و ليعلم أنه يجب تصديق النبي صلى اللَّه عليه و آله في كل ما جاء به من الأحكام الإلزامية و غير الإلزامية، بل فيما أخبر به من الأمور التكوينية الخارجية، من الأرض و السماء و ما فيهما و ما تحتهما و ما فوقهما، فان تصديقه صلى اللَّه عليه و آله في جميع ذلك واجب، و لكنه خارج عن محل البحث، لكونه من أصول الدين لا من الفروع، باعتبار أن تصديقه صلى اللَّه عليه و آله في جميع ذلك يرجع إلى تصديق نبوته صلى اللَّه عليه و آله و يجب أيضا الإتيان بالواجبات التعبدية مضافا إلى اللَّه سبحانه و تعالى و متقرباً بها إليه على ما ذكرناه في بحث التعبدي و التوصلي، و هذا الوجوب- أي وجوب الإتيان بالعبادات مع قصد التقرب- أيضا خارج عن محل الكلام، فانه مختص بالتعبديات، و وجوب الموافقة الالتزامية على تقدير تسليمه لا اختصاص له بالتعبديات، بل يجري في التوصليات أيضا، فليس المراد من الموافقة الالتزامية- في محل الكلام- هو الإتيان بالواجب مع قصد القربة، بل المراد هو الالتزام القلبي بالوجوب المعبر عنه بعقد القلب، فيكون كل واجب- على تقدير وجوب الموافقة الالتزامية- منحلا إلى واجبين: العمل الخارجي الصادر من الجوارح، و العمل القلبي الصادر من الجوانح.
ثم إنهم ذكروا أن ثمرة هذا البحث تظهر في جريان الأصل في موارد دوران الأمر بين المحذورين، و في أطراف العلم الإجمالي، فيما إذا كانت الأطراف محكومة بالتكليف الإلزامي، فعلم إجمالا بارتفاعه في بعض الأطراف، فعلى القول بوجوب الموافقة الالتزامية لا يجري الأصل لكونه منافياً للالتزام بالحكم الواقعي