و ما في الكفاية- من انه لو كان عبارة عن نفس العمل بفتوى الغير، لزم أن يكون العمل الأول بلا تقليد، فانه غير مسبوق بالعمل- لا وجه له، فانه لا دليل على سبق التقليد على العمل، بل المعتبر أن لا يكون العمل بلا تقليد. و هذا المعنى موجود في العمل الأول أيضا. فانه عمل مستند إلى فتوى المجتهد.
و أما مسألة جواز البقاء على تقليد الميت و حرمة العدول عن تقليد الحي إلى الآخر فليست متفرعة على أن معنى التقليد هو الالتزام بالعمل، بان يقال كما قيل: لو التزم بالعمل و لم يعمل، فمات المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده. و كذا لو التزم و لم يعمل، يجوز العدول عنه إلى الآخر. و أما لو عمل يجوز البقاء في الأول و لا يجوز العدول في الثاني. هذا إذا كان التقليد عبارة عن العمل. و أما لو كان عبارة عن الالتزام، فيجوز البقاء في الأول، و لا يجوز العدول في الثاني بعد الالتزام و لو لم يعمل. و ذلك، لأن الحكم- في كل واحدة من المسألتين من حيث السعة و الضيق- تابع للمدرك فيهما. بلا فرق بين أن يكون التقليد عبارة عن الالتزام أو العمل. و سنتعرض للمسألتين عن قريب إن شاء اللَّه تعالى.
(الكلام في أحكام التقليد)
و يقع البحث عنها في مسائل:
(المسألة الأولى)- أنه لا ينبغي الريب في جواز التقليد للعامي في الأحكام الشرعية العملية.
و تدل عليه السيرة العقلائية، فانها قد جرت على رجوع الجاهل إلى العالم في أمورهم الراجعة إلى معادهم و معاشهم، بل هو أمر فطري يجده كل من راجع نفسه و ارتكازه. و هذا كاف في إثبات الحكم بعد ما سنذكره من عدم