و منع العلامة النائيني (ره) عن جريان الاستصحاب في القسم الثالث، بدعوى أن الحافظ للوحدة في الأمور التدريجية غير القارة كالحركة هو الداعي، فمع وحدة الداعي تكون الحركة واحدة، و مع تعدده تكون الحركة متعددة، و حيث أن الداعي الأول قد انتفى في القسم الثالث يقيناً، فتكون الحركة الحادثة بداعٍ آخر على تقدير وجودها غير الحركة الأولى، فلا يصح جريان الاستصحاب، لاختلاف القضية المتيقنة و المشكوكة.
و قد ظهر جوابه مما ذكرنا، فان الحافظ للوحدة ليس هو الداعي، بل هو الاتصال، فما لم يتخلل العدم فالحركة واحدة و ان كان حدوثها بداعٍ و بقاؤها بداعٍ آخر، و إذا تخلل العدم، كانت الحركة متعددة و إن كان الداعي واحداً. و قد نقضنا عليه (ره) في الدورة السابقة بالسجدة، فمن سجد في الصلاة بداعي الامتثال ثم بعد إتمام الذّكر بقي في السجدة آناً ما للاستراحة مثلا، فهل يمكن القول ببطلان الصلاة لأجل زيادة السجدة؟
و ربما يتوهم في المقام أن الاستصحاب في هذا القسم و إن كان جارياً في نفسه إلا أنه محكوم بأصل آخر، فان الشك في بقاء الحركة مسبب عن الشك في حدوث داعٍ آخر و الأصل و عدمه.
و فساد هذا التوهم أوضح من أن يخفى، فان ارتفاع الحركة ليس من الآثار الشرعية لعدم حدوث الداعي الآخر، فلا يمكن إثبات ارتفاعها بأصالة عدم حدوثه، إلا على القول بالأصل المثبت، فتحصل أن الصحيح جريان الاستصحاب في جميع الصور الثلاث ما لم يتخلل العدم، و مع تخلله لا يبقى موضوع لجريانه.
ثم إنه ذكر صاحب الكفاية (ره): أنه لا مانع من جريان الاستصحاب في مثل الحركة و لو بعد تخلل العدم إذا كان يسيراً، لأن المناط في الاستصحاب هو