أصل الاجماع يطلق لغة [1] على معنيين: أحدهما: العزم، وبه فسر قوله تعالى:
" فأجمعوا أمركم " [2] أي اعزموا وثانيهما: الاتفاق. وقد نقل في الاصطلاح: إلى اتفاق خاص، وهو اتفاق من يعتبر قوله من الأمة في الفتاوى الشرعية على أمر من الأمور الدينية.
والحق إمكان وقوعه، والعلم به، وحجيته. وللناس [3] خلاف في المواضع الثلاثة: فزعم قوم أنه محال، وأحال آخرون [4] العلم به مع تجويز وقوعه، ونفى ثالث حجيته [5] معترفا بامكان الوقوع والعلم به. والكل باطل، والذاهب إليه شاذ، وحججه [6] ركيكة واهية، فهي بالاعراض عنها أجدر، والاضراب عن حكايتها والجواب عنها أليق.
وقد وقع الاختلاف بيننا وبين من وافقنا على الحجية من أهل الخلاف في مدركها: فإنهم لفقوا لذلك وجوها من العقل والنقل لا يجدي طائلا. ومن شاء أن يقف عليها فليطلبها [7] من مظانها، إذ ليس في التعرض لنقلها كثير فائدة.