربما يترتبان عليه، بناء على ما قيل [3]: من أن المراد حصول البصيرة في الدين من مشاهدة آيات الله وظهور أوليائه على أعدائه وسائر ما يتفق في حرب المسلمين مع الكفار من آيات عظمة الله وحكمته، فيخبروا بذلك عند رجوعهم [4] الفرقة المتخلفة الباقية في المدينة، فالتفقه والإنذار من قبيل الفائدة، لا الغاية حتى تجب بوجوب ذيها. قلت:
[1] البقرة: 228. [2] المسالك 9: 194. [3] قاله الحسن وأبو مسلم، انظر تفسير التبيان 5: 321، ومجمع البيان 3: 83 - 84. [4] في (ر)، (ص) و (ه) زيادة: " إلى "، وشطب عليه في (ت).