مع التقييد بشيء وجوداً، كالطهارة مثلا فتنتزع منه الشرطية، أو عدماً كالنجاسة مثلا، فتنتزع منه المانعية.
(الثالث) ما يكون مجعولا بالجعل التشريعي مستقلا، كالملكية و الزوجية، و ذكر أن الوجه- في عدم كون القسم الأول مجعولا بالجعل التشريعي- أن اتصاف الأسباب و الشروط بالسببية و الشرطية ليس قابلًا للجعل الشرعي، و لا منتزعاً من التكليف، لكونه متأخراً عنه حدوثا و بقاءً، بل الاتصاف إنما هو لخصوصية مؤثرة في التكليف، و إلا يلزم أن يكون كل شيء مؤثراً في كل شيء، و هذه الخصوصية و الربط شيء خارجي لا يحصل بمجرد الجعل التشريعي و الإنشاء، و لا يكون منتزعاً من التكليف، لكونه متأخراً عنه، كما ذكرنا، هذا ملخص كلامه (ره).
و قبل التعرض لتحقيق الأقسام المذكورة، لا بد من التنبيه على أمر، و هو أنه كما تنتزع الأمور الانتزاعية من الأشياء الخارجية، كذلك تنتزع من الأمور الاعتبارية، فانه إذا ترتب وجود شيء على شيء آخر في الخارج، تنتزع منه السببية و المسببية لهما، فكذلك الحال في الأمور الاعتبارية، فإذا جعل المولى حكمه مترتباً على شيء، كما إذا قال: «من حاز ملك»، أو «من مات فما تركه لوراثه»، فتنتزع منه السببية و يقال: إن الحيازة سبب لملكية الحائز، و موت المورّث سبب لملكية الوارث، و هكذا، فلا فرق من هذه الجهة بين الأمور الخارجية و الأمور الاعتبارية، فانها أيضا من الأمور الواقعية المحققة التي تترتب عليها الآثار، غاية الأمر أن تحققها إنما هو في عالم الاعتبار، و أمرها بيد المولى.
و بما ذكرنا ظهر الفرق بين الأمور الاعتبارية و الانتزاعية، فان الأمور الانتزاعية ليس بإزائها شيء سوى منشأ الانتزاع، بخلاف الأمور الاعتبارية، فان