(التنبيه الثاني) [عدم الملازمة بين الموافقة و المخالفة القطعيين]
بعد ما عرفت أن تنجيز العلم الإجمالي و عدمه يدور مدار جريان الأصول في أطرافه و عدمه، يظهر لك انه لا ملازمة بين وجوب الموافقة القطعية و حرمة المخالفة القطعية، بل يمكن التفكيك بينهما فيما إذا جرى الأصل في بعض الأطراف دون بعض لجهة من الجهات، فلا تجب الموافقة القطعية، و إن حرمت المخالفة القطعية. نعم فيما إذا لم يجر الأصل في شيء من الأطراف للمعارضة، تجب الموافقة القطعية كما تحرم المخالفة القطعية، فإذا علم إجمالا بحرمة أحد المائعين مثلا، كانت أصالة الإباحة في كل منهما معارضة بمثلها في الآخر، فتجب الموافقة القطعية بالاجتناب عنهما، كما تحرم المخالفة القطعية بارتكابهما معا.
و أما إذا علم بحرمة الجلوس في إحدى الغرفتين في زمان معين، فيسقط الأصلان للمعارضة، و تجب الموافقة القطعية بترك الجلوس فيهما و ان كانت المخالفة القطعية غير محرمة، لعدم التمكن منها، و عليه فلا وجه لما ذكره المحقق النائيني (ره) من عدم وجوب الموافقة القطعية فيما إذا لم تحرم المخالفة القطعية. و رتب على هذا جواز الاقتحام في أطراف الشبهة غير المحصورة، من جهة عدم حرمة المخالفة القطعية، لعدم التمكن منها.